الرئيسة \  واحة اللقاء  \  دويلات طائفية

دويلات طائفية

12.05.2013
صالح القلاب

الرأي الاردنية
الاحد 12/5/2013
عندما يتحدث وزير الخارجية التركي احمد داود اغلو عن الخطة (ب) التي بدأ الرئيس السوري بشار الاسد بتنفيذيها والتي تقضي باقامة دولة علوية «نصيرية» في منطقة السواحل السورية مع ممر آمن من قلب مدينة حمص فانه على دول هذه المنطقة ان تأخذ هذا الامر بمنتهى الجدية والمسؤولية اولاً: لأن تركيا اكثر الدول المجاورة مراقبة لهذا الامر ومعرفة به وثانياً: لأن ما يجري من عمليات تطهير مذهبي وطائفي في مناطق اماكن الكثافة «السُنيّة» يدل على ان هناك جدية في تمزيق سورية وتحويلها الى دويلات طائفية متناحرة ومتقاتلة وفقاً للمشروع الفرنسي القديم الذي يعود لفترة ما بعد الحرب العالمية الاولى.
انها مسألة غدت بمنتهى الجدية ولعل ما تجدر الاشارة اليه ان هناك معلومات تعود لفترة الاب حافظ الاسد كانت قد تحدثت عن عمليات تهيئة فعلية وحقيقية لاقامة الدولة العلوية التي كان جد الرئيس السوري السابق سليمان «الوحش» احد الموقعين على مذكرة تم توجيهها الى الفرنسيين تطالبهم بدعم اقامة هذه الدولة بحجة ان مستقبل الاقليات غير آمن وغير مضمون في ظل محيط من دول الطائفة السنية.
ثم وان ما يعزز هذا الذي قاله وزير الخارجية التركي والذي تردده الكثير من الاوساط العربية الرسمية المسؤولة، ان هناك معلومات تشير الى انه تم نقل كل موجودات البنك المركزي السوري الى «القرداحة» فور تحول حادث «درعا» المعروف في عام 2011 الى هذه الثورة العارمة المتصاعدة وانه جرى تحويل كل الاسلحة المتطورة الحديثة بما فيها سلاح الصواريخ البالستية وسلاح الطيران الى المناطق «العلوية» وانه تقرر ان ينتقل بشار الاسد الى هذه المناطق بمجرد ان تصبح دمشق العاصمة غير آمنة ومهددة فعلياً من قبل الجيش الحر والمعارضة المسلحة.
وبالطبع، فان من المستبعد جداً ان يتم الاعلان في البدايات عن اقامة الدويلة العلوية التي من المنتظر ان ترتبط بحبل سري مع دويلة حزب الله الطائفية في لبنان، فالمتوقع بل المؤكد ان تُعتبر مناطق «النصيريين» التي ستنتقل اليها كل مؤسسات الدولة السورية هي المناطق «الشرعية» ولذلك وعلى هذا الاساس فانه سيتم نقل مجلس الشعب (البرلمان) وكذلك فان شعارات بعض الدول المؤيدة لنظام بشار الاسد ومن بينها ايران وروسيا ستتحول هي ايضاً الى «القرداحة» باعتبارها العاصمة السورية الشرعية.
ولهذا، فانه يجب التعامل مع ما قاله احمد داود اوغلو في منتهى الجدية وبخاصة ان ما يفعله الروس يدل على انهم متورطون في هذه المؤامرة مثل ايران الخامنئية والا ما معنى ان يبقى سيرغير لافروف يتصرف على انه ولي امر بشار الاسد وجماعته ونظامه وما معنى ان تتحول طرطوس الى اكبر قاعدة روسية على شواطئ البحر الابيض المتوسط ثم ما معنى وفقاً لما كشفه الاسرائيليون مؤخراً ان تزود روسيا وفي هذا الوقت الحساس بالذات الجيش الرسمي الذي يعد ليكون جيش الدولة «النصيرية» بصواريخ استراتيجية متطورة.
انه على العرب الذين لم يشعروا بعد بخطورة هذا الذي يجري في سورية وبخطورة ما قاله وزير الخارجية التركية ان يفتحوا عيونهم جيداً وان يدركوا ان تمزيق هذه المنطقة وتحويلها الى فسيفساء طائفية بدويلات مذهبية متناحرة هو مشروع اسرائيلي قديم يعود لنهايات اربعينيات القرن الماضي كان «الآباء المؤسسون للدولة الاسرائيلية يريدون ان تكون دولتهم بين هذه الدولة الطائفية مكانة بريطانيا العظمى في مجموعة الكومونولث المعروفة.