الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خيارات ما بعد "جنيف2"

خيارات ما بعد "جنيف2"

13.01.2014
د. شملان يوسف العيسى


الاتحاد
الاحد 12/1/2014
يصل وزير الخارجية الأميركي للمنطقة في محاولة لتحريك مؤتمر "جنيف2" لحل المشكلة السورية. والسؤال: هل هُنالك إمكانية للوصول إلى حل سلمي يرضي الطرفين في سوريا بحيث يقبل النظام والمعارضة بمرحلة انتقالية تنقذ سوريا من استمرار ويلات الحرب؟ حتى هذه اللحظة يصر الوفد الرسمي السوري الذاهب إلى سويسرا على أن مهمته الرئيسية هي محاصرة الإرهابيين والجهاديين الذين نزحوا إلى سوريا لتقويض نظام الحكم، بينما ترى المعارضة ممثلة بالائتلاف السوري أن لا مكان لنظام الأسد في مفاوضات "جنيف2" وأنها لن تشارك إذا لم يتم بحث مستقبل سوريا بعد الأسد والموافقة على تشكيل حكومة مؤقتة لسوريا.
يبدوا أن هناك استحالة في عقد المؤتمر، لأنه لا يوجد أي اتفاق في مجلس الأمن، وهذه عقبة رئيسية أمام الوصول إلى حل سلمي للمعضلة السورية، خصوصاً أن العرب وجامعتهم غير قادرين على وقف حمام الدم الذي يهدر يومياً في سوريا دون أن يتدخل المجتمع الدولي لحقنه.
فما العمل؟ وما هي الخيارات المتاحة لحل المعضلة السورية إذا فشل مؤتمر "جنيف2"؟ يبدو حتى كتابة هذه السطور أن انعقاد المؤتمر يكاد يكون مستحيلا. فهل ستدخل الحرب الأهلية السورية عامها الرابع من دون بروز أي بريق أمل للوصول إلى حلول سلمية، لاسيما أن استمرار الحرب قد جعل القضية أكثر تعقيداً، ليس على المستوى المحلي السوري فقط، وإنما أيضاً في لبنان الذي بدأ يشهد تفجيرات وأعمال قتل على الهوية بين اللبنانيين الذين كانوا متعايشين داخلياً لسنوات طويلة.
الحرب الأهلية السورية امتدت كذلك إلى العراق، حيث أصبحت المسألة الطائفية أكثر تعقيداً عن السابق، ولا توجد حلول مرضية للطرفين من دون وجود حكومة وحدة وطنية في العراق بعيدة عن الطائفية البغيضة.
ماذا يعني استمرار الحرب الأهلية في سوريا بعد "جنيف2"؟
الأمر المؤكد أن الأمور أصبحت أكثر تعقيداً مما كانت عليه سابقاً. ففي بداية الحرب الأهلية كانت المطالب في عام 2011 بسيطة ومتوافقة، وهي نظام ديمقراطي يسمح بمشاركة الجميع، وبإطلاق الحريات، ووضع حد لهدر الكرامة الإنسانية، وبإقامة مجتمع العدالة والمساواة. لكن استمرار الحرب الدموية والقتل أدى إلى بروز ظواهر جديدة لم تكن موجودة في ربيع 2011، منها بروز الطائفية البغيضة، وظهور جماعات إسلامية جهادية متطرفة ذات نزعة إقصائية.
فما هي خيارات المجتمع الدولي إذا فشلت مفاوضات "جنيف2"؟ إن استمرار الحرب يعني مزيداً من القتل والتشريد والدمار والخراب، لكن يبدو أن الوصول إلى الحلول السلمية أمر مستحيل في هذه المرحلة لأن روسيا وإيران والصين تدعمان نظام الأسد، وبقية المجتمع الدولي، ومعه العرب، عاجز عن فرض تسوية مرضية. الأمر المؤلم هو احتمال أن تستمر الحرب الأهلية السورية ولمدة طويلة، لأن أياً من الطرفين لن يستطيع حسمها لصالحه، ما يعني مزيداً من المعاناة والمآسي للشعب السوري، واستمرار استنزاف الثروات العربية، المادية والبشرية، في حروب عبثية ولا مبرر لاستمرارها.