الرئيسة \  واحة اللقاء  \  دمٌ مستمر وغياب للحلول.. هذا ما عاشته سوريا في 2019

دمٌ مستمر وغياب للحلول.. هذا ما عاشته سوريا في 2019

29.12.2019
الخليج أونلاين


لندن - الخليج أونلاين (خاص)
السبت  28/12/2019
لم يكن عام 2019، مختلفاً عن السنوات التي سبقته فقد استمر شلال الدم الجاري في البلاد منذ عام 2011، إبان إشعال نظام بشار الأسد للحرب ضد الثورة السورية المطالبة بإسقاط النظام أسوة بثورات الربيع العربي في دورتها الأولى.
وخلال 12 شهراً كانت الأحداث متسارعة بشكل كبير، مرت فصولها على السوريين بشكل متقلب ما بين استمرار المجازر على يد قوات نظام الأسد ومروحياته، بالإضافة لمقاتلات روسيا والميليشيات الإيرانية المنتشرة على الأرض، ومواصلة نزوح وتهجير المدنيين من بيوتهم، وحل سياسي متعثر، وانتهاك للهدن، وصمت دولي.
ورغم كل تلك الدماء التي سالت في سوريا، بينها مئات آلاف القتلى، وملايين الجرحى والمهجرين والنازحين، وما تعلنه الأمم المتحدة في تقاريرها الدورية عن حاجة ملايين السكان للمساعدة العاجلة، لا زال رأس النظام بشار الأسد متمسكاً في منصبه، رغم مطالبات دولية برحيله لكن المعارضة تعتبرها غير جادة.
خرق الهدن
ومنذ أبريل 2019، تنتهك قوات الأسد مدعومة من روسيا وإيران، مناطق خفض التصعيد في محافظتي إدلب وحماة بالإضافة إلى أجزاء من ريف اللاذقية وريف حلب متسببة بمقتل وإصابة العشرات بشكل شبه يومي.
وفي ظل ذلك أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، (يونيو 2019) أنّ النظام السوري وروسيا يستخدمان أسلحة محظورة دولياً (ذخائر عنقودية وأسلحة حارقة) في هجمات غير مشروعة على المدنيين شمال غربي سوريا.
وتلك المناطق مشمولة باتفاق توصلت إليه روسيا وتركيا في سوتشي الروسية، في سبتمبر 2018، نصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل.
وسبق ذلك الاتفاق محادثات أستانا التي بدأت في كازاخستان عام 2016، بين روسيا وتركيا وإيران ونظام الأسد والمعارضة العسكرية السورية، والذي تسبب بعقد اتفاقات تخفيض تصعيد في عدة مناطق من عموم سوريا، أدت إلى خسارة المعارضة العسكرية لأغلب مكاسبها على الأرض، حيث أن النظام لم يلتزم ولا مرة في الهدن، واستمر في قصف المدنيين الأمر الذي كان يدفع إلى توقيع اتفاقيات تهجير.
وفي ظل التواجد الإيراني العسكري في سوريا، استمر على مدار سنة 2019، استهداف دولة الاحتلال الإسرائيلي للمواقع الإيرانية، والتابعة لميليشيا حزب الله اللبناني، وبالطبع لمواقع نظام الأسد أيضاً.
ورغم كل التصعيد الدعائي الكبير والمستمر لما كان يطلق على نفسه محور المقاومة والممانعة (إيران – نظام الأسد – حزب الله اللبناني)، لم يرد الحلف على دولة الاحتلال، في ظل استمرار قصف المواقع تلك بسوريا.
وكانت آخر هجمات جيش الاحتلال في (20 نوفمبر 2019)، على أهداف إيرانية ولنظام الأسد داخل سوريا، بسبب صواريخ قال إنها أُطلقت على "إسرائيل" قبلها بيوم.
كما انتهك قصف إسرائيلي في الـ12 من الشهر نفسه، الأجواء السورية، مستهدفاً منزل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أكرم العجوري، في دمشق؛ وهو ما أسفر عن استشهاد ابنه معاذ وشخص آخر، دون أن يحرك النظام ساكناً.
وكانت أقسى الهجمات قد وقعت أواخر يناير الماضي، حين أعلن جيش الاحتلال قصف مواقع تابعة لـ"فيلق القدس" الإيراني بسوريا؛ وهو ما تسبّب في سقوط أعداد من القتلى والجرحى.
من جانب آخر، سعت تركيا في الأعوام الماضية، لدخول مناطق شرق الفرات بالتعاون مع فصائل المعارضة السورية لإيقاف تهديد الوحدات الكردية الانفصالية والتي تهدد وحدة سوريا، وتشكل خطراً على الأمن القومي التركي، إلا أن الممانعة الأمريكية أجلت الموضوع.
لكن في 9 أكتوبر 2019، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انطلاق عملية "نبع السلام" على يد الجيش التركي والجيش الوطني السوري لأجل القضاء على اعتبره "الممر الإرهابي المُراد إنشاؤه قرب حدودنا الجنوبية، وإحلال السلام في تلك المناطق عبر إنشاء منطقة آمنة لعودة السوريين إلى بلدهم".
وفي 17 من الشهر نفسه، علق الجيش التركي العملية بعد توصل أنقرة وواشنطن إلى اتفاق يقضي بانسحاب الوحدات الكردية من المنطقة، وأعقبه باتفاق مع روسيا بسوتشي في الـ22 من الشهر ذاته.
وفي 27 أكتوبر 2019، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسمياً مقتل أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم "داعش" في عملية خاصة للقوات الأمريكية في قرية باريشا بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا.
وأكد أنه شاهد عملية قتل البغدادي بصحبة نائبه مايك بنس، ووزير الدفاع مارك إسبر، ورئيس الأركان، وآخرين، مضيفاً: "زعيم التنظيم قتل في نفق مسدود وكان يصيح ويصرخ خلال محاولات هربه"، مشيراً إلى أن البغدادي فجر نفسه بحزامه مع أطفاله.
وأوضح أن 8 طائرات أمريكية نفذت إنزالاً على منزل البغدادي، مشيراً إلى أنه أثناء تحليق الطائرات على مستوى منخفض وبسرعة عالية جداً "قوبلنا بإطلاق نار من المنطقة".
وكشف عن فتح روسيا المجال الجوي الذي تحت سيطرتها في سوريا أمام قوات بلاده، وقال: "روسيا كانت عظيمة؛ وحلقنا فوق مناطق خاضعة لروسيا في سوريا لكنهم لم يعرفوا ماذا كنا نفعل بالضبط".
لم يكن الحل السياسي بوضع أفضل من الوضع الميداني المتعثر، فقد فشلت جولتين من مباحثات جنيف لتشكيل دستور جديد لسوريا برعاية الأمم المتحدة.
وانطلقت أولى المباحثات في 30 أكتوبر 2019، بعد أن أعلن تشكيلها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن نجاح جهود أممية بتأسيس لجنة دستورية مكونة من 150 عضو من النظام والمعارضة والمجتمع المدني بالتساوي، وأن قراراتها ستتطلب أكثرية ثلثي الأعضاء، ولا تحتاج موافقة البرلمان أو الرئاسة السورية.
وستعمل اللجنة على إعادة صياغة الدستور السوري ضمن عملية انتقال سياسي، مع التوقف الفوري عن شن هجمات ضد أهداف مدنية برعاية دولية، لتنتهي بجمع الأطراف في مفاوضات نهائية تخلص إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة بإشراف أممي.
لكن نظام الأسد أفشل آخر الجولات بسبب طرحه لأجندات سياسية لا تتصل بالدستور لا من قريب ولا من بعيد، بحسب تعبير وفد المعارضة، حيث لم تخرج الجولة الأولى إلا باقتراحات من الوفد المعارض تتضمن جدول أعمال، ولم يقدم أي أوراق سوى رفع الشعارات وإلقاء التحيات على جيش الأسد، في حين اكتفى وفد المجتمع المدني بمناقشة الورقة المقدمة من هيئة التفاوض.
من جانب الاقتصاد كانت الحياة اليومية للمواطنين السوريين في أسوء أحوالها، في مناطق سيطرة النظام، ومناطق سيطرة المعارضة على السواء، حيث انهارت الليرة السورية لأدنى مستوياتها أمام الدولار الأمريكي.
وسجلت الليرة في ديسمبر ونوفمبر الماضيين انخفاضاً وصل إلى سعر صرف 900 ليرة مقابل كل دولار واحد، في حين لا زال المصرف المركزي السوري (تابع لنظام الأسد) يسعر صرف الليرة مقابل الدولار عند 435 للشراء و438 للمبيع، في تجاهُل كامل لما يجري في سوق العملة.
وذكرت مصادر محلية لموقع "الخليج أونلاين"، أن أسواق العاصمة دمشق تشهد ارتفاعاً غير محدود في أسعار السلع الغذائية الرئيسة وصلت إلى 40%، بسبب انخفاض سعر صرف الليرة.
وفي ظل استمرار نظام الأسد في ارتكاب جرائم تعدها جهات دولية جرائم ضد الإنسانية، وقع الرئيس دونالد ترامب، قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019، واعتبرت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان أنها "خطوة مهمة من أجل تعزيز المحاسبة عن الفظائع التي ارتكبها بشار الأسد ونظامه في سوريا".
وأضاف البيان: إن "القانون يوفر للولايات المتحدة وسائل تساعد في وضع حد للصراع الرهيب والمستمر في سوريا من خلال تعزيز قضية مساءلة نظام الأسد"، معتبرة أنه "يحاسب أولئك المسؤولين عن موت المدنيين على نطاق واسع وعن الفظائع العديدة في سوريا، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية وغيرها من الأسلحة الهمجية مسؤولية أعمالهم".
وسيشمل القانون توسيع نطاق العقوبات لتشمل قطاعات رئيسية من اقتصاد نظام الأسد أو الكيانات السورية الداعمة له، للوصول إلى مرحلة إعادة إعمار سوريا انطلاقاً من المحاسبة والعدالة لضحايا النظام، وسيطال قوات أجنبية من أهمها الجيش الروسي، والمرتزقة المتعاقدون مع نظام الأسد، وشركات الطاقة التابعة له، وكل العقود التي أبرمت مع النظام.
وقانون قيصر قدم لأول مرة عام 2016 حاملاً اسم ضابط منشق عن مخابرات النظام عام 2014، سرب 55 ألف صورة لمعتقلين قتلوا تحت التعذيب في سجون الأسد بشكل وحشي.
وحتى نهاية عام 2019، واستمراراً لانتهاكات روسيا ونظام الأسد وإيران لاتفاق خفض التصعيد في إدلب، سيطر نظام الأسد على مناطق استراتيجية من إدلب وريف حماة خلال عدة شهور عبر معارك متفرقة وقصف هستيري مركز على مناطق المدنيين بينها خان شيخون، والهبيط وأجزاء من ريف حماة.
وفي ديسمبر سيطرت قواته على مدينة جرجناز بريف إدلب، سعياً للوصول إلى مدينة معرة النعمان الاستراتيجية في ريف إدلب الجنوبي الواقعة على الطريق الدولي "دمشق – حلب".
وتسببت الحملة خلال ثمانية أشهر بتهجير أكثر من نصف مليون مدني أكثرهم من الأطفال والنساء في العراء باتجاه الحدود المغلقة مع تركيا.