دروس موجزة من التاريخ (3) .. اللحظات الحاسمة
09.06.2014
د. أحمد محمد كنعان
في هذه الزاوية سوف نتوقف كل أسبوع على درس موجز من دروس هذا المعلم الكبير : التاريخ !
لقد مر تاريخ الإنسان بلحظات حاسمة هي التي جعلت الإنسان سيد المخلوقات في هذه الأرض دون منازع ، وقد كانت أولى تلك اللحظات نفخة الروح في آدم أبي البشرية عليه السلام ( إذْ قالَ رَبُّكَ للملائِكَةِ إنِّي خالقٌ بَشَراً مِنْ طينٍ ، فَإذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فيهِ مِنْ رُوحي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدينَ ) سورة ص 71 ، 72 .
ثم تبعتها لحظة حاسمة أخرى هي تعليم آدم كيفية تسمية الأشياء بألفاظ مجردة (وَعَلَّمَ آدمَ الأسْماءَ كُلَّها) سورة البقرة 31 ، ثم جاءت اللحظة الحاسمة الأخرى حين اهتدى الإنسان إلى وضع أول أبجدية في التاريخ ، مكنته من كتابة وحفظ تجاربه وخبراته ومعارفه ، وقد ساهم هذا التراكم الكتابي بتطوير المجتمع البشري وبناء الحضارات ، وبه استكمل الإنسان عدَّته لحمل الأمانة التي عرضت على السَّماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان .
وتبدو لنا أهمية هذه النقلات المفصلية في التاريخ البشري حين نقارن تاريخ الإنسان بتاريخ الحيوان ، إذ لم يمض على الإنسان في الأرض سوى زمن يسير جداً ، بينما مضى على وجود الحيوان مليارات السنين ، وبالرغم من حداثة تاريخ الإنسان مقارنة بتاريخ الحيوان فقد استطاع الإنسان أن ينجز إنجازات عظيمة غيَّرت وجه الأرض ، بل لم تعد الأرض تتسع لأحلام الإنسان وتطلعاته ، فراح يجوب أقطار السماء ، ويخطط لسكنى الكواكب البعيدة ، فيما ظل الحيوان يعيش في الأرض حياته البدائية الأولى كما كان يعيش منذ ملايين السنين .. فتأمل !