الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خلفيات الاستهداف السعودي

خلفيات الاستهداف السعودي

08.12.2013
محمد مصطفى علوش


الشرق القطرية
السبت 7/12/2013
الاستهداف المركز للسعودية وسياستها الخارجية أمرٌ لا تخطئه العين هذه الأيام .. قبل أيام هاجم نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد السعودية قائلا:"هذه القيادة وهذه الأسرة الحاكمة لا تنتمي إلى الشعب السعودي .. والتحالف الإسرائيلي السعودي هو امتداد طبيعي لهذا الدور الإجرامي والتحالف بين القيادة السعودية وإسرائيل ليس بجديد وإنما استمرار للمؤامرة على سورية". بعدها بأيام خرج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليعلن صراحة أن من استهدف السفارة الإيرانية في لبنان هي كتائب عبد الله عزام الجهادية المرتبطة بالمخابرات السعودية على حد وصفه. في اليوم التالي لحديثه، خرج رئيس الجمهورية ميشال سليمان رافضا اتهام السعودية دون سند قضائي. المستغرب في الأمر هو توجيه السيد نصر الله  الاتهام للسعودية مباشرة في حين أن أولياء الدم، وهم الإيرانيون، تحاشوا اتهام أي بلد عربي بما فيها السعودية بالوقوف وراء تفجير السفارة، بل إن السياسية الإيرانية بعد الاتفاق النووي مع الدول الست تظهر بشكل ملفت رغبة شديدة بالتقارب مع الرياض في وقت تمتنع الأخيرة فيه من إعطاء أي اشارة تعكس ما تبطنه من اليد الإيرانية الممدودة. قد يقول قائل إن حسابات الرئيس سليمان الرافض لاتهام السعودية تختلف عن حسابات السيد نصر الله، فالرئيس سليمان يعلم تماما أن الاستقرار في لبنان يتوقف على ولادة التفاهم السعودي - الإيراني ، فضلا عما تقوم به دول الخليج لدعم الاقتصاد اللبناني بتسيير عجلاته عبر ضخ دماء في شرايين مصارفه واستيعاب أعداد لا بأس بها من اليد العاملة اللبنانية في الخليج.. ألا يعلم السيد نصر الله ذلك ؟ دون شك هو يعلم، إذن ما الذي يحمله على تصعيد الصراع مع السعودية؟
 اغتيال القائد العسكري لحزب الله حسان اللقيس في البقاع يوم الأربعاء الفائت وشى بحجم الصراع الاستخباراتي الذي يدور في المنطقة، فالرجل غير معروف حتى داخل البيئة الحاضنة للحزب فضلا عن أن عملية الاغتيال أظهرت حرفية عالية عند مرتكبيها، وهو ما يبعد احتمال وقوف جماعات متشددة خلفها، وهنا لابد لأصابع الاتهام أن تتجه إلى إسرائيل، وليس إلى أي جهة أخرى. خصوم حزب الله في لبنان تشككوا في أن تكون إسرائيل وراء العملية، إلا أن الحزب وعلى لسان أحد نوابه قال: إن توجيه الاتهام لغير إسرائيل يهدف لإثارة الفتنة المذهبية. والغريب، كيف يرى حزب الله في إبعاد التهمة عن إسرائيل أمرا مثيرا للفتنة المذهبية في حين يجاهر الحزب باتهام السعودية في قضية السفارة دون أن يقلق من تفجر الصراع المذهبي في لبنان والمنطقة ؟.
وسواء سلمنا بصحة هذه الاتهامات أم لا ، فعلى ما يبدو، خطوط الصراع المذهبية والسياسية والجغرافية قد ارتسمت بتفاصيلها على تخوم الحدود الفاصلة بين النفوذين الإيراني والسعودي في المنطقة، انطلاقا من إقليم عربستان في إيران حيث أكثرية عربية ليست على وفاق مع النظام الحاكم في إيران، وصولا إلى المنطقة الشرقية في السعودية حيث أكثرية شيعية تشعر بالغبن دون أن ننسى مناطق النفوذ وقواعد الاشتباك الممتدة من البحرين إلى العراق فلبنان وصولا إلى سوريا حيث الملحمة الكبرى وحرب الإلغاء الدائرة.
وعند الحديث عن صراع الفيلة ننسى أو نتناسى بغير قصد ، وأحيانا كثيرة عن سابق تصميم واصرار ، تطلعات الثائرين للحرية والكرامة التي تتلاشى رويدا رويدا تحت صهيل الخيول وقرقعة السيوف .
حلفاء ايران في المنطقة يراهنون أن الأمور تتجه في سوريا الى تفاهم دولي يتبعه تفاهم اقليمي ، فحواه التركيز على مواجهة ما يعتبر خطرا حقيقيا للجميع ، إنها القاعدة وأخواتها التي تتزايد بكثرة في سوريا ، وقد تشكل هلالا سنيا متشددا خارطته سوريا ، لبنان ، الارن، العراق وربما يتصل باليمن ضاربا في العمق السعودي ، وهذا ما لا يمكن لدول الخليج أن تتحمله أو تطيقه. من هنا الرهان على قبول الخليج عاجلا أم آجلا تسوية سياسية نضجت دوليا ، ويسعى الى تسويقها اقليميا تجمعها المصلحة المشتركة للمحور الإيراني مع بقية المحاور الفاعلة في المنطقة للقضاء على التنظيمات الجهادية المتشددة ، يصار خلالها الى توافق على تقاسم النفوذ وحدوده ، والى أن تنضج التسوية لا بد من رفع السقف هنا وهناك !