الرئيسة \  مشاركات  \  دليل فشل .. تأجيج ايران للصراع المذهبي والعنصري

دليل فشل .. تأجيج ايران للصراع المذهبي والعنصري

11.01.2016
صلاح الدين سليم أرقه دان



تصاعدت وتيرة الأعمال العنصرية الطائفية في منطقة الشرق الأوسط إلى مستويات غير مسبوقة وخطيرة ابتداء من ظهور الخميني على المسرح السياسي وإمساكه بالسلطة في إيران وانتهاج ثورته الطابع الثأري والدموي تجاه كل من يخالف رأياً يطرحه تحت شعار (مارك بارك ضد ولايتي فقيه) أي [الموت لكل من يعارض ولاية الفقيه].. وورث هذا النهج من بعده المجموعة المسيطرة على الحكم وعلى رأسها (المرشد الاعلى للثورة) الذي يعتبره اتباع الخمينية داخل إيران وخارجها مرشدا اعلى لهم واجب الطاعة..
وفي 2 كانون الثاني (يناير) الجاري، وبعد أن نفذت السلطات المختصة في السعودية القصاص الشرعي بالمعمم الشيعي الناشط السياسي نمر النمر، بادرت إيران إلى الاعتداء على السفارة والقنصلية السعودية في إيران.. مع موجة عداء إعلامية جاهزة ذات طابع طائفي وقومي ضد السعودية ومن ورائها من دول وشعوب اسلامية..
مما دفع الرياض ودول حليفة لها الى قطع علاقاتها بطهران وطرد دبلوماسييها..
ونكأ التصرف الإيراني جروحاً حاول العالم العربي تجاوزها ورأبها ومعالجتها بالحُسنى خلال ثلاثة عقود مضت.. كان الإعلام الإيراني بامتدادته الإقليمية والدولية حريصاً على استدعاء التأريخ من وجهة نظر واحدة.. يثير دعوة الثأر لحدث مضى عليه 1400 سنة ولم يكن على الشاكلة التي ترددها الثقافة الفارسية وتضغط بكل قوة لتجعلها الرواية الوحيدة خاصة في الحسينيات التي حولتها الثورة إلى بؤرة تتبنى أفكارها وتنشرها بين جمهور الشيعة المحبين لآل البيت.. إذ حولتها إلى أماكن تعبئة (لاسيما في عاشوراء التي امتدت أربعين ليلة) تعبئ عقول الشباب خاصة بالحقد الطائفي والمذهبي بحجة حب سيد الشهداء سبط النبي (صلى الله عليه وسلم) تحت شعارات:
يا لثارات الحسين
هيهات منا الذلة
لن تسبى زينب مرتين
وغيرها من الشعارات التي يفسرها الرعاع ضد إخوانهم المسلمين المعاصرين.. كما نرى في الواقع الميداني في أفغانستان وباكستان والعراق وسورية ولبنان واليمن وغيرها..
 
هذا مع محاولة دؤوب لا تتوقف تقوم بها فارس والمنظمات التابعة لها للعب على حبل رفيع تجاه موجة من التهديدات الداخلية والخارجية، فلطالما تم اعتبار التعبئة والحقن الطائفي ضد أهل السنة (بتسميتهم النواصب والوهابية والأموية واليزيدية وغيرها من التسميات) وسيلة فعالة للتصدي لمناشدات ودعوات الوحدة التي يرفعها المسلمون في وجه التعصب والانغلاق الفارسي..
لاسيما والتركيز ضد السعودية  التي استطاعت مؤخراً الوقوف في وجه السياسات والتحركات الإيرانية بإقامة جبهة تتصدى للإرهاب أمام الضعف الذي تعاني منه القوى التقليدية مثل مصر وسوريا والعراق، وبالتحالف مع تركيا التي حقق فيها الحكم الحالي عدة خطوات ملفتة للنظر في التنمية البشرية والاقتصادية.. والاستقرار السياسي والأمني..
ويبدو أن النظام الفارسي يستجيب ويتفاعل مع التهديدات الداخلية والخارجية، ومن هذا المنطلق، يمكننا حصر ثلاثة أسباب حذت به لتصعيد الحرب الباردة الإقليمية المذهبية وتبني شعار (الأقليات) لاستغلال التخوف الغربي واستخدام الأقليات الدينية أدوات في مشروع الهيمنة الفارسية على المنطقة:
1. الاتفاق النووي الإيراني: إذ أن التحاليل تجد الاتفاق قد كبل إيران أكثر مما أطلق يدها.. وجعلها تحت الشروط الغربية لا كما كانت تشتهي في تعزيز موقعها الإقليمي كما كانت في عهد الشاه شرطيا يهدد أمن وسلامة الإقليم.
2. فشل السياسات الخارجية: يهدف التصعيد الفارسي لإلهاء شعبها والشعوب التي تستغلها في مخطط الهيمنة والسيطرة عن الإخفاقات الجلية لمقاربات سياستها الخارجية، إذ فشلت في الساحة العراقية كما في الساحة السورية ومؤخراً في اليمن ونيجيريا.. واضطرت سورية الأسد إلى مد يدها إلى روسيا التي تبدو فاشلة كإيران في القضاء على ثورة الشعب السوري بالرغم من كل الجبروت والعنف والتدمير والحصار وقتل الأطفال.. كما فعلت إيران قبلها.. كما يشكل تدخل إيران في اليمن إخفاقًا استراتيجيًا واضحاً وضوح الشمس.. فها هو حليفها المخلوع صالح يتمنى أن ينقذ عنقه ويقفز من مركب الحوثيين الغارق.
3. القيادة السنية: أعلنت السعودية مؤخرًا، عن تشكيل "التحالف الإسلامي" ضد الإرهاب، وهو تحالف تدرك إيران قبل غيرها تأييده للمعارضة السورية التي تأتت عن مؤتمر الرياض والدعم المشترك لتشكيلات الثوار الجديدة، وأنه بمعنى من المعاني يشكل بعداً استراتيجياً لتركية وليس فقط للعرب وقد ظهر ذلك مؤخراً في قطع دول خليجية وعربية وإسلامية  علاقاتها مع إيران.
يعطينا التأريخ صورة واضحة عن مصير الدول التي انخرطت في حروب أهلية طاحنة، فهي مثال لا ريب فيه على فشل الدولة وتحزب وسائل الإعلام المفرط التي تخلق الظروف المثالية لترسخ الطائفية في المجتمعات، وأبرز مثال على ذلك انتشار الحملات الإعلامية الإيرانية والحليفة الهادفة التي تستخدم رموز التأريخ بشكل مغلوط لتعبئة الدعم العسكري  ضد الثورة السورية وضد الربيع العربي بعامة.. كما نرى التعبئة والجرائم المذهبية في العراق ولبنان واليمن والمحاولات الفاشلة في دول الخليج خاصة البحرين والسعودية.. وتأييد سياسات التصفية الدموية التي تنتهجها إيران وحلفاؤها في الإقليم كـ"حزب الله" اللبناني، والميليشيات الشيعية العراقية والأفغانية التي تحشدها إيران لدعم الأسد في سورية والحوثيين في اليمن..
وبمراجعة التأريخ البعيد والقريب نجد التصعيد الطائفي الذي ترعاه إيران جزءا من ثقافة سياسية ودينية اختلقها الصفويون ثم تابعهم كل من سار على دربهم حتى اليوم.. تزداد وتيرتها كلما واجه حكام طهران التحديات.. ولكن هذه المرة ليست ككل مرة.. إذ يراهن العقلاء على استيعاب الشعب الإيراني بكل مكوناته لأبعاد وخطورة هذه السياسات والعمل على إيقافها من الداخل.
{وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}