الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "داعش" في دمشق وليس في الرقة

"داعش" في دمشق وليس في الرقة

13.06.2016
صالح القلاب


الرأي الاردنية
الاحد 12-6-2016
لو أنَّ كاتباً من هذه المنطقة هو الذي قال أن عاصمة "الدولة الإسلامية " ليست مدينة الرقة وإنما قصر الرئاسة في دمشق لكان إنبرى له كتاب وكتبة بدعة:" تحالف الأقليات ضد الأكثرية العربية السنية" ولأشبعوه اتهامات وشتائم ولضربوه بألسنتهم وأقلامهم ضرب غرائب الإبْل ولو أن كاتبة هذا المقال المشار إليه ناتالي نوغيريد قد كتبته ليس في ال"غارديان" البريطانية وإنما في إحدى الصحف العربية الطليعية المقيمة أو المهاجرة لكانت أُلْصقت بها كل تهم العمالة ل"الصهيونية" العالمية وللإمبريالية الأميركية وأيضاً وفوق هذا كله للرجعية العربية على إعتبار أنَّ نزيل قصر الرئاسة الدمشقي تقدميٌّ وإشتراكي وأيضا وحدوي والدليل أنه سلَّم مفاتيح عاصمة الأمويين لجنرال حراس الثورة الإيرانية قاسم سليماني الذي حسب مسؤول عراقي كبير قد عينته الحكومة العراقية مستشاراً عسكرياً لها في حرب "تحرير " الفلوجة .
إنَّ مع هذه الكاتبة البريطانية الحق كله إذْ أن "داعش" قد أُخترع إختراعاً وأعطيت له مدينة الرقة السورية على نهر الفرات، مدينة الكاتب العظيم عبدالسلام العجيلي ، وأنَّ نور المالكي قد منحهُ الموصل والأنبار وتخلَّى له عن الفلوجة من أجل تبرير تسليم سوريا :"القطر العربي السوري" للإيرانيين وتحويله إلى قاعدة كبيرة وواسعة للروس وأيضاً تبرير كل هذا التطهير القومي والطائفي للعرب السنة الذي يقوم به حراس الثورة الإيرانية ومعهم الشراذم المذهبية كالحشد الشعبي.. وعصائب أهل الحق وعشرات التشكيلات الأخرى التي كل واحد منها أسوأ من الآخر وأكثر إجراماً منه .
لقد أصَّر الروس سابقاً ولاحقاً وحتى الآن على أن الأولوية ليست لإزاحة بشار الأسد وإخراجه من قصر الرئاسة في دمشق ومن سوريا بأكملها وإنما للقضاء على هذا ال"داعش" الملعون وهكذا فإنهم ومعهم إيران وتوابعها قد وضعوا هذا التنظيم الإرهابي في حدقات عيونهم لإن بقاءه يعني بقاء هذا الرئيس السوري ويعني بقاءهم في هذا البلد العربي الذي حولوه إلى ساحة لتصفية حساباتهم القديمة والجديدة مع الولايات المتحدة ومع غير الولايات المتحدة .
كانت "الرقة" أول مدينة سورية جرى تسليمها لهذا ال"داعش" فمقولة أنَّ الأولوية هي للقضاء على هذا التنظيم وليس لرحيل نزيل قصر الرئاسة في دمشق هي التي اقتضت ذلك وكما أنَّ كل عمليات التطهير العرقي والقومي التي تعرض لها ويتعرض لها العرب السنة بقيادة جنرال حراس الثورة الإيرانية قاسم سليماني قد اقتضى تسليم الموصل والأنبار كلها إلى هذا التنظيم وبدون إطلاق حتى ولا طلقة واحدة .. والفضل في هذه المؤامرة الدنيئة هو ل "نوري المالكي" الذي من مهازل هذه المرحلة التاريخية البائسة أنه أصبح قائداً كبيراً في العراق العظيم .
إنَّ هذه هي الحقيقة وإن هذا هو واقع الحال وهكذا فإن عاصمة "داعش" ليست في الرقة.. ولا في دير الزور أيضاً ولا في الفلوجة ولا في الموصل إنها في قصر الرئاسة في دمشق وإنها عند أقدام الولي الفقيه في طهران وبالطبع فإنها في بغداد حيث يقيم قاسم سليماني وحيث "الحشد الشعبي" و"عصائب أهل الحق" .. وباقي الشراذم المستوْردة التي بعضها تم شحنه إلى "القطر العربي السوري" ... الذي تحول إلى قاعدة جوية روسية وإلى محمية إيرانية .
لا جدال في أن هذا التنظيم الإرهابي ظهر بعد الغزو الأميركي للعراق وربما قبل ذلك لكن تضخيمه وعلى هذا النحو وبهذه الطريقة لم يتم إلاّ بعدما هبت رياح :"الربيع العربي" على سوريا وبعدما وُضِعَ العرب السنة على قائمة الشطب والتصفيات وفقاً لمعادلة بول بريمر سيء الصيت والسمعة ... فإبادة هذا المكون الرئيسي في بلاد الرافدين تقتضي أن يكون هناك إختراع هذا ال"داعش" وبقاء ساكن قصر الرئاسة في دمشق وإلى أن تنتهي مهمته وتنهتي الحاجة إليه نهائياً تتطلب مواصلة النفخ والمزيد من النفخ في هذا التشكيل الذي كان مقصوداً أن يسمى "الدولة الإسلامية".