الرئيسة \  واحة اللقاء  \  دعم الطغاة: نهاية مخجلة لليسار الغربي

دعم الطغاة: نهاية مخجلة لليسار الغربي

05.09.2013
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
الاربعاء 4-9-2013
في 6 حزيران الماضي (في يوم ذكرى حرب حزيران) كان نيك غريفين، رئيس الحزب القومي البريطاني في زيارة ‘سلام’ الى سورية.
من هناك أرسل غريفين رسالة الى حزبه يلخص فيها المشهد هناك بأنه هجوم وحشي من الاسلاميين على المدنيين الابرياء الذين تحميهم دولة متسامحة دينيا (ربما بقدر تسامح واعتدال انصار هذا الحزب اليميني المتطرف وهم الذين يشكلون الحاضنة السياسية لكارهي المسلمين، والاجانب عموما، في بريطانيا).
في بروباغاندا دفاعه عن النظام السوري قدم الحزب ‘دليلا دامغاً’ عن ما يحصل في سورية ونشرها خبرا عاجلا على صفحته الالكتروني. الدليل الدامغ كان رسالة من مسؤول من الدرجة الرابعة في البرلمان السوري ‘يشرح فيها الوضع في سورية’!
ولا ندري ان نيك غريفين اصطدم في البوابة المتحركة لفندقه خلال زيارته لسورية بالنائب اليساري الشهير جورج غالواي المشهور بظهوره في برنامج تلفزيون الواقع ‘الاخ الاكبر’.
آخر تقليعات غالواي تصريح يضاهي تلك التي يطلقها الاعلام السوري في غرابتها قال فيه ان اسرائيل سلمت تنظيم القاعدة مواد كيميائية لضرب ريف دمشق لتشويه سمعة النظام السوري المقاوم والممانع (كلمتان لا يمكن ان يستخدمهما زعيم اليمين المتطرف غريفين لأنهما من بضاعة دعائية لا تبيع لدى جمهوره المتعصب لبريطانيا وتاريخها الامبريالي).
الاسوأ من موقفي اليمين المتطرف واليسار المتأسلم هو موقف اليسار الرسمي البريطاني الذي نظم مظاهرة تصدرها انصار النظام السوري واعلامه وصور بشار الاسد وهم ينددون بالهمجية الغربية والعدوان على الشعوب!
لا يتعب اليساريون وانصارهم أنفسهم في التفاصيل. ليست هناك شعوب بائسة ترزح تحت وطأة أنظمة استبداد مجرمة. ليست هناك ثورات ضد الطغيان. ليس هناك دك للمدن والقرى بالحديد والنار. هناك فقط احتمال تدخل حكومات بلدانهم عسكرياً في الخارج، وذلك شرّ مطلق.
لم يؤرق القصف الكيماوي للمدنيين ضمائر اليساريين الغربيين ولم تؤثر فيهم صور الضحايا من الاطفال النائمين الى الابد ولعلهم قد أسعدهم الاصطفاف المفاجئ لسوريين وعرب ترتبط مصالحهم بمصالح النظام وشبكاته السياسية المالية.
لم يلاحظ اليساريون انهم صاروا في جبهة واحدة مع اعدائهم الفاشيين لنصرة شكل أبشع من الفاشية على الطريقة العربية.
لا يهتم المناضلون اليساريون ضد استغلال البشرية بنتائج رسالتهم العملية الى النظام السوري والتي استخدمها لمتابعة الابادة الجماعية لشعبه بالسلاح الكيماوي ما دام اليسار الغربي يقوم بتزيين اعماله وتصويرها انها مناهضة للامبريالية الغربية!
مظاهرات اليسار الغربي ما هي الا فعل سياسي انتهازي للقول ان ‘اليسار’ ما زال على قيد الحياة بغض النظر عن النتيجة النهائية لأفعالهم فمن غير المقنع ان لا يعلم اليساريون أن ما يفعلونه يصبّ في طاحونة الاستبداد الكبرى التي يدّعون معارضتها وأنه يقضي على آخر مظاهر الاحترام الذي كان متبقياً لهذا اليسار.
لا انصار الفاشية البريطانية (نيك غريفين) ولا اليساري المقرب من ايران (جورج غالواي) ولا قادة اليسار التقليدي البريطاني ‘المعادي للحرب’ يجهلون، كل لأسبابه الخاصة، انهم بتأييدهم لنظام الاسد يوقعون ببصماتهم على ابادة المدنيين السوريين بالسلاح الكيماوي.
لا نأسف كثيراً على ما يفعله انصار الفاشية فهو أمر يتوافق مع عقيدتهم السياسية المعادية للعرب والمسلمين ولا يهمنا تهريج الانتهازية السياسية التي تناصر كل الدكتاتوريات، لكن استقالة العقل والمطابقة بين نظام الأسد وسورية ونتيجة ذلك العملية من تأييد ابادة المدنيين هي نهاية مخجلة لليسار في العالم الغربي.