الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خلفية الضربة على النظام السوري من المنظار الداخلي الأميركي

خلفية الضربة على النظام السوري من المنظار الداخلي الأميركي

10.09.2013
ماهر الشعار



المستقبل
الاثنين 9/9/2013
قد يبدو للوهلة الاولى ان الضربة الاميركية المحتملة على سوريا هي رد عسكري لمعاقبة النظام السوري على استعمال السلاح الكيمياوي. ولكن يتبين لمراقب السياسة الاميركية الداخلية والخارجية ان هذا الرد المحتمل على ممارسات النظام السوري هو وليد بعض العوامل الداخلية التي تقاطعت بالوضع السوري والسياسة الاميركية الخارجية تجاهه والتالي شرح لبعض هذه العوامل.
اولا: من الواضح ان الولايات المتحدة قد فشلت ومن ورائها الدول الاوروبية من تحقيق اي تقدم على الخط السياسي لحل الازمة السورية عبر عقد صفقة مع روسيا. فمن المعروف ان الولايات المتحدة حاولت استغلال الوضع السوري في بدايات الازمة لعقد صفقة مع روسيا تتضمن بالاضافة للوضع السوري بعض الامور العالقة في العراق وايران ودول اوروبا الشرقية القديمة وبسبب هذا الفشل لقد تعرض اوباما الى حملة انتقادات واسعة داخل الولايات المتحدة والقرار بالتدخل عسكريا في هذه المرحلة قد يكون بسبب هذه الضغوطات او كوسيلة للهروب الى الامام.
ثانيا: عند بدء الازمة السورية في عام كان الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة سيئا وكان الرئيس الاميركي مشغولا بحملة اعادة انتخابه. اما الآن فان كل المؤشرات الاقتصادية تشير الى تحسن الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة مما افسح المجال للرئيس اوباما في التركيز على السياسة الخارجية لادارته الجديدة.
ثالثا: لقد تعرض الرئيس اوباما منذ انتخابه عام لانتقادات واسعة تتهمه بـ"القيادة من الخلف" كما ان بعض وسائل الاعلام اتهمته بالتخاذل وبكونه متردداً وغير قادر على اتخاذ قرارات على المستوى الدولي مما ادى الى تضاؤل اهمية الولايات المتحدة وتأثيرها في المسرح الدولي. وقد يكون اوباما في اواخر ولايته الثانية مهتم بانقاذ سمعته كرئيس لاعظم دولة بالعالم واكثرها قوة من خلال قيامه بعمل عسكري حتى بدون موافقة مجلس الامن في الامم المتحدة. فقد تبين في الايام الاخيرة ان الادارة الاميركية غير معنية بالمشاورات التي تجري في الولايات المتحدة وان الرئيس اوباما وبالرغم من انه يدأب على القول انه يقوم باستشارة الدول الاخرى هو مستعد للقيام بعمل احادي الجانب للظهور بمظهر القوي.
رابعا: من المعلوم ان المسألة الاساسية اللتي تشغل الادارة الاميركية على الصعيد الخارجي كانت ولا تزال المسألة الايرانية والرئيس اوباما وبالرغم من انه وعد الناخب الاميركي بمقاربة هذا الملف بطريقة جديدة لحله فانه فشل حتى الان بتحقيق اي خرق على هذا الصعيد ولذلك فان هذه الضربة المحتملة الى سوريا قد تكون رسالة الى ايران بقدر ما هي الى النظام السوري.
خامسا: ان الولايات المتحدة لديها مصالح كثيرة في المنطقة بخاصة مع دول الخليج العربي التي قد اظهرت امتعاضها من الادارة الاميركية وادارتها للازمة وقد تكون هذه الضربة المحدودة كما وصفها البيت الابيض هي لحفظ ماء الوجه او save face كما قالت بعض وسائل الاعلام في الولايات المتحدة.
سادسا: ان السياسة الخارجية للولايات المتحدة الاميركية هي نتيجة للتفاعل بين مقاربتين مختلفتين للاوضاع الدولية، الاولى هي مقاربة الحزب الجمهوري ممثلا باشخاص امثال جون ماكين الذي دعا الى اسقاط النظام منذ بدء الازمة السورية. والمقاربة الاخرى هي للحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه اوباما والذي يدعو بشكل عام الى عدم التدخل العسكري بتاتا ولذلك فان قرار اوباما بتوجيه ضربة محدودة الى سوريا بالاضافة الى رجوعه الى الكونغرس قبل توجيه هذه الضربة، بالرغم من انه ليس بحاجة الى ذلك دستوريا، قد يكون حلا وسطيا يرضي جميع الاطراف الداخلية في الولايات المتحدة.
وهكذا يتضح من ان خلفيات هكذا ضربة محتملة على سوريا تتطابق بالضرورة مع تطلعات الشعب واهداف المعارضة ولذلك لا يسعنا الا ان نتمنى ان تعجل هذه الضربة ان حصلت الى انهاء الازمة السورية بطريقة ما وبأقل خسائر بشرية ومادية.