الرئيسة \  مشاركات  \  داعش وأسد وجه واحد للإجرام

داعش وأسد وجه واحد للإجرام

19.01.2015
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
ارتفعت منذ صعود تنظيم ما يُطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية – داعش / على الساحة العراقية والسورية من خلال سيطرة هذه التنظيم على مناطق واسعة بالعراق وسوريا والاعلان عن قيام تحالف دولي ضد هذا التنظيم ، نبرة المطالبة بإعادة الشرعية لرئيس نظام سوريا بشار اسد وعلى خطوات بطيئة وسريعة دمجه بالمجتمع الدولي من خلال اتصالات سرية وعلنية لدبلوماسيين غربيين كما وتغازل ايران المجتمع الدولي للتقارب منه بحجة استعدادها تقديم جميع المعونات العسكرية وغير العسكرية لمحاربة تنظيم / داعش / ، وقد أكد على ذلك وزير الخارجية الايراني جواد ظريف خلال زيارته ومحادثاته السريعة التي أجرها مع نظيره الالماني فرانك فالتر شتاينماير بالعاصمة برلين يوم الخميس من 15 كانون ثان/ يناير اذ أكد آنذاك ان /داعش / خطر على المنطقة باسرها ودعم حكومته لنظام بشار اسد والحكومة العراقية هو من اجل طرد الارهابيين من سوريا والعراق.
ولكن ما النتائج التي ستسفر عن اعلان الاوروبيين بصراحة وضع يدهم بيد نظام بشار اسد؟ والجواب عليه من خلال مؤتمر للفلسفة السياسية عقد يومي السبت والاحد من 17 و 18 كانون ثان / يناير بالعاصمة برلين يتنظيم من بيت الثقافة الدولي ان الغرب سيفقد وجهه من اكثر شعوب العالم ولا سيما الاوروبيين قبل شعوب دول الشرق الاوسط .
وقد أصبحت / داعش / هاجس يقض الغرب ودول منطقة الشرق الاوسط واحلام مرعبة منها تذهب النوم عن ساسة الغرب ودول منطقة الشرق . هذا التنظيم الذي يؤكد أجهزة المخابرات الدولية النشطة بمنطقة الشرق الاوسط لم يحمل عناصره السلاح ليواجه به بشار اسد ونظامه بل حمل السلاح لمواجهة الفصائل العسكرية التي تواجه بشار اسد وتسعى منذ قيام ما يُطلق عليه بـ / الجيش السوري الحر / للدفاع عن الشعب السوري الذي اضطر لحمل السلاح للدفاع عن نفسه فالغرب الذي أعلن بعد مرور اكثر من ثلاثة اشهر على بدء انتفاضة السوري في آذار من عام 2011 تأييده لمطالب ذلك الشعب الا انه لم يُغلق سفاراته وبسحب سفراءه من دمشق الا بعد قيام السعودية التي تبعتها بعض دول الخليج العربي بسحب سفراءها من عاصمة الامويين علما أن تركيا كانت اول من طالب المجتمع الدولي بدعم الشعب السوري الذي يريد فقط الحرية والعيش الكريم ببلده مطالبة قطع الغرب علاقاته مع بشار اسد محذرة والسعودية ودول خليجية اخرى فقدان الغرب كرامته من الشعوب المسلمة العربية اذا لم يبادر بوضع حد لعلاقاته مع أسد .
ويرى عالم الفلسفة السياسية واستاذ علوم حقوق الانسان في جامعة نورنبيرج هاينر بيليفيلدت احد مؤسسي محكمة العدل الاوروبية ومدير سابق لمعهد حقوق الانسان البرليني بأن الغرب يدعم بشار اسد وملالي ايران بانتهاكات حقوق الانسان في سوريا والعراق وغيرهما من دول الشرق الاوسط فالغرب يعتبر احد الداعمين الرئيسيين لنظامي حافظ وبشار اسد منذ استيلاء العائلة الاسدية على مقاليد السلطة في سوريا بل ومنذ استيلاء حزب البعث على حكم البلد المذكور اذ يرى الغرب بالبعث ونظام اسدين داعم رئيسي وحائل قوي دون استلام شخصيات سياسية مستقلة تتمتع بالانفتاحية والحريات العامة في سوريا وبالتالي بحجة حماية الكيان الصهيوني واستقرار امنه واستمرار الدعم الغربي لنظام اسد طالت مأساة الشعب السوري محاولا بذلك انهاء انتفاضة الشعب السوري بالدعوة الى الحوار بين نظام اسد والمعارضة فبشار اسد وليد الغرب الغير الشرعي .
وتنفي استاذة علوم السياسة الدولية والشرق الاوسط من المعهد الاوروبي للسياسة الدولية بياتريتس سلفادور جارسيا التي كانت تشغل قسم الشرق الاوسط لدى مسئولة شئون السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي كاترين آشتون بان الغرب وراء دعم اسد المطلق مشيرة / وعلى حد تعبيرها / ان أسد ليس ابن الغرب الغير شرعي بل هو غير شرعي على الاطلاق يريد فرض شرعيته على السوريين والاوروبيين والعالم أجمع وهو يريد من خلال اعلانه الحرب ضد تنظيم ما يطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية / اظهاره الغرب بانه ضد الارهاب علما ان الارهاب بالمنطقة وليد النظام السوري بدعم كبير من طهران والبيت الابض بواشنطن مشيرة انه اذا ما الغرب بالفعل الحفاظ على ماء وجهه لدى شعوب منطقة الشرق الاوسط اقناع الكيان الصهيوني الذي يرى بأسد وذلك من خلال تأكيد ساسة صهاينة مرموقين اضافة الى ملالي ايران ببقاء اسد امن للصهاينة ، الموافقة واعطاء الضوء الاخضر لانهاء نظام اسد الذي بنهايته سيؤدي الى نتائج ايجابية كثيرة منها وقف تدفق اللاجئين السوريين على اوروبا ولبنان وتركيا والاردن ووقف الهجمة المعادية للاسلام باوروبا فمظاهرات الجبهة القومية لحماية اوروبا من الاسلام تحمل في طابعها المعاداة لتدفق اللاجئين من سوريا والعراق اذ تعتقد بان التدفق الكبير سيؤدي الى تغيير على البنية الدينية لاوروبا .
واذا ما وضع الغرب يدهم بيد اسد وملالي ايران من جديد وبقوة وأحرز الجميع أي الدول المتحالفة مع واشنطن ضد / داعش / انتصارات على التنظيم المذكور فان نهاية النهاية لما يُطلق عليه بالجيش السوري الحر الذي بدأ انهياره منذ سيطرة / داعش / على اقسام كبيرة تم تحريرها من نظام اسد اضافة الى انهيار تام لما يُطلق عليه بائتلاف قوى المعارضة السورية ستصبح حقيقة والقضاء التام على انتفاضة الشعب السوري . كما سيدفع الغرب ثمن خيانته الصريحة للشعب السوري ثمنا باهظا اذ سيؤدي ذلك الى وقوع اوروبا ومعها الدول المتحالفة مع واشنطن ضد داعش بشكل نهائي ببرائن فوضى وحروب داخلية فالحربين العالميتين الاولى والثانية كان سببها الرئيسي عدم الاخذ بعين الاعتبار شعور الشعوب المضطهدة على حد رأي فلاسفة السياسة الذين رأوا ان سياسة نابوليون بونابرت الذي كان يرى بعدو عدوه صاحبه ، لا تنطبق على الغرب وأسد وملالي ايران الذي يسعى بكل جدية ان يصبح اليمن ولاية فارسية ليحتك بالسعودية مباشرة . ولا يعتبر غدر الغرب بشعوب منطقة الشرق الاوسط بجديد فهو كما قال عمرو بن معديكرب الزبيدي :
يقلب للأمور شرنبثات بأظفار مغارزها حداد
فمن ذا عاذري من ذي سفاه يرود بنفسه شر المراد
لقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نار نفخت بها أضاءت ولكن لا حياة لمن تنادي
وينسب بعض الناس هذه الأبيات لسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه .