الرئيسة \  مشاركات  \  دور الإعلام بالاستقرار وعدمه

دور الإعلام بالاستقرار وعدمه

31.01.2015
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
برلين 29‏/01‏/2015
ربما تكون الصحافة التي تستهدف الاسلام جراء بثها لتقارير غير صحيحة حول الدين الاسلامي والمسلمين وراء قيام احزاب قومية متطرفة معادية للاسلام تطالب بإخلاء اوروبا ولا سيما المانيا من المسلمين .
ويعتبر الشعب الالماني في مقدمة الشعوب الاوروبية شغفا بالاعلام المقروء . وتعتبر الصحافة الشعبية مثل الـ / إكسبريس / والـ / بيلد / وغيرها من الصحف الشعبية بمتناول يد اكثر الطيفة العاملة التي لا تتمتع بشي كاف من المعرفة ، فالصحافة الشعبية تبث تقاريرها عن الاسلام من مسلمين لا يوجد عندهم المعرفة الكافية بدينهم . أما الصحافة المرموقة التي تبث تقارير وتحاليل سياسية واقتصادية اضافة الى نشرها بين الحين والاخر تقارير عن الاسلام فتداولها منحصر بالطبقة المثقفة والمتوسطة الثقافة .
ولا تعتبر الهجمة على الاسلام التي تقودها الصحافة الشعبية بجديدة ووليدة حوادث 11 أيلول / سبتمبر من عام 2001  فالتحرش بالمسلمين والاساءة الى مشاعرهم قديم ، فقد عرضت المحطة الاولى من الرائي الالماني ذات مرة في برامجها الاخباري الساخر  وعندما كان زعيم الثورة الايرانية روح الله الخميني المعروف بـ / آية الله / لا يزال على قيد الحياة صوره على ملابس داخلية   الامر الذي أثار حفيظة ايران واستدعت السفير الالماني في طهران وقدمت له احتجاجا على الاهانة الامر الذي جعل من المستشار الالماني الراحل فيلي براندت / أثناء رئاسته للحزب الديموقراطي الاشتراكي / يعتذر رسميا لايران والمسلمين كما عرضت المحطة التجارية الخاصة من الرائي الالماني / ر ت ل / ذات مرة صفحة من سورة الاسراء على امرأة عارية / وكنت من راقب هذه الصفحة وتسجيلها على الفور وقمت بتقديمها الى جامعة مدينة كولونيا عندما كنت طالبا فيها عام 1988 / وكانت عاقبة شكوى الجامعة ضد المحطة إقالة من قام بعرض صفحة القرآن على تلك المرأة ، اضافة الى قطعة حجرية منقوش عليها اسم / محمد بخط كوفي جميل موضوعة على طريق العامة بمدينة كولونيا يمشي عليها الصغير والكبير والحيوان والانسان ، هذه  القطعة الحجرية قمت بتصويرها وأعطبتها لسفير السعودية الراحل عباس الغزاوي الذي استشاط غضبا وقام بتقديم احتجاج للحكومة الالمانية وبلدية مدينة كولونيا كان نتيجتها الاعتذار وازالتها على الفور ، كل هذه الحوادث وقعت قبل حوادث 11 ايلول / سبتمبر من عام 2001 وأثناء الحرب الباردة  وقبيل انهيار الانظمة الشيوعية في اوروبا وانهيار جدار  برلين وذلك الحرب الباردة وأثناء شهر العسل بين الغرب والعالم الاسلامي .
وأكد الرئيس الالماني يوئاخيم جاوك بكلمة القاها مساء يوم أمس  الاربعاء 28 كانون ثان / يناير بمناسبة مرور خمس واربعون عاما على قيام مجلس شورى الصحافة الالمانية بأن الصحافة الكاذبة او الدسيسة وراء المعاداة للاسلام واللاجئين المسلمين وتقسيم المجتمع الالماني والاوروبي ،  فالصحافة الدسيسة كانت دائما وراء الحروب ألتي وقعت في اوروبا ،  استخدمتها الكنيسة الكاثوليكية لاجهاض حركات التحرير من قبضتها واستخدمتها القيصرية الالمانية وقيصرية هابسبورج لوقف جماح طموحات شعوب اوروبا بالتحرر من الاحتلال فكانت الحرب العالمية الاولى واستخدمها النازيون ضد اليهود في اوروبا فكانت نتيجتها ويلات الحرب العالمية الثانية  واستخدمها الشيوعيون في اوروبا لتزوير حقائق اوضاع بلادهم الداخلية  وها هم المتطرفون القوميون يستخدمونها لبث نار الحقد ضد الاسلام والمسلمين لأنهم على علم يقيني بأنه لن تتحرك اي دولة مسلمة في هذه الاوقات للدفاع عن المسلمين لإنشغال حكومات الدول الاسلامية بمشاكلهم الداخلية مؤكدا ان الصحافة مصدر للحروب ومصدر للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي اذا ما التزمت بالتقرير المستقل والصحيح .
وحث جاوك الصحافيين التعاون مع الهيئات الاجتماعية والسياسية لوقف جماح تطرف القومية ، فاذا ما استمع عامة الشعب الالماني الى الجبهة القومية التي تزعم بانها حامية الغرب من الاسلام ، فان اي حرب تقع بين الاسلام والمسيحية أضرارها على الجميع وخاصة على الامن والاستقرار الاوروبي حاثا بالوقت نفسه زعماء المسلمين دعوة منظمي المظاهرات المعادية للوجود الاسلامي ودعوة اولئك الذين يطالبون بعدم استقبال لاجئين من منطقة الشرق الاوسط الى الحوار فالحوار البناء والحجج العلمية والعملية يمكن ان تضع حدا للتطرف القومي على حد قوله .
وكان رئيس كتلة حزب البديل لالمانيا / وهو حزب اقتصادي يعادي العملة الاوروبية / اليورو / ويطالب بالعودة الى / المارك /  الا انه خرج عن اهتمامه بالاقتصاد واعلن تأييده للجبهة القومية الاوروبية المعادية للاسلام / بيجيدا / في برلمان ولاية براندينبورج   الكسندر جاولاند قد طالب يوم أمس الاربعاء  الحكومة الالمانية بعدم استقبال لاجئين مسلمين من الشرق الاوسط خشية  نشرهم الاسلام مشيرا بأنه من الصعوبة دمج اللاجئين المذكورين من تلك المنطقة بالمجتمع الالماني لاختلاف  عاداتهم وثقافاتهم والاقتصار على اللاجئين المسيحيين او من الديانة اليزيدية لانهم اكثر تاقلما مع عادات المجتمع الالماني على حد رأيه .
ولا يمكن مجابهة الاعلام الدسيس المعادي للاسلام الا بالاعلام الذي هو مصدر هام للقوة السياسية والاقتصادية فالله يقول / وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ترهبون به عدو الله وعدوكم / وجاءت قوة بهذه الاية بالنكرة وقد استخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الاعلام الذي كان شعرا لنشر الدعوة الاسلامية وزرع الخوف بقلوب المشركين المعادين للدين الاسلامي .