الرئيسة \  واحة اللقاء  \  دولة العراق والشام الإسلامية.. والمالكي

دولة العراق والشام الإسلامية.. والمالكي

12.10.2013
ياسر أبو هلالة


الغد الاردنية
10/10/2013
تفكك المنطقة على أساس مذهبي وطائفي وإثني. ليس ذلك مؤامرة من صحيفة "نيويورك تايمز" التي نشرت خرائط متخلية للمنطقة، من بينها "سُنّة ستان" تشمل أجزاء من العراق وسورية، وأخرى للشيعة، وثالثة للكرد.. لكنه نتيجة طبيعية لفشل بناء الدولة الوطنية. فأهم بلدين في المشرق؛ سورية والعراق، حكمهما نظامان لا يؤمنان بالحدود القطرية ولا بالمواطنة، ويتوقان لوحدة عربية، ولهما موقف دموي من الإسلام السياسي.
لذا، وبموازاة المواجهة الدموية مع الإخوان المسلمين في سورية في الثمانينيات، كان النظام البعثي في العراق يخوض مواجهة لا تقل ضراوة مع حزب الدعوة؛ النسخة الشيعية من الإخوان المسلمين، والذي من رحمه الفكري تناسل حزب الله اللبناني وباقي التنظيمات الشيعية الحركية في البحرين والسعودية.
حزب الدعوة يسعى بوضوح لإقامة دولة إسلامية، وهو يختلف مع إيران بشأن نظرية الولي الفقيه. وقد ظل المرجع الشيعي اللبناني آية الله حسن فضل الله، إلى وفاته، مرجع التقليد لنوري المالكي الذي كان مسؤول الخط العسكري في حزب الدعوة.
قبل "القاعدة"، تبنى حزب الدعوة والمرجعيات الشيعية العمليات الانتحارية؛ سواء ضد  "المارينز" والسفارات الغربية في بيروت، أو ضد الحكومات المختلف معها في العراق والبحرين والسعودية. وقتها كانت الحركات الإسلامية السنية التي تناسلت منها "القاعدة" لاحقا، تتحالف مع الولايات المتحدة لقتال السوفييت في أفغانستان.
وكما فشل مشروع البعث في سورية والعراق في إقامة الوحدة العربية، وفشل أكثر في الحفاظ على وحدة الوطن الذي تركه المستعمر موحدا؛ فشل المشروع الإسلامي الشيعي، وتحول من مشروع أمة إلى ميليشيا طائفية. رد الفعل الطبيعي على مشروع طائفي شيعي يستقوي بإيران، هو مشروع طائفي سني يستقوي بـ"الأمة". دولة العراق والشام الإسلامية يقاتل في صفوفها الشيشان والأكراد والبلوش والترك والعرب، والمعركة بنظرهم بين مشروعين؛ شيعي وسني.
أحد أنصار "الدولة" الذي رد على مقالي عن استغلال بشار لها، عرض رابط فيديو لمسيرة استفزازية شيعية في الأعظمية؛ أهم أحياء السنة في بغداد. وهو فيديو نشرته مواقع شيعية باعتباره ردا على تفجيرات الكاظمية. قلت لأبي عمر الدليمي إن المسيرة نتيجة للتفجيرات وليست سببا لها، فأكد أن المسيرات مسلسل يتم "بمباركة حكومية منذ سنوات، ولم تكن عفوية".
في قراءة نفسية الجماعات والمجتمعات، يمكن بسهولة الاستنتاج أن الأعظمية تتحول إلى تأييد مشروع البغدادي، في ظل إهانة رموزها والاستقواء عليها. يخاطب قادة المظاهرة أبناء المنطقة بوصفهم أبناء عائشة. والهتافات كلها شتم لسيدنا عمر "لعن الله عمر ضرب ضلعها وانكسر"، في إشارة لأسطورة كسر سيدنا عمر لضلع فاطمة الزهراء، ما أدى إلى "استشهادها".
المفارقة أن المالكي ظل يقلد السيد حسن فضل الله الذي ينكر أسطورة كسر الضلع، نقلا وعقلا. وهذا مجرد رأس جبل جليد؛ فالسنة يتعرضون حقيقة للتهجير والتطهير والتهميش. لكن يستفيد المالكي من تسعير الحرب الطائفية لتكريس هيمنته على الدولة، بقدر ما يفيد أبو بكر البغدادي الذي يحمل لواء الثأر للسنة في العراق وسورية. بالمحصلة، لا دولة في العراق ولا دولة في سورية؛ بل جماعات تطلب ثأرها، والثأر دائرة جهنمية مغلقة بلا نهاية. العراقيون اليوم يقاتلون بعضهم على أرض الشام، كما أرض العراق.
فشل بناء الدولة بعد خروج المستعمر، هذا بعض نتائجه.