الرئيسة \  واحة اللقاء  \  دول الخليج العربي وخطر التقسيم في سورية والعراق

دول الخليج العربي وخطر التقسيم في سورية والعراق

09.11.2016
محمد محفوظ


الرياض
الثلاثاء 8/11/2016
منذ سقوط النظام الديكتاتوري في العراق ٢٠٠٣م وإلى الآن، لم يتوقف خطر التقسيم في العراق.. إذ مازالت هناك مخططات كبرى ومعقدة تستهدف وحدة العراق أرضاً وشعباً.. كما أن الصراع الطائفي الذي أصاب العراق في كل مكوناته، قرب من احتمال التقسيم في العراق.. وسورية هذا البلد العربي العريق هو الآخر مهدد في وحدته، وثمة مخططات تستهدف وحدة سورية.. والأحداث الكبرى التي أصابت سورية خلال الخمس سنوات الماضية، نشطت من خطر التقسيم الذي يهدد سورية أرضاً وشعباً.
ويبدو في سورية والعراق أن الانقسام الطائفي والقومي هو المناخ السياسي والاجتماعي الذي يحرك خطر التقسيم في كلا البلدين..
الخطر ليس قدراً مقدراً لعموم المنطقة العربية.. وبإمكان كل دول المنطقة إذا تضافرت كل الجهود إفشال هذا المخطط.. لأننا نعتقد أنه ليس من مصلحة المنطقة كلها تقسيم العراق وسورية..
ولا ريب أن احتمال التقسيم يلقي تحديات سياسية واقتصادية وأمنية كبرى على دول الخليج العربي.. لأن من متواليات التقسيم تحريك الطموحات الكامنة.. وأمام هذا الخطر والتحدي تبرز جملة من التحديات التي تواجه منطقة الخليج العربي على المستويات كافة..
ونود في هذا المقال أن نثير الاهتمام بهذا الخطر وأهمية العمل المتواصل لإفشال هذا المخطط الذي يستهدف وحدة العراق وسورية معاً، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لخلق رؤية خليجية متكاملة لمواجهة هذا الخطر المحدق بوحدة منطقة الخليج العربي وآفاقها المستقبلية..
لم يعد خطر التقسيم لسورية والعراق مدفوناً في أوراق مؤسسات الدراسات الأمنية والاستراتيجية في الغرب، وإنما أصبح هذا الخطر ماثلاً أمام الجميع.. ولعلنا لا نبالغ حين القول: إن خطر التقسيم لسورية والعراق، أضحى في هذه الفترة أقرب للتحقيق من جراء طبيعة الأحداث الكبرى التي تجري في العراق وسورية..
ولكن ما نود قوله في هذا السياق أن هذا الخطر ليس قدراً مقدراً على المنطقة كلها. وإنما هو مخطط سياسي واستراتيجي واجتماعي، ويستند هذا المخطط على وقائع سياسية وأمنية كبرى، تدفع باتجاه خيار التقسيم سواء في سورية أو العراق..
إلا أن هذا الخطر ليس قدراً مقدراً لعموم المنطقة العربية.. وبإمكان كل دول المنطقة إذا تضافرت كل الجهود إفشال هذا المخطط.. لأننا نعتقد أنه ليس من مصلحة المنطقة كلها على المستويات كافة تقسيم العراق وسورية..
وبإمكان دول المنطقة تحصين الواقع العربي من خطر التقسيم.. ففي الوقت الذي نقر أن هناك مخططات دولية تستهدف تقسيم العراق وسورية، كما أن هناك أحداثاً وتطورات سياسية واجتماعية متواصلة في كلا البلدين تدفع في محصلتها النهائية بخيار التقسيم.. إلا أن هذه الأحداث لا تحول التقسيم إلى قدراً مقدراً.. وبالإمكان إفشال هذا المخطط بتعاون كل دول المنطقة.. ولا تمتلك دول الخليج العربي أي مصلحة حقيقية وفعلية من خيار التقسيم في سورية والعراق..
نقر أنه ثمة تباينات استراتيجية بين العراق وسورية من جهة ودول الخليج العربي من جهة أخرى.. إلا أنه لا مصلحة فعلية لدول المنطقة من خيار التقسيم.. بل إننا نرى أن خطر التقسيم لا ينسجم والمصالح العليا لدول الخليج العربي.. وأن دول المنطقة تمتلك القدرة الفعلية لإفشال هذا المخطط والدفاع عن راهن الواقع العربي ومستقبله.
إن النظام السياسي في كلا البلدين، العراق وسورية، يتحمل مسؤوليات جسام لإفشال هذا المخطط الذي يستهدف وحدة العراق وسورية.. ولا يمكن لأنظمة الحكم في سورية والعراق من مواجهة خطر التقسيم إلا بتطوير نظام الشراكة السياسية في إدارة شؤون الحكم في سورية والعراق.. ونعتقد على هذا الصعيد أن إقصاء مكون من المكونات من نظام الشراكة السياسية والأمنية هو الذي يؤسس المناخ لخيار التقسيم.. وعليه فإن تطوير نظام الشراكة السياسية في سورية والعراق، هو القادر على إفشال مخطط التقسيم.. وهذا يحمل النظام السياسي في العراق وسورية مسؤولية العمل لتطوير نظام الشراكة لتمتين نظام الوحدة الوطنية وإبعاد خطر التقسيم عن العراق وسورية..
إن الاقتتال الطائفي في العراق وسورية هو من أهم الأدوات لاستحضار خيار التقسيم. لذلك فإن التفكير في وسائل ومقاربات إدارة ملف الاختلاف الطائفي في المنطقة هو الذي يجنب سورية والعراق خطر التشظي والتقسيم.. ودول الخليج العربي تتحمل مسؤولية أساسية على هذا الصعيد.. ندرك أن الانقسام الطائفي في المنطقة حقيقة قائمة، ولكن الإدارة السياسية والثقافية لهذا الانقسام هي التي بحاجة إلى رؤية جديدة تعيد الاعتبار لوحدة الأوطان والمجتمعات دون الإضرار بالتنوع الطائفي الموجود في سورية والعراق وعموم المنطقة.. ولقد أثبتت الأحداث والتطورات الأخيرة أن الاقتتال الطائفي إذا استمر في العراق وسورية فإنه يؤدي إلى نتائج كارثية على وحدة العراق وسورية واستقرارهما الاجتماعي والسياسي.. لذلك ثمة ضرورة فعلية لبناء مقاربة جديدة في عموم المنطقة لإدارة ملف الانقسام الطائفي، لا يدفع الأمور باتجاه الاقتتال الطائفي ولا يدفع الأمور باتجاه خيار التقسيم والتشظي.. ونرى أن دول الخليج العربي بإمكانها القيام بالعديد من الخطوات والمبادرات لإدارة هذا الملف دون الإضرار بخيار الوحدة الوطنية في كل بلد عربي ودون الإضرار بخيار الاستقرار الاجتماعي والسياسي.. وعليه فإن دول الخليج العربي تتحمل مسؤولية مباشرة لإفشال مخطط التقسيم في سورية والعراق.. وإن الاختلافات الاستراتيجية والسياسية مع العراق وسورية، لا تمنع دول المنطقة دون القيام بدورها الرافض لهذا الخيار، الذي يؤسس لتحديات ومشاكل كبرى لكل دول المنطقة.. ونرى أن الدفاع عن وحدة العراق وسورية هو دفاع عن الأمن القومي العربي لكل دول الخليج العربي.