الرئيسة \  واحة اللقاء  \  داعش"... وخلط الأوراق!

داعش"... وخلط الأوراق!

15.02.2014
د. عبدالله العوضي


الاتحاد
الجمعة 14/2/2014
بعد دخول "داعش" على خط الأزمة السورية، فإن الأوراق التي يتم التلاعب بها من قبل النظام والمعارضة الداخلية والجماعات المتطرفة التي ظهرت على الساحة، تسحب البساط من الحل السياسي الذي يراد التوصل إليه من قبل المفاوضين على المستوى الدولي.
فالطريق إلى دمشق لم يعد سهل المنال، لأنه يمر بمنعرجات خطيرة ومنعطفات لا يملك أي طرف التحكم فيها ووقف التدهور الذي يقع من خلاله المزيد من الضحايا في كل الاتجاهات.
فالاقتتال الداخلي بين الجيش الحر والمجموعات المسلحة من "داعش"، بدأ يذهب بالثورة إلى منحى آخر لا يصب في صالح أي طرف من الأطراف، وهذا يعني إطالة أمد الأزمة وإعطاء النظام المبرر للمضي في حربه ضد الجماعات "الإرهابية" بدل المعارضة التي جعلت من أهدافها في النهاية الوصول إلى الحكم، إلا أن حسابات الميدان لم تعد تساعد الفكر السياسي البديل الذي يراد أن يقود سوريا ما بعد الأسد.
الشعب يريد الخلاص بأسرع وقت من نظام أسرف في القتل بكل الوسائل المتاحة، إلا أن ما يحدث اليوم من اقتتال بين الفصائل المختلفة على أسلوب العمل وطريقة التفكير في الخروج من هذا المأزق الجديد من الناحية العملية وإن كان مطروحاً منذ البدايات التخوف من وقوع انحراف في مسار التغيير الذي رفعت من أجله شعارات الحرية والكرامة والعدالة، التي لا يمكن أن تتحقق عبر ما يحدث على الساحة السورية من الإغراق في حرب داخلية يستفيد منها النظام أكثر من غيره.
ومن ناحية أخرى العالم بكل ما يملك من إمكانات التدخل المباشر في الأزمة السورية حسم أمره في الحل السلمي أي السياسي والإصرار على جلوس جميع الأطراف المختلفة على طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة وهذا في حد ذاته بعد مرور قرابة ثلاث سنوات على الأزمة يشكل معضلة، لأن النظام لا يقبل الخروج من الساحة بالهزيمة، لأنه بانتظار استحقاقات الانتخابات القادمة، وخاصة بعد أن قبل بشرط التخلص من مخزون الأسلحة الكيماوية وهذه ورقة يريد من خلالها النظام إطالة بقائه بعد أن رفض ابتداء تسليم السلطة لأي جهة.
إن أي مؤتمر دولي يعقد لصالح سوريا الوطن الواحد والشعب الواحد عليه السعي لتقصير أمد الأزمة، وخاصة أن المشكلة خرجت من الإطار الإقليمي إلى الشأن الدولي، بعد وقوف "الفيتو" الروسي والصيني لصالح النظام السوري. ولابد من الوصول إلى نقطة لإخراج إيران و"حزب الله" والتنظيمات الأخرى التي تؤثر سلباً على زعزعة معادلة الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها، حتى لا تتحول سوريا إلى بؤرة لتصدير "الإرهاب" إذا ما تولى المتطرفون زمام الأمور هناك، وخاصة من العناصر التي بدأت تخترق الحدود والحواجز باسم الجهاد من أجل إقامة دولة إسلامية في الشام وفق رؤية "القاعدة" وأنصارها والمروجين لأفكارها الانتحارية.
إن احتواء الأزمة السورية من قبل دول العالم، سواء في جنيف أو في غيرها أمر في غاية الأهمية، وخاصة أن آثارها طالت الدول المحيطة بسوريا ولم تقف عند حدودها المرسومة، فالحل السياسي ضروري هنا إذا كان بيده إطفاء نيران الفتنة والحرب الأهلية والعذاب عن الشعب برمته وهو الذي يدفع الثمن كله.
فإذا استطاع أهل الحل السياسي إيصال الشعب السوري إلى مبتغاه والاتفاق على نظام يحقق مطالب كل الأطراف دون إقصاء أحد، إلا ممن ولغت يداه في دماء السوريين وشردتهم في الأصقاع. فمن حق الشعب السوري بكل مكوناته بعد هذه المعاناة التي خاض غمارها طوال السنوات الماضية، أن يعيش تحت مظلة العدالة والكرامة الإنسانية ويحصد ثمار تضحياته أمناً واستقراراً وإعماراً.