الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "داعش" والغبراء!

"داعش" والغبراء!

07.01.2014
رجا طلب


الرأي الاردنية
الاثنين 6/1/2014
مصطلح داعش الذي قفز فجأة الى واجهة الاحداث ونشرات الاخبار يذكرنا بمصطلح حرب " داحس والغبراء " والتى هي من اطول الحروب في الجاهلية والتى اندلعت بسبب فوز الفرس " الغبراء " لحذيفة بن بدر الذبياني على الفرس داحس لقيس بن زهير العبسي بالخديعة والمكر، وكانت سببا في اشعال حرب عبثية لا طائل منها دامت اربعين عاما بين عبس وذبيان، فجرس او موسيقى كلمة داعش وعبثية حرب عبس وذبيان اولاد العمومة بسبب ذلك السباق يجعلان من كلمة داعش التى هي اختصار "للدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام" مصطلحا يعني العبث والقتل المجاني وتشويه صورة الاسلام وخلق الاحتقان الطائفي والظلامية بصورة عامة.
داعش هي تفرع هلامي من تنظيم القاعدة الذي يصعب هو الاخر تحديد اطره وجغرافية تواجده وطبيعة القوى المؤثرة فيه وتُحركهُ، وتنظيم القاعدة الام ووفق الكثير من مصادر المعلومات الرسمية وغير الرسمية كان صناعة استخبارية اميركية وصل ذروة توظيفه لصالحها عندما نفذت القاعدة تفجير برجي التجارة في نيويورك في 11 سبتمبر من سنة 2001، حيث انطلقت بعدها اميركا نحو مشروع ما يسمي بمحاربة الارهاب وقامت باحتلال افغانستان والعراق وزادت من نفوذها الامني والعسكري على مستوى العالم.
لعبت القاعدة بعد الاحتلال الاميركي للعراق دورا مبرمجا ومخططا لها لتأجيج العنف الطائفي وهو ما خدم الطرفين المؤثرين في المعادلة العراقية وهما واشنطن وطهران، وكانت النتيجة اضعافا كبيرا للقوى المدنية والديمقراطية والعلمانية في صفوف ابناء الشعب العراقي وفي المقابل صعود تاريخي خطير لمنسوب التطرف والاسلام السياسي المتشدد بشقيه السني وكانت ومازالت القاعدة تمثله، والشيعي عبر العديد من التشكيلات العسكرية والامنية التى اشرفت عليها المخابرات الايرانية وفيلق القدس.
داعش ولدت من رحم المواجهة بين النظام السوري والثوار، ولكنها كبرت وتمددت بسرعة كبيرة تؤكد ان من يقف وراء هذا التنظيم دول وجهات استخبارية، فالتنظيم الذي لايملك رؤية سياسية ويمارس ابشع انواع القتل والتنكيل لكل من ليس معه حقق عدة نتائج خدمت وتخدم النظامين السوري والايراني، علما ان الاجهزة الامنية للنظامين كانا ومازالا يفرخان تنظيمات "قاعدية" باسماء متعددة يصعب حصرها ولكنها سرعان ما تختفي بعد ان تنفذ مهامها المطلوبة منها ومن ابرز هذه النتائج ما يلي :
اولا: وجود ظاهرة "داعش" دعمت بقوة الرواية الرسمية للنظام السوري بانه يحارب الإرهاب وليس ثوارا يطالبون بالحرية والديمقراطية، وعمل النظام "المخترق" اساسا لهياكل داعش التنظيمية على تضخيم الممارسات اللا انسانية لهذا التنظيم من قتل وذبح ونحر وهي ممارسات لا ابالغ ان قلت انها غطت على جرائم النظام بحق شعبه وتجاوزتها في بعض الاحيان.
ثانيا: خلق واقع داعش السلوكي داخل الثورة السورية قناعات لدي الجماهير السورية غير المسيسة بان النظام رغم كل سلبياته هو الخيار الافضل القادر على صون السلم الاهلي والامن والاستقرار وان غيابه يعني الفوضى وتدمير المجتمع وتدمير سوريا، كما ساهمت داعش في استنزاف جهد الثورة السورية المسلحة وتحديدا الجيش الحر وحولته داعش عدوا لها، في حين انها تفادت المواجهة تماما مع قوات النظام.
ثالثا: لايمكن تفسير التصعيد المفاجئ والدراماتيكي لعمليات داعش في العراق بالانبار والموصل ومحافظة صلاح الدين وديالي اي في الجغرافيا السنية، وفي سوريا، والتصعيد في لبنان وتحديدا ضد حزب الله في الضاحية الجنوبية على انه مجرد صدفه، بل العملية برمتها تؤشر على ان هناك مخططا ايرانيا هدفه ليس فقط زيادة الاحتراب الطائفي في العراق ولبنان، بل توجيه ضربات قاسية للقوى المناوئة لايران وحلفائها في البلدين خاصة في العراق قبيل الانتخابات التشريعية القادمة، وما ضرب ساحة الاعتصام السلمي في الرمادي بحجة داعش والقاعدة ما هي الا النموذج الذي تهدف الى تطبيقه ايران وحلفاؤها في العراق ولبنان.
باختصار "داعش" نبتة شيطانية وتنظيم للإيجار !