الرئيسة \  واحة اللقاء  \  دي مستورا والمهمة المستحيلة

دي مستورا والمهمة المستحيلة

10.05.2015
د. محمد مصطفى علوش



الشرق القطرية
السبت 9-5-2015
تدخل الأزمة السورية منعطفاً سياسياً جديداً مع بدء المشاورات مع أطراف النزاع التي أطلقها المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مستورا لنزع فتيل الصراع القائم.. متغيرات محلية وإقليمية ودولية استجدت منذ اندلاع الأزمة قبل أربع سنوات.
فالأحداث الجارية في اليمن لا يمكن فصلها بحال من الأحوال عما يجري في سوريا، إذ إن إيران ومحورها من ناحية والسعودية والتحالف العشري من ناحية أخرى، كلاهما يرى أن انتصار أحدهما في اليمن يعني انتصارا له وخسارة محققة لخصمه في سوريا والعراق وكل مناطق الصراع.
انطلقت معركة القلمون – أو توشك- التي تعهد فيها النظام السوري وحلفاؤه بإنهاء وجود المعارضة فيها، وهذا يعني أن عملية تسخين الجبهة قد وضع على النار لأهمية المنطقة استراتيجيا في ربط المدن التي يسيطر عليها النظام واستقرار خط الإمداد اللوجستي لعناصره، في الوقت الذي يتمّ فيه تسريب معلومات، لا ندري مدى دقتها، تفيد أن المحور الداعم للمعارضة السورية قد يتدخل لمساعدة فصائلها المسلحة في القلمون إذا ما شعر أن المعركة المنتظرة قد لا تكون في صالحها.
مجلة الشراع اللبنانية في عددها الصادر في الثاني من الشهر الجاري أوردت عن مصادر مطلعة قولها إن الطائرات التي غارت على مناطق حزب الله في القلمون قبل عدة أيام لم تكن إسرائيلية، كما ظن البعض، وإنما كانت عربية تنتمي لمحور عاصفة الحزم.
يعزز ذلك تصريحات لبعض قيادات المعارضة السورية تتحدث بالفعل عن دعم عسكري عربي وإقليمي مؤكد ستحظى به الفصائل المسلحة في معركة القلمون، لأنه بنظر هؤلاء أن انتصار حزب الله في القلمون يعني انتصار لمحوره في اليمن أيضا، وهذا يعني أن وحدة المعركة أصبحت أكثر تماسكا وتماهياً من أي وقت مضى لدى طرفي الصراع من صنعاء إلى بغداد فدمشق.
وما يحكى عن تخطيط لدى المحور العشري أو الثلاثي السعودي القطري التركي يقابله خطط للمحور الإيراني، ومن أحدث تحركاته في كسب النقاط الإستراتيجية في الصراع ما سربته المعارضة العراقية من أن قوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران قد دخلت منطقة النخيب على الحدود العراقية مع السعودية والأردن دون تنسيق مع الجهات المعنية في محافظة الأنبار ودون مراعاة لهواجس العشائر في المحافظة.. التضييق على الحدود السعودية والأردنية هو الهدف من هذا التحرك وفقاً لما تقوله المعارضة العراقية.
مستجد آخر دخل على الأزمة السورية منذ توقيع جنيف 1 عام 2012 تمثل بدخول تنظيم الدولة (داعش) على خط الصراع.. وهو أمر قال عنه دي مستورا لابد من أخذه بعين الاعتبار في المحادثات المتوقعة.
وإلى جانب الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة لكل من تركيا والسعودية، تمثل المستجد الجديد في دعوة إيران التي استبعدت من مؤتمرين دوليين حول سوريا نظمتهما الأمم المتحدة في العامين 2012 و2014.. تحرك دي مستورا يواكبه تحرك إقليمي تسعى من خلالها السعودية إلى توحيد فصائل المعارضة بجناحيها السياسي والعسكري قبل مؤتمر جنيف القادم.. يحكى هنا عن تنسيق عالي المستوى بين السعودية وتركيا وقطر في دعم المعارضة المسلحة.. كما يحكى عن استعدادات مماثلة للجيش السوري وحلفائه.
يرغب كل فريق أن يحقق أكبر المكاسب على الأرض قبل الذهاب إلى مؤتمر جنيف 3. وزائرو البيت الأبيض يقولون إن مزاجا أمريكيا قد تبدل لصالح دعم المعارضة السورية والتشدد على ضرورة رحيل الرئيس السوري في أي عملية سياسية، وأن ذلك ضروري لمواجهة الإرهاب.
مع هذه التصورات والتطورات المتلاحقة، تصبح معضلة دي مستورا كبيرة والتحدي أمامه عظيم. وقد رأينا كيف أن سلفيه، الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان والدبلوماسي الجزائري المخضرم لخضر الإبراهيمي قد فشلا في إحداث ثغرة في جدار الأزمة السورية، فهل سيكون مصير دي مستورا كمصير سلفيه أم سيقدم شيئاً مختلفا؟ لا أحد من معسكري الصراع حتى اللحظة ولا من داعميهم الإقليميين متفائل بما قد تفرزه المحادثات الجارية حاليا، والتي قد تفضي إلى مؤتمر دولي في مدينة جنيف.. لكن الجميع يدرك أن ما بعد جنيف3 لن يكون كما كان قبلها!.