الرئيسة \  واحة اللقاء  \  خيار بشار الأسد الأخير !

خيار بشار الأسد الأخير !

03.09.2013
صالح القلاب


الرأي الاردنية
الاثنين 2/9/2013
كثر الحديث وإزدادت التكهنات ،بعد معركة «الكيمياوي»، التي لم تصل بعد إلى حلقاتها الخطرة، حول إحتمال أن يكون خيار بشار الأسد ،الذي يبدو أنه سيخسر كل الخيارات، هو خيار إقامة الدولة المذهبية «العلوية» التي كانت طُرحت في مرحلة الإستعمار الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى على الجزء الساحلي من سوريا الذي يشمل مدن اللاذقية وجبلة وطرطوس وبانياس وأيضاً مدينة القرداحة التي كانت قبل بدايات سبعينات القرن الماضي مجرد بلدة صغيرة وأصبحت بعد كل هذه الأعوام على ما هي عليه الآن.
لن تمر جريمة إستخدام الأسلحة الكيمياوية مرور الكرام والواضح أنَّ الأميركيين ،كما قال باراك أوباما، سيلجأون حتماً إلى العملية العسكرية التي غدت محسومة رغم إحالة قرارها إلى الكونغرس الأميركي ليس لمعاقبة نظام بشار الأسد وفقط وإنما قبل ذلك إلى إفهام الإيرانيين وحزب الله وكوريا الشمالية أنَّ التلاعب بـ»المحرمات» ستكون عواقبه وخيمة وان الأمن الدولي لن يُترك لأمزجة المراهقات والألاعيب الصبيانية السياسية.
ولهذا ولأن الأميركيين ومن معهم أرادوا الضربة العسكرية المرتقبة ،التي من الواضح أنَّ الكونغرس الأميركي لن يعيقها وأنه لن يفعل ما فعله مجلس العموم البريطاني، كعملية تأديبية ليس لبشار الأسد فقط وإنما للولي الفقيه الإيراني علي خامنئي ولرئيس كوريا الشمالية ولزعيم حزب الله حسن نصر الله فإن هذه الضربة لن تكون وعلى الإطلاق نقطة النهاية وإنما نقطة البداية والبداية هي فتح ملف إغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وفتح ملف الإرهاب من أوله إلى آخره وأيضاً وبالطبع إستكمال قصة إمتلاك الأسلحة الكيمياوية وإستخدامها وهذه قصة طويلة ستمر في محطات خطيرة كثيرة.
ستتم هذه الضربة العسكرية التي غدت متوقعة بعد التاسع من هذا الشهر وستكون لها إنعكاسات وتجليات كثيرة من بينها أنَّ بشار الأسد لن يبقى في دمشق وأن اللون الطائفي من جيشه سوف ينتقل إلى جبال «النصيريين» وإلى الساحل السوري إن أمكن وهذا معناه ان الدولة العلوية التي طال الحديث عنها قد تصبح خياراً مطروحاً لكنه خيارٌ لن يكتب له النجاح حتى وإنْ ألقت طهران بكل ثقلها العسكري والسياسي لتحقيقه.
إن المؤكد أن كثيرين من رموز الطائفة النصيرية (العلوية) ،التي إستطاع حافظ الأسد بعد إنقلابه في عام 1970 أن يختطفها من أيدي كبار عائلاتها القيادية التاريخية، سيقفون ضد هذه المؤامرة كما كانوا وقفوا ضد محاولات إنفصالية سابقة وكذلك فإن تركيا التي تعاني من هذا الصداع المذهبي لا يمكن أن تقبل بخطوة كهذه وحتى وإن تطلَّب الأمر القيام بعشرة حروب إقليمية متتالية.
ستحاول إيران بكل جهدها ،إنْ هي فقدت هيمنتها على سوريا في حال فقدان بشار الأسد حكمه في دمشق، تشكيل جناح الهلال الطائفي الذي تسعى إليه بإقامة دويلة علوية-شيعية ذات إمتداد سوري ولبناني وذات بُعدٍ عراقي وهذه مسألة يبدو أنها غدت محسومة وإلاَّ لماذا يرعى الولي الفقيه هذه الحرب المذهبية المحتدمة في العراق ولماذا كل هذا التواجد لفيلق القدس بقيادة الجنرال قاسم سليماني في هذه المنطقة ولماذا تم إقحام العامل المذهبي في الأزمة السورية التي لم تتخذ هذا الطابع الطائفي البغيض إلاَّ بعد التدخل الإيراني السافر في الشؤون الداخلية لهذا البلد العربي.
إنه من غير الممكن أن يبقى نظام بشار الأسد قائماً بعد كل هذه التطورات الأخيرة والمتوقعة ولهذا فيجب أن يضع العرب الذين يوجعهم هذا الوجع في إعتبارهم أن هناك معركة طويلة سيكون عنوانها منع الإيرانيين من أن يستكملوا هلالهم المذهبي هذا بإنشاء دولة علوية-شيعية بإمتداد سوري-لبناني فإستكمال هذا الهلال سيعني أن الفرس سيحققوا أول ثأر لهم رداً على القادسية وأنهم سيواصلون الضغط لإلحاق هزيمة كبرى بالأمة العربية التي يعتقدون أنها عدوهم التاريخي وأنها ستبقى عدوهم التاريخي إلى يوم القيامة.