الرئيسة \  واحة اللقاء  \  دي ميستورا لم يتخلَ عن البحث بمصير الأسد

دي ميستورا لم يتخلَ عن البحث بمصير الأسد

02.12.2014
ثريا شاهين



المستقبل
الاثنين 1-12-2014
يعتمد الموفد الدولي لحل الأزمة السورية ستيفان دي ميستورا مقاربة مختلفة توصلاً إلى الحل. هذه المقاربة وفقاً لأوساط ديبلوماسية قريبة منه، تبدأ عمودياً من الواقع على الأرض صعوداً إلى العمل لإعادة إطلاق التفاوض عبر العملية السياسية للخروج بحل للوضع السوري.
في رأي دي ميستورا، انّ عدد القتلى الرهيب، والقتل والدمار يلزم مثل هذه المقاربة. التهدئة ووقف النار هما أولوية، وبعد تثبيتهما يمكن البحث بالحل السياسي.
وتكشف الأوساط، انّ الموفد الدولي لم يتخلَ عن البحث بمصير الرئيس السوري بشار الاسد. إنما هذا البحث يمكن ان يتم من خلال التفاوض بين الطرفين السوريين الذي سيعاود انطلاقاً من أو على قاعدة وثيقة جنيف (واحد). إذا تحدث دي ميستورا منذ الآن عن مصير الأسد، عندها سيعمد النظام والأسد الى عدم استقباله، تماماً كما فعل مع سلفه الأخضر الابراهيمي. وحرصاً من دي ميستورا على مهمته في الدرجة الأولى، لم يضع الان على طاولة البحث مصير الأسد. ثم هناك سبب آخر، وهو أنّه لا يرى أنّ البحث بمصيره مفيد الآن، ولا سيما انه سيطلق لاحقاً عملية سياسية أساسها التفاوض مع النظام، لذلك يعتمد مقاربة تبدأ من وقف العنف على الارض توصلاً الى التفاوض على أساس "مؤتمر جنيف1".
وفي اطار التفاوض وانتظاراً لما سيحققه، إذا اتفق الفريقان السوريان على رحيل الأسد، فهذا يكون عائداً لهما. إنما إذا ما تحدث الآن عن رحيله، ستتوقف مهمته عند هذا الحد. ما يعني، انّ دي ميستورا لم يتخلَ عن "جنيف 1"، لا بل إنه يعتبر ان وثيقة "جنيف 1"، هي الوثيقة الوحيدة التي حظيت بتوافق دولي ويتم الاستناد اليها. وبالتالي يجب ان تتم معاودة التفاوض، بعد وقف النار وانتظار نتائجها، وما الذي ستتفق حوله الأطراف.
فرنسا وبريطانيا، وليس فقط المعارضة السورية المعتدلة، انتقدتا خطة دي ميستورا، بسب عدم حديثه عن ضرورة رحيل الأسد الآن. لكن الأوساط تشير الى انه صحيح لم يتحدث عن رحيله الآن، لكنه تحدث عن تغيير النظام في الدولة وصلاحيات الرئيس، ما يعني انّ هدفه لاحقاً ونهائياً متطابق وهدف "جنيف1". إن هدفه الأول تخفيف التوتر والعنف والدماء. ومن ثم، سيبقى يفاوض النظام حول مستقبل سوريا. ويدرك دي ميستورا تماماً انّ النظام قادر على عرقلة العديد من الطلبات الدولية، ويستطيع استخدام صلاحياته وصلاحيات ما تبقى من الدولة، لفرض ما يريده. وهذا مثلاً يتجلى في المساعي الدولية لتوزيع المساعدات وصولاً إلى البحث بالعملية السياسية. وهذا ظهر من خلال اصرار النظام على انه يريد موفداً دولياً وليس عربياً، للبحث بالوضع السوري، وهذا ما حصل.
موسكو دخلت على خط التواصل السياسي مع الأطراف السوريين في هذا الوقت.
موسكو ترى انّ الوضع في سوريا يواجه طريقاً مسدوداً، وان الحسم مستحيل، وامكانات الحل السياسي تصعب أكثر وأكثر. مع الإشارة الى انّ الروس طالبوا بتطبيق "جنيف1" و"جنيف 2" اللذين يفضيان الى حوار بين النظام والمعارضة في سوريا. لذلك دعت روسيا أحمد معاذ الخطيب الذي كان استقال من هيئة التنسيق الوطني السورية. ويرى الروس انّ الخطيب يمكنه ان ينشئ خطاً ثالثاً في المعارضة السورية. وطرحوا معه امكان عقد مؤتمر يجمع المعارضة السورية بكل اطيافها الداخلية والخارجية، في موسكو طبعاً، باستثناء "داعش" و"النصرة". وما يخيف الروس انّ المعارضة المسيطرة على الارض على الأغلب باتت "النصرة" و"داعش"، والمعارضة المعتدلة باتت تضعف وتخسر مواقعها على الارض لمصلحة هذين التنظيمين الارهابيين المتطرفين. هناك صعوبة في الحل السياسي في سوريا، لأنه بات واقعياً بين "النظام" و"داعش" و"النصرة". والعالم كله لا يتعامل مع هذين التنظيمين، ما يُعقد الحل، فضلاً عن انَ هناك حرب استنزاف لا امل بنهاية قريبة لها او حل ما، والبلاد يتم تدميرها.
ما يعني انّ هناك مقاربة روسية جديدة للملف السوري، لكن من دون التخلي عن رأس النظام بشار الأسد، لأنه لا يزال يمثل سبباً مهماً في موقعهم الاستراتيجي في الشرق الأوسط. لكن يطلبون منه الآن ان يبدي انفتاحاً اكبر على المعارضة السورية المعتدلة. وسبب هذا الطلب، وجود قناعة روسية بأن النظام وحده، لا يمكنه ان يحسم الوضع ولو بعد سنوات. وبالتالي، وجدت موسكو انه لا بد من مقاربة جديدة، يتم من خلالها توحيد المعارضات المعتدلة في البداية، تمهيداً لكي تجري هذه المعارضة حواراً مع النظام. واذا وافق النظام على الانفتاح عليها، فإن ذلك يساهم في إضعاف تنظيمَي "داعش" والنصرة، ومن ثم يفسح ذلك مجالاً لبحث حل معين، بعد ان يتم الانتقال الى حوار مستقبلي بين الطرفين.
من ضمن الاستراتيجية الجديدة هذه للروس، يريدون عقد مؤتمر "موسكو 1" للمعارضة السورية المعتدلة بكل أطيافها، يدرس امكانات توحيدها. وقد يستلزم ذلك، عقد مؤتمر "موسكو2" لاكتمال توحيدها. ومن بعد الوصول الى هذا الهدف، ينطلق السعي لفتح حوار بينها وبين النظام. ما يعني ان مؤتمرَي "موسكو1" و"موسكو2"، سيشكلان جهداً تحضيرياً وتمهيدياً لاستئناف العمل بوثيقة مؤتمرَي "جنيف1" و"جنيف2"، اي تحضيراً لـ"جنيف3".