الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "داعش" المزدوج

"داعش" المزدوج

16.08.2014
علي نون



المستقبل
الخميس 14/8/2014
لن يعوّف نوري المالكي طريقة أو وسيلة أو أسلوباً في سعيه إلى ردّ الحكم الذي حكَم عليه بالذهاب إلى البيت، مع أنه يعرف، وبكل المعاني السياسية والفقهية والميدانية والدستورية، أن لا رادَّ لذلك الحكم ولا مناص من الإذعان له.
هي طريقته التي لا تختلف عن طريقة بشار الأسد سوى أن عدّته القتالية صارت تُختصر بسلاحين متنافرين. الأول الشكلي "المحتكم" إلى قرار المحكمة الاتحادية (العليا)! والثاني العملي "المحتكم" إلى توسل الإرهاب المألوف في عالم اليوم!
قلّة مختصة، خارج النسيج السياسي العراقي، كانت تعرف رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي الذي سبق وتبوأ مهمات حكومية ونيابية عدة، لكن لم يسبق أن مرّ خبر واحد طوال الفترة المنصرمة تلك، يدلّ على استهدافه أمنياً.. فجأة بالأمس جاء خبر عن تفجير إرهابي انتحاري وصل إلى نقطة تفتيش في محيط منزله!
وقبل ذلك، وعشية تكليفه من قبل الرئيس العراقي فؤاد معصوم، شهدت المنطقة الخضراء عموماً ومحيط سكن معصوم خصوصاً، انتشاراً أمنياً وعسكرياً كبيراً لقوات مأمورة من قبل المالكي شخصياً...
لم تنفع رسالة التهويل هذه في تغيير قرار معصوم تكليف العبادي، وغالب الظن تالياً، أن الإرهاب الانتحاري، أياً كانت نتائجه، لن يلغي قرار إزاحة المالكي. ولن ينسف التوافق المحلي والإقليمي والدولي الذي قضى بمقاربة مختلفة للوضع العراقي في ضوء وعتمة الانهيارات الصاعقة التي تتالت تحت شعار "داعش" وطلاسم "داعش".
ليست هينّة هذه السالفة. ولا يمكن أن تكون حدود سماعها، هي حدود العراق وحده: "داعش" مثل اسمه ووظيفته، مزدوج في الولادة والنشأة كما في الانتشار والفعل. خرج من سجون بغداد ودمشق. وتغذّى من تركات وعمارات وماليات وخزائن وثكن الجيشين العراقي والسوري. وخدم ولا يزال أهدافاً محدّدة للطقمين الحاكمين في البلدين، وبالتالي فإنّ ضربه والتصدّي له لا يمكن أن يكون جزئياً بل مزدوجاً بدوره، في الجغرافية، وشاملاً في عدّة المواجهة والصدّ.
أي أن التصدّي لذلك الوحش التكفيري لا يمكن أن يكون تاماً في العراق وناقصاً في سوريا! ولا يمكن أن يكون منطقياً وطبيعياً في العراق لجهة تركيب سيبة سياسية - طائفية متجانسة تسند العمل العسكري الميداني وتقطف ثماره وتحافظ على الكيان الوطني بكل مؤسساته وقواه الاجتماعية وجغرافيته الراسية حالياً عند شاطئ فيدرالية الأمر الواقع الكردي.. في حين يكون الأمر في سوريا غير ذلك!
"داعش" في سوريا مثله في العراق. وفظاعاته في سوريا مثلها وأكثر في العراق. وأخطاره في سوريا لا تقل عن تلك التي في العراق، والأسد مثل المالكي وأسوأ.. وتبعاً لذلك ولغيره، لا تستقيم الحرب الشاملة على الإرهاب من دون أخذ هذه الحقيقة في الحسبان، وإلاّ كان الأمر ضرباً من الخبث الذي لم يعد يليق بأحد، والذي لم يعد في قدرة أحد على أي حال، تحمّل تبعاته وتأثيراته؟ ok my obama؟