الرئيسة \  واحة اللقاء  \  درعا هل أصبحت مدينة سورية ؟!

درعا هل أصبحت مدينة سورية ؟!

21.01.2015
سميح المعايطة



الرأي الاردنية
الثلاثاء 20-1-2015
يبدو ان الازمة السورية صنعت فجوة كبيرة في العلاقات الاردنية السورية سببها الاساسي عدم فهم وتقدير النظام السوري للموقف الاردني ، وربما لو كانت طريقة فهم الموقف الاردني موضوعية وعادلة لكان من حق الاردن ان يحظى بالتقدير على موقفه بكل تفاصيلة ، ولهذا نسمع بين الحين والآخر من الطرف السوري حديثا غير منصف تجاه الاردن ، حديث يعبر عن قناعات غير سليمة وتتنافى مع معطيات واضحة للعيان خلال سنوات الازمة.
لسنا في مجال مناقشة ما يقال احيانا من النظام السوري لكن من واجبنا ان نسجل للاردن حكمته وموقفه الذي كان كمن يسير على حد السيف ، ولنتخيل مثلا ان الاردن لم يكن موقفه مثلما هو اليوم ، وكيف لو كان مثل دول اخرى حولت مناطقها الحدودية الى معسكرات تدريب وتسليح واغراق سوريا بالمقاتلين من كل دول العالم ؟
وهذا الافتراض لو كان حقيقيا يزداد خطورة على سوريا في حدود طولها حوالي ( 400 ) كم ، وهي حدود غير خاضعة لأي سيطرة من الجيش السوري ، أي ان مسافة طويلة من الحدود داخل العمق السوري ستسقط بيد المعارضة مثلما هو الحال في حدود اخرى ، لكن الاردن الملتزم بعدم الانغماس في الشأن السوري لم يفعل هذا بل تحمل وما زال عبء ضبط الحدود من الاتجاهين حماية لنفسه ومصالحه اولا وبما ينسجم مع موقفه العام وهو الدعوة للحل السياسي وليس صب الزيت على نار الحرب على حساب سوريا وشعبها.
لكن الاردن لم يعلن نفسه حليفا للنظام السوري في الازمة ، فنحن لسنا ايران ولا حزب الله ولا الحرس الثوري او الميليشيات القادمة من العراق ، كما ان الاردن ليس صانع فصائل المعارضة المسلحة ، ولم يعمل على اسقاط النظام ، فالاردن لم يخض معركة النظام لكنه لم يعمل على اسقاطه كما فعل اخرون.
ولان السنوات تتعاقب فان البعض نسي المحدد الاول للموقف الاردني وهو المصالح الاردنية وامن الاردن واستقراره وامن الاردنيين ، كما هي اولوية كل الدول بما فيها النظام السوري الحفاظ على مصالحه ، ولهذا ليس مطلوبا من الاردن ان يدفع ثمنا من مصالحه لا لبقاء النظام السوري ولا لاسقاطه وهي معادلة ليست سهلة في ظل ازمة معقدة وتحالفات اقليمية ودولية تغيرت ، فالاردن كان يدرك ان الازمة السورية بكل تعقيداتها لن تنهيها عملية ادخال رشاشات وبنادق للداخل السوري او تدريب عدة مئات من ( الجيوش الحرة !! ) هناك.
 والاردن هو الذي رفع صوت العقل منذ سنوات محذرا من خطر استعمال التنظيمات المتطرفة لاسقاط النظام ومنحها الجغرافيا والامكانات ، وها هو العالم اليوم يدفع ثمن اغراق سوريا بالتطرف الذي تجاوز خطره سوريا الى كل العالم.
ليس مطلوبا من الاردن الانتحار او الدخول في معارك سياسية وامنية وعسكرية خدمة للنظام السوري وحماية له ، وايضا ليس مطلوبا منا ان ندفع ثمنا من مصالحنا لصناعة معارضة او تحويل الاردن ساحة عسكرية لها ولما تمثل.
مرة اخرى ليس مطلوبا منا أكثر مما فعلنا ونفعل :- فنحن استقبلنا ( 1.5 ) مليون شقيق سوري نقاسمهم الماء وفرصة العمل والارض ، ونحمي حدودنا وحدودهم من كل اشكال الاختراق ، والدولة في حالة تأهب منذ سنوات حتى لا ندفع من امن الاردنيين ثمنا ، ونحن من ثبت على موقفه في الدعوة لحل سياسي ولم نبدل.
اما ما يقوله النظام بأن درعا مشكلة اردنية ، فهو تصريح يشبه حديث اسرائيل عن غزة عندما سعى لتكون مشكلة مصرية ، ونذكره ان درعا مدينة سورية ، ومن صنع فيها المشكلات ليس الاردن وحل مشكلتها مسؤولية النظام ، لكن اذا اراد النظام ان يعلن تخليه عن درعا وأنه لم يعد يسيطر عليها او لا يريدها تحت ولايته فهذه حكاية اخرى.