الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خيارات بايدن في سوريا 

خيارات بايدن في سوريا 

03.12.2020
رضوان زيادة



سوريا تي في 
الاربعاء 2/12/2020 
أولا: وجود القوات الأميركية في سوريا: 
لدى الولايات المتحدة وجود عسكري ليس كبيراً في سوريا ما يعادل 200 إلى 300 جندي يتمركزون في شرقي سوريا لكنه استراتيجي إذ تسيطر القوات الأميركية على المناطق التي كانت يوماً ما تحت سيطرة داعش، وهي مناطق غنية بالنفط وتسمح الولايات المتحدة حاليا لما يسمى بقوات قسد بالاستفادة من عائداتها النفطية بشكل غير مشروع من أجل تمويل عملياتها في المنطقة. 
وبالرغم من الجدل الكبير الذي أعقب تصريح الرئيس ترامب في عام 2019 عن انسحاب القوات الأميركية من سوريا ثم وضع جدول زمني لذلك لا يتجاوز ستة أشهر، وأعلن الرئيس الأميركي إبقاء القوات الأميركية هناك لكنه أعلن أن الدول الإقليمية ودول الخليج يجب أن تتحمل كلفة بقاء هذه القوات إذا كانت ترغب في مقارعة الوجود الإيراني ومنع تمدد نفوذه. ولذلك ساهمت المملكة العربية السعودية بمبلغ يفوق عن 100 مليون دولار في تمويل عمليات قسد في شمال شرقي سوريا. 
هذا الموقف أغضب تركيا التي تتقاسم أكثر من 600 ميل حدودي مع سوريا وبالتالي ترى أي تدخل لدعم قوات قسد المشكلة من حزب العمال الكردستاني تهديداً لها، ولذلك دخلت الولايات المتحدة في صراع سياسي مع تركيا وصل حد التهديد بعقوبات اقتصادية على حليف رئيسي في الناتو. فضلا عن شراء تركيا منظومة الصواريخ الروسية 400 والتي تعترض الولايات المتحدة بشدة على تشغيلها بالرغم من وجودها في دول أعضاء في الناتو أيضا مثل اليونان. 
ربما يكون الموقف الأول الذي سيعلنه بايدن في سوريا هو الحفاظ على عديد القوات الأميركية هناك وربما زيادتها إلى بضعة مئات أخرى مع ازدياد عمليات تنظيم الدولة داعش في البادية السورية وبالتالي لا يمكن أن يكرر بايدن خطأ أوباما بسحب القوات من العراق قبل ضمان الانتهاء كليا من تنظيم داعش في سوريا الذي بدأ بتجميع قواه في ظل عدم اكتراث النظام السوري لتمدده والتركيز على التحضير لعملية عسكرية في إدلب. 
لكن وجود القوات الأميركية في سوريا يجب أن يكون ضمن خطة استراتيجية وأهداف واضحة وليس مجرد الحفاظ على النفط كما كان ترامب يردد، يجب أن تتضمن الخطة  أيضا دعما من حلفاء الولايات المتحدة في الناتو، ولذلك يمكن أن يخلق وجود هذه القوات ميزة استراتيجية للولايات المتحدة في التفاوض مع روسيا حول الانتقال السياسي في سوريا وإجبار نظام الأسد على قبول القرار 2254 الذي يتضمن تشكيل هيئة حكم انتقالي وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تحت إشراف الأمم المتحدة، لذلك على الرئيس المنتخب بايدن أن يعزز القوات الأميركية في سوريا وربطها ضمن خطة استراتيجية أوسع تتضمن حلا سياسيا في سوريا.  
ثانياً الانتقال السياسي في سوريا: 
لا يتوقع أن تغير روسيا من سياستها في سوريا وهي التظاهر بالرغبة في الحل السياسي لكن دعم الأسد عسكريا على الأرض من أجل القضاء على كل جيوب المعارضة وحمايته سياسيا في مجلس الأمن الدولي حيث استخدمت روسيا حق النقض الفيتو أكثر من 15 مرة من أجل منع إدانة نظام الأسد على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها بحق السوريين المدنيين، وقد حاولت مؤخرا إجبار نظام الأسد على تنظيم مؤتمر شكلي من أجل اللاجئين السوريين مني بفشل ذريع بعد تسريب مقطع صوتي لمنظميه يسخرون من المؤتمر وحضوره وأهدافه وعليه يجب أن تدرك إدارة بايدن القادمة أن الموقف الروسي لن يتغير طالما بوتين بقي في الحكم في روسيا طالما أنه استثمر كثيرا في الحرب السورية ولا يتوقع أن يغير استراتيجيته هناك فالنظام السياسي الروسي اليوم شبيه تماما بالنظام السوري فيما يتعلق بآليات السيطرة والتحكم داخل المجتمع الروسي، فكل الإعلام الروسي تحول إلى بروبوغاندا دعائية للكرملين في حربه في سوريا ضد "الإرهاب فهناك موقف موحد بأن ما يفعله بوتين في سوريا هو الصحيح وأن الغرب لا يريد لروسيا النجاح في سوريا وكل سوري يعارض الموقف الروسي يصبح ببساطة "إرهابياً". 
أعتقد أن بايدن هناك سيكون مختلفا عن الرئيس أوباما وبالطبع ترامب الذين تجاهلا الانتقال السياسي في سوريا وقاما بالتركيز في القضاء على تنظيم داعش وإهمال الوضع الإنساني والاقتصادي المزري للسوريين في الشمال السوري وفي مناطق النظام، على الولايات المتحدة هنا أن تنشط دبلوماسيتها السياسية بحدها الأقصى لبناء أو إعادة بناء تحالف أصدقاء سوريا بهدف زيادة الضغوط على روسيا ونظام الأسد من أجل القبول بحل سياسي يضمن تطبيق القرار 2254 وربما مدخل إدارة بايدن هنا بعد فشل المفاوضات السياسية في جنيف وأستانا هو الدفع باتجاه انتخابات رئاسية وبرلمانية في سوريا تحت إشراف كامل من الأمم المتحدة كما ينص القرار 2254 ، على أساس أن الانتخابات هي وحدها من يسمح بولادة حكومة تمثيلية تسمح ببسط سيادتها على كل الأراضي السوري وتدفع باتجاه خروج كل الميليشيات الأجنبية وعلى رأسها الميليشيات الإيرانية. 
وفي الوقت نفسه يجب على الولايات المتحدة أن تفعّل قانون قيصر بفرض عقوبات على الشركات والمصالح الروسية التي تقوم بانتهاكات لحقوق الإنسان في سوريا وعدم اقتصار العقوبات على الشركات والأفراد السوريين والإيرانيين فمن المهم أن تدفع روسيا ثمن جرائمها في سوريا وأن تفكر جديا في جدوى استمرار دعمها لنظام الأسد مع تحول سوريا إلى دولة فاشلة بالكامل مع انعدام كل مقومات الحياة الأساسية من انعدام للغاز والوقود ومياه الشرب والكهرباء فضلا عن تقنين رغيف الخبز عبر ما يسمى البطاقة الذكية بسبب انخفاض محصول القمح وعدم قدرة النظام على شراء القمح لانعدام العملة الصعبة لديه. 
كما من المهم على إدارة بايدن اشتراط إعادة الإعمار بالانتقال السياسي، فلا يمكن لنظام الأسد أن يحصل على عائدات جرائم الحرب التي ارتكبها بحق السوريين عبر ما يسمى إعادة الإعمار، والضغط على الدول العربية التي تفكر في تطبيع العلاقات معه بفرض المزيد من العقوبات عليها وعلى الشركات التي تحاول مساعدة نظام الأسد في حربه ضد الشعب السوري.