الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "داعش" وصل لبنان.. ماذا قبل؟

"داعش" وصل لبنان.. ماذا قبل؟

05.08.2014
محمد خروب



الرأي الاردنية
الاثنين 4/8/2014
ما كان متوقعاً او قل مستبعداً، خصوصاً بعد هزيمة الارهابيين في جبال القلمون قبل اشهر معدودات، صار حقيقة ميدانية على الحدود السورية اللبنانية، وبخاصة في بلدة عرسال وجرودها (وما ادراك ما عرسال، بعد ان تحولت هذه البلدة بعد التمرد السوري المسلح، الى الممر والحاضن والداعم السُّني للارهابيين الذين رفعوا تضليلا وضلالة راية "الطائفة" ووجد بعض المتاجرين بالدين في سُّنة لبنان، فرصة للشحن الطائفي والمذهبي وانتصاراً لثقافة الحقد والثأر التي حُقِن بها بعض سُّنة لبنان من قبل تُجّار الحروب وملوك الطوائف وعملاء السفارات والاجهزة).
داعش او الدولة الاسلامية أطبقت على حواجز ومقرات الجيش اللبناني وقوات الدرك في بلدة عرسال ومحيطها المولجة حماية الحدود اللبنانية المتاخمة للحدود السورية في منطقة القلمون قتلت واحتجزت عناصر من الجيش والدرك وأطلقت سراح الموقوفين (الجنائيين) واختطفت عناصر منهم واجبرتهم على تلاوة نص موحد يُفيد بانهم انشقوا على الجيش اللبناني وحزب الله (كذا) وبصرف النظر عن الخلط المقصود بين جبهة النصرة والدولة الاسلامية (داعش) حيث يعيش التنظيمان حالة غير مسبوقة من العداء واندلاع حروب التصفية والاغتيالات بينهما، وأن "المهّلة" التي منحت للجيش اللبناني لاطلاق المسؤول الميداني العسكري لتنظيم الدولة الاسلامية في القلمون ابو احمد جمعة (سوري الجنسية) كانت باسم "الدولة الاسلامية"، حيث اعتقله حاجز للجيش اللبناني واودعه الجهات المختصة بتهمة الانتماء الى تنظيم محظور، فإن من المهم الاشارة هنا الى التنسيق القائم بين التنظيمين في منطقة القلمون، حيث لا خيار لهما إلاّ التحالف بعد أن خسرا المنطقة بأسرها وباتا محصورين في منطقة جبلية وعرة بين الحدود السورية واللبنانية، تجبرهما على التقوقع والاختباء في الجبال والمغاور دون قدرة على توفير الغذاء ووسائل العيش الاخرى، ما بالك بالاسلحة والعتاد والعديد.
سقوط ثمانية من اللبنانيين (ستة جنود واثنين من المدنيين) يعني ان "المعركة" قد بدأت بين تنظيمات غير مشروعة وخصوصاً غير لبنانية (سورّية) ويعني ايضاً ان قفاز التحدي قد أُلقي على القوى والاحزاب والافرقاء اللبنانيين المتناحرين الذين بات عليهم الآن ان يجيبوا على السؤال الاكبر وهو ما اذا كانوا فعلاً سيواصلون الاصطفاف طائفياً ومذهبياً، على غرار ما فعلوا منذ ثلاث سنوات ونيف عندما انحاز فريق 14 اذار الى جانب "الثورة السورية" وخصوصاً سُنّة لبنان وتيار المستقبل تحديداً، اضافة الى سمير جعجع الذي قال في وقاحة ليحكم الاخوان المسلمون.. سوريا، وراحوا يمدونهم بالسلاح والاموال والمتطوعين، وقبل ان تذهب قوات حزب الله بكثير الى سوريا؟ ام انهم الآن باتوا في مواجهة خطر جماعات تكفيرية وارهابية سبقت افعالها الاجرامية اسمها واشكال امرائها وهل سيسمحون بتمزيق الجيش اللبناني طائفياً ومذهبياً، وهو المؤسسة الوحيدة التي "سلمت" حتى الان من فيروس الانقسام الافقي والعامودي الذي يضرب لبنان منذ اغتيال رفيق الحريري ام ان منطق الدولة والعيش المشترك هو الذي سينتصر؟
ما يحدث الآن في عرسال (ذات الاغلبية السنية ورأس الحربة في التحريض المذهبي) خطير جداً ويُنذر بِجَرِ لبنان الى اتون الحرب المعلنة على سوريا الدولة والكيان والشعب والدور منذ اذار العام 2011، ونجح ولو في شكل مؤقت في تفادي السقوط في شرك هذه الحرب التي نفخ في كيرها زعماء طوائف وقبضايات حارات وزواريت، بعضهم جاء من عبرا (احمد الاسير) وغيرهم تمترس في طرابلس (قادة المحاور المقربين من تيار المستقبل) واخرين في عرسال.
يستطيع حزب الله المجاور لعرسال شعبياً والمتمركز في القلمون عسكرياً، ان يشارك في معركة دحر ارهابيي الدولة الاسلامية وجبهة النصرة، الا ان الخطورة تكمن هنا، فهو اذا ما فكّر (وهو لن يفكر على اي حال) في خيار كهذا، فانه سيكون خياراً قاتلاً، لأن التحريض المذهبي سيأخذ مداه الاقصى، حيث سيقال ان "الشيعة" يقتلون السُنّة، ولن تعدم عندها من سيدعو للجهاد ضد "الروافض" ويطالب بتدخل العواصم الحامية للسُنّة، وقد تهب اسرائيل "للمساعدة" ما دام العدو الذي اذلها هو المستهدف، ما بالك وان خيبته كبيرة بعد الفشل المدوي الذي حصده في اربعة اسابيع من حرب الابادة الجماعية والتطهير العرقي ضد قطاع غزة وما ابداه المقاومون الفلسطينيون من شجاعة وبسالة وصمود.
الذين دأبوا على استبعاد وصول داعش الى لبنان، يعيشون حال صدمة مروّعة، بعد ان لم يستأذنهم احد، وبعد ان باتوا على يقين بأنهم لن يكون في منأى عن دفع "فاتورة" حماقة وتخلف الفكر العدمي والبائس الذي يحمله هذا التنظيم ومن شابهه، وعليهم ان يتلوا الآن فعل الندامة والاعتذار، عندما هاجموا مشاركة حزب الله في الحرب ضد هؤلاء في سوريا، لأنهم كانوا سيقارفون اعمالاً اكثر بشاعة من تلك التي مارسوها في السيارات المفخخة والاجساد المتفجرة والاحزمة الناسفة التي "فاخروا" بارتكابها.
ما بالك أن "عرسال" هي التي تدفع الآن الفاتورة الدموية "الاولى" بعد ان كانت الحاضنة لهذا التنظيم الارهابي؟