الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "داعش" ورسائل الاعتراض الإقليمي

"داعش" ورسائل الاعتراض الإقليمي

15.06.2014
سميح صعب



المستقبل
السبت 14/6/2014
من الاهمية بمكان قراءة توسيع رقعة تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) في سياقات مجمل الاحداث والتطورات المتسارعة في المنطقة. من المأزق الذي وصلت اليه المعارضة السورية سياسياً وعسكرياً واعادة انتخاب الرئيس بشار الاسد لولاية ثالثة والميل الى الحسم لمصلحة النظام، الى الرد على التقارب الاميركي - الايراني الذي قطع اشواطاً على طريق التوصل الى اتفاق على البرنامج النووي الايراني وما يترتب على ذلك من احتمالات تطبيع العلاقات الاميركية - الايرانية بما يوجد واقعاً جيوسياسياً جديداً في الشرق الاوسط، الى عدم الحماسة الايرانية لتلبية دعوة الرياض الى بدء "التفاوض" على الملفات الساخنة في المنطقة.
هذه هي السياقات الاستراتيجية التي يأتي زحف "داعش" فيها على المدن العراقية. ويستفيد من تصاعد حدة الاحتقان السني - الشيعي في المنطقة ليصور نفسه في مقدم المدافعين عن السنة في العراق وسوريا وسائر المنطقة. ومن هنا يدخل التنظيم الجهادي على خط اللعبة الاقليمية بصفته القوة الاولى التي تقف في وجه النظامين العراقي والسوري و"حزب الله". واذا ما نُظر الى "الدولة الاسلامية" التي تقيم حدودها بين المحافظات السورية الشمالية والشمالية الشرقية امتداداً الى محافظات الوسط العراقي، فإن حدود "داعش" تكسر المحور الايراني – العراقي -السوري - "حزب الله". ولم تكن إزالة مقاتلي "داعش" للحدود بين محافظتي نينوى العراقية والحسكة السورية إلا دلالة رمزية على ما يعتزم التنظيم المتشدد فعله لتوطيد اركان "دولته".
ولكن ان يصل "داعش" الى القوة العسكرية التي وصل اليها فذلك كان مستحيلاً لولا الحرب في سوريا. فالحرب السورية هي التي غذت التنظيم عقائدياً وتنظيمياً ومادياً وأتاحت له التمدد مجدداً في العراق بعد انحسار واضح في الاعوام التي سبقت نشوب الفوضى في سوريا تحت مسمى المطالبة بالتغيير واستسهال بعض الدول الاقليمية ولا سيما منها الخليجية التهليل لحصول هذا التغيير، لذلك وقفت الى جانب كل من اطلق النار على الدولة السورية ومؤسساتها علّ ذلك يوصل الى هدف اسقاط الاسد.
وكانت النتيجة المباشرة للنفخ في الحرب السورية سواء من الغرب أم من العرب هي الاخفاق في اسقاط الاسد أولا. وفي خضم حملتهم العمياء لاسقاط الاسد عمموا الفوضى في سوريا وعززوا التنظيمات الجهادية بما فيها تلك الموالية لـ"القاعدة" مثل "جبهة النصرة" او "داعش" المنشقة عنها كي يحولوا دون تمكن الاسد من اعادة بسط سيطرته على كامل سوريا. وهذا ما تحسبه اميركا والعرب انتصاراً لهم.
أما الذي كانت واشنطن أو العرب يرفضون الاصغاء اليه فهو ان مغامرتهم في سوريا لن تسفر عن أفضل من المغامرة الاميركية في العراق وافغانستان وانتاج نوع جديد من التطرف أعتى بكثير مما عرفه الشرق الاوسط والعالم حتى الآن.