الرئيسة \  مشاركات  \  داعش أو مسمار جحا لعبة الأمم

داعش أو مسمار جحا لعبة الأمم

04.06.2016
د. محمد أحمد الزعبي




لا يتعلق أمر العلاقة بين داعش ومسمار جحا هنا بالجانب المفاهيمي ، ولا بالجانب التاريخي وإنما بالتساند الوظيفي وبالتالي السياسي بينهما في إطار " لعبة الأمم " التي نشاهدها نهاراً جهاراً فى المنطقة العربية كلها ، وعلى وجه الخصوص في عراق مابعد الغزو الإنجلو - أمريكي عام ٢٠٠٣ ( داعش الزرقاوي ) وفي سوريا مابعد الربيع العربي عام ٢٠١١ ( داعش ابو بكر البغدادي ) . وذلك من حيث التشابه بين الدور الذي لعبه مسمار جحا ( على المجاز ) وداعش ( على الحقيقة ) في دول الربيع العربي، حيث تحولت هذه الصورة الفكاهية ( مسمار جحا ) إلى مقولة شعبية دارجة يستخدمها الناس في أقوالهم وفي ممارساتهم العملية لتفسير بعض الظواهر الاجتماعية التي يشاهدونها بأمّ أعينهم . 
إن ما تسعى إليه هذه المقالة المصغّرة هو فقط إلقاء الضوء على الدور الذي لعبته وتلعبه الدول العظمى ( دول المصنع والمدفع ) في توظيفها لما يسمى " داعش " في مشاريعها الاستعمارية في القرن الواحد والعشرين ، ولا سيما في تبرير تواجدها الميداني في سماء وماء وتراب الوطن العربي ولا سيما في سورية ، من أجل القضاء على ظاهرة الربيع العربي الذي انطلق من تونس عام ٢٠١١ ، و الذي أرعبت شعاراته في المواطنة والحرية والكرامة والديموقراطية وحقوق الإنسان هذه الدول العظمى ، وجعلتها تقف عارية أمام شعوبها ، إِلَّا من ورقتي التوت اللتين تغطي بهما عورتها ( الإمبريالية ) ألا وهما : النفط وإسرائيل ، واللتين باتتا تطبيقياً تفضحان أكثر مما تستران .
يعود ظهور حركة " داعش " كما هو معروف إلى فترة ازدهار وانتصار ثورات. " الربيع " العربي على أنظمة " الخريف " العربي ، الاستبدادية والفاسدة والعميلة ، ويمثل تاريخ هذا الظهور - واقعياً- تاريخ بداية الهجوم المعاكس الذي قاده مثلث : النظام العربي الفاسدالذي أسقطته ثورات الربيع العربي ( الأنظمة العميقة ) ، النظام العربي الفاسد الذي لم يكن قد وصله لهيب هذه الثورات بعد ، و الدول الرأسمالية العظمى التي تقود بنفسها هذا الهجوم المعاكس وهو دور لم تستطع حجبه أو إخفاءه كل الأكاذيب الظاهرة والمستترة ، وكل المعايير المزدوجة ، وكل الجنيفات المتتالية ، وكافة الأدوار المشبوهة التي لعبها بعض ممثلي بان كيمون هنا وهناك ، ناهيك عن الدور الذي لعبته وتلعبه إسرائيل " تحت الطاولة وفوقها " في عملية الحجب والإخفاء هذه . 
وفي رؤيتنا الخاصة لهذا الأمر ، فإن " داعش " تمثل هنا ضرورة استراتيجية لهذه الدول المشتركة في لعبة الحجب والإخفاء والضحك على الذقون ، ولا سيما الدول العربية والإسلامية المنخرطة في لعبة " الطمّيمة " هذه . إن أحدا لايجهل أن المنخرطين في " لعبة الأمم " هذه ، هم من أتاح لداعش أن تبقى وأن تتحول في سورية والعراق خاصة إلى مسمار جحا الذي ينبغي صونه ورعايته ولو تحت شعار كاذب هو ( تدميره !! ) سواء بمعسول الكلام ، على قاعدة " أعذب الشعر أكذبه " أو بطائرات السوخوي ، والطائرات البدون طيار التي غالباً ما كانت تخطئ أهدافها ، وتقتل المدنيين والأطفال والجيش الحر ، بدلاً من " داعش " ، أي بدلا
من " مسمار جحا " الذي غرسته في صدر المنطقة ، الأمر الذي معه أصبحت هذه الداعش. " باقية وتتمدد " ويحتاج القضاء عليها إلى أكثر من عقد من الزمان لأكثر من خمسين دولة ودويلة ، أي إلى أكثر مما احتاجته الحرب العالمية الثانية للقضاء على هتلر وموسوليني قبل سبعين عاماً ( فياسبحان الله !! ) . 
نعم أيها الأخ القارئ ، إن مايسمى ب " داعش " ، ليست أكثر من غرسة غريبة وعجيبة غرستها الإمبريالية العالمية في صدر أمتنا العربية ، لتكون بمثابة المبرر لتواجدها العسكري في بلادنا ، والذي يعتبر من ضرورات الحفاظ على أمنها القومي ، عبر الحفاظ على أهم حليفين لها في منطقتنا العربية ألا وهما : النفط والكيان الصهيوني الدخيل ، وما عدا ذلك فليس له من مسمىً عندي سوى ( الكذب ).