الرئيسة \  واحة اللقاء  \  دمشق تراهن على انقسام المعارضة لإفشال مؤتمر جنيف

دمشق تراهن على انقسام المعارضة لإفشال مؤتمر جنيف

09.11.2013
نصوح المجالي


الرأي الاردنية
الخميس 7/11/2013
اذا لم يكن ما يجري في سوريا على ايدي النظام السوري من عنف ودمار وتشريد وقتل جماعي تجاوز كل قيم الانسانية استعباداً للشعب السوري بالقوة المسلحة فماذا يكون؟
فالسوريون يقتلون ويشردون ويعاقبون بشكل جماعي في مناطق القتال على اتساعها على ايدي نظام مسؤوليته الاساسية حماية شعبه وليس تدميره بكل وسائل القوة بدون أي رادع.
معظم الاصابات والقتلى حدثت بقصف جيش النظام العشوائي الذي لم يفرق بين ردع القوى المعارضة وبين قتل المدنيين بالجملة.
والشعب السوري اليوم بين نارين, نار نظام لا يقيم أي وزن او حرمة لشعبه ونيران قوى عديدة متطرفة دينية وسياسية بعضها تسلل من دول الجوار وهذه الاخرى استسهلت قتل الناس وتكفيرهم بالفتاوى واستسهلت استخدام المناطق السكنية والمدنيين العزل مصدات في ساحة الحرب.
وبعض هذه التنظيمات التي استدرجها النظام الى سوريا بسياساته الامنية الهوجاء يبحث عن امارة دينية في سوريا عنوة عن السوريين.
فميليشيات ايران التي تسيطر على العراق هي الاخرى منخرطة في القتال الى جانب النظام ومثلها تنظيمات اخرى دينية متطرفة مناهضة للنظام لم يعرف عنها سوى تقديم نموذج الارهاب والعنف والقتل والتكفير تحت غطاء الدين, وحزب الله الايراني اللبناني ايضاً منخرط في دوامة القتل لصالح ايران والنظام.
اما القوى السورية الاخرى التي تقاتل من اجل الحرية والتخلص من الاستبداد ومنها الجيش الحر الذي انشق عن الجيش السوري وفئات شعبية اخرى معارضة, فيكاد يضيع صوتها في جلبة المعركة وضراوة سفح دماء السوريين يومياً وتغول القوى المتطرفة في سوريا.
لقد ثبت ان المعارضة السورية غير موحدة سياسياً وان المعارضة المهاجرة في الخارج مظاهرة سياسية تأثيرها محدود في سير القتال والمعارك في سوريا ولم تظهر في سوريا بعد قيادة توفق بين قوى المعارضة او تلم صفوفها في جهة موحدة كما ان بعض هذه فئات المعارضة أدوات في ايدي دول في الاقليم تغذيها بالمال والسلاح.
ولهذا التبست على دول العالم هوية الثورة السورية واهدافها وبدت الثورة السورية لدول الغرب التي عانت من القاعدة وتطرفها وكأنها ثورة اصولية تناهض الحرية والديمقراطية وعامل عدم استقرار في الشرق الاوسط.
فما زالت دول كثيرة في العالم مترددة في اتخاذ موقف داعم للثورة السورية لأن القوى عالية الصوت في سوريا على الاغلب متطرفة دينياً وتصرفاتها لا تختلف كثيراً عما جرى في افغانستان والعراق, كل ذلك يصب في مصلحة النظام السوري الذي استطاع ان يبقى متماسكاً عسكرياً وسياسياً حتى الان, بفضل الدعم الروسي والايراني وبسبب الخلل والانقسام الواضح في صفوف المعارضة السورية خاصة بعد أن نشبت صراعات حادة بين بعض اطرافها فالمجلس الوطني السوري لم يستطع حتى الان ان يكون مظلة لهذا التباين والتناقض في صفوف المعارضة, ولذا فالذهاب الى جنيف سيؤدي حتماً انقسامات حادة بين صفوف المعارضة, ويفجر تناقضاتها وهذا ما يراهن عليه النظام السوري, اذ قبل الذهاب الى جنيف معتمداً على احتمال توسيع الانقسام في صفوف المعارضة, والقاء اللوم على المعارضة في افشال جهود السلام.
ليس من مصلحة المعارضة الذهاب لجنيف في ظل الانقسام والخلل الكبيرين في موازين القوى وعدم وضوح الهدف من الذهاب الى جنيف, أهو الخلاص من النظام السوري أم اعادة انتاجه بصيغة اخرى.
المعركة في الداخل السوري لم تعد فقط بأيدي السوريين بل بأيدي قوى مسلحة اخرى غير سورية, فالحرس الثوري الايراني ومستشاروه والميليشيات التابعة لايران القادمة من العراق ومن لبنان تدير معركة النظام ضد المعارضة السورية, وقد ثبت أن الولايات المتحدة غير مستعدة للتدخل العسكري وتغيير هذه المعادلة, كما أن الدول العربية المؤيدة للثورة السورية لم تمتلك الجرأة للانخراط مباشرة في الصراع بدون غطاء عسكري اميركي.
فهل يشكل الحجم الهائل للدمار والقتل والمآسي الانسانية في سوريا ثقلاً ضاغطاً على ضمير المجتمع الدولي والرأي العام وبخاصة في روسيا والولايات المتحدة يغير مجرى المواقف الدولية حدوث ذلك وحده قد يؤثر في مواقف الدول الكبرى المؤثرة في الصراع ويدفعها الى توافق دولي ولو بالحد الادنى لاحلال السلام, بدون ذلك لن يكون لأي مؤتمر دولي حول سوريا جدوى سوى نقل التناقض والصراع مرة اخرى الى الساحة السياسية.