الرئيسة \  مشاركات  \  رؤية خاصة لمعارض سوري لنظام عائلة الأسد

رؤية خاصة لمعارض سوري لنظام عائلة الأسد

12.05.2015
د. محمد أحمد الزعبي





1.يقول الشاعر العربي :  إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا      ألا تفارقهم فالراحلون هم 
وعلى غرار مضمون هذا البيت من الشعر  نقول   :
نعم إن بشار الأسد وقاسم سليماني وحسن نصر الله  هم من يضغط على الزناد  للقتل والتدمير  والتهجير في سوريا ، ولكننا نتساءل هنا : أوليس  إن كل  من يستطيع منعهم  من هذا الضغط على الزناد ولا يفعل ، إنما هو شريك فعليّ لهم في القتل والتدمير والتهجير ، هذا إذا لم يكن هو القاتل  والمدمر والمهجر الحقيقي ، ولكن "  بيد عمرو وليس بيدي " ؟  .
2. إن من يصرون على استبعاد الإخوان المسلمين من هيئات ومؤسسات  ولقاءات المعارضة السورية لنظام بشار الأسد هم بصورة أو بأخرى ، بدرجة أو بأخرى ،  من أتباع هذا النظام  ، حتى ولو كان بعضهم مغفلاً لا يدري إلى أين يستجره من يدري . ولعلم من لا يدري فإن العدو رقم واحد سواء لنظام عائلة الأسد ، أو لحماته وأنصاره من السوريين والعرب والعجم والأجانب هم الإخوان المسلمون . وهم بالذات من قال عنهم بشار الأسد ذات يوم ، وهو ما سمعته بأذني : لقد حاربنا هم طيلة خمسين عاما ( أي قبل أن يخلق !!) ، وسنبقى نحاربهم . 
3. لقد وقع من يدري ومن لا يدري من فصائل المعارضة السورية في فخ أعداء الربيع العربي ، من جهة حين بدأ المنشقون من  جيش النظام بتشكيل الجيش الحر،عام ٢٠١١  وفق خلطة فيزيائية (غير كيماوية) جمعت بين العسكريين والمدنيين ، وانخرط قسم منهم ( المنشقين )  في لعبة شرذمة المعارضة إلى مسميات مسلحة شكلية ( كتائب ، ألوية !! )، وملونة  بلون طائفي لاضرورة له ( التسميات) ، كنقيض لطائفية النظام ، وذلك انطلاقاً من مقولة  " لكل شيء آفة من جنسه "، ومن جهة أخرى ، حين غلّب العسكريون المنشقون الأسبقية  الزمنية للإنشقاق ، على التراتبية العسكرية التي تقع في أساس القيادة والسيطرة في أي جيش حقيقي بغض النظر عن مسألة الأسبقية في الإنشقاق . لانجادل في أن من حق الثوار الحذر من المندسين ، الذين  يمكن أن يكون النظام نفسه قد أرسلهم لشق صفوف المعارضة ، والتجسس عليها ، ولكن الإشكالية تبدأ عندما يختلط الحابل بالنابل ويصبح الشخص الرمادي أو الحرباوي أو المصلحجي أو المندس ، هو نفسه من سيشرف على عملية الفرز ، وتحديد من هو العدو ، ومن هو الصديق (!) .
4. تمسك الدول الكبرى  ومن يشد على يدها في المنطقة ، فيما يخص علاقتها بثورة آذار ٢٠١١ السورية  بالعصا من منتصفها ، بحيث تستخدم المال والسلاح لإبقائها ( أي العصا )  في حالة توازن بين المعارضة والنظام ، أي عمليا لإطالة مدى  ومدة القتال وتعظيم  بالتالي حجم الخسائر البشرية والمادية والمعنوية في صفوف الثورة ، كيما تظل في حالة استجداء دائم لمال هذه الدول وسلاحها ، من جهة ، وغير قادرة على حسم الحرب الدائرة مع النظام منذ أكثر من أربع سنوات لصالحها من جهة أخرى . هذا ولم يزد دور ممثلي بان كيمون    ( الأمم المتحدة ) إلى سورية عمليا على تنفيذ سياسة هذه الدول الكبرى ، المعلن منها وغير المعلن ، فيما يتعلق بحفظ التوازن بين النظام والمعارضة (ربما باستثناء كوفي عنان) . إن كل التقارير المتعلقة باستخدام النظام للأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً وإنسانياً ، كانت غالباً ما كانت تشير إلى مسؤولية " طرفي النزاع " ، أي إلى النظام والمعارضة معاً . إن استخدام أية جهة ، أو أي تقرير دولي ، لتعبير " طرفي النزاع " إنما يمثل ـ برأينا ـ تبرئة مقصودة للنظام السوري ( بشار الأسد ) من تهمة استخدامه لمثل هذه الأسلحة المحرمة دولياً ، وهي بالتالي تبرئة لروسيا ، وإعفاء للمجتمع الدولي ولدول الفيتو الخمس من مسؤوليتهم أمام الشعب السوري ، بل وأمام عشرات آلاف الأطفال السوريين الذين استشهدوا في سوريا على يد نظام بشار الأسد وشبيحته ، بالتحديد .
5. إن انتصار الثورة السورية على نظام عائلة الأسد ، هو  ـ بتقديرنا ـ رهن :
 أولاً ، باستقلال هذه  الثورة ماديا ومعنويا عن تلك الدول الكبرى والصغرى  ، المشار إليها أعلاه ، وبالتالي الترفع عن هذا الاستجداء المشروط والمعيب لهذه الدول ،
 وثانيا ، في توحيد كافة فصائلها تحت راية علم الثورة ( علم الاستقلال ) كبديل لكافة الرايات الملونة المختلفة التي باتت تفرق أكثر مما توحد ، وتؤجّل أكثر مما تعجل ،
وثالثا ، في جعل القيادة العسكرية والقتالية للكفاءة والتخصص وليس للأسبقية في الانشقاق
 ورابعاً ، في ضرورة تجميد كافة الخلافات والاختلافات الحزبية والفئوية إلى ما بعد التحرير واستعادة الحياة الديموقراطية في سوريا . حيث يصبح صندوق الاقتراع هو الحكم والفيصل بين الجميع .
6. إن منظمات الأمم المتحدة ، سلاح ذو حديّن ، فهي لنا وعلينا في آن واحد ، ومن المفروض ان تكون لدينا القدرة والخبرة في توظيف الجانب الإيجابي في هذه المنظمات  لصالح الثورة ، حتى في حالة شكوكنا بعدم جدوى قراراتها ، بما فيها قرارات مجلس الأمن الدولي التي يمكن ان  تصدر تحت الفصل السابع ، وبما فيها مواقف مندوبيها الرمادية بدءا من الداوي وانتهاء بـ دي مستورا .
7. لا ينبغي أن تحمل  ( بضم التاء وتشديد الميم ) سلبيات كل ماجرى ويجري في سورية منذ 18آذار 2011 حتى اليوم ، إلى العامل الخارجي فقط ، فالعامل الداخلي يتحمل بدوره جزءاً كبيراً وأساسياً من مأساة الشعب السوري ، ومن بقاء بشار الأسد ونظامه طيلة هذه المدة . ونعني بمسؤولية الداخل هنا ، مسؤولية :
 أ) كل من ساند وما يزال يساند هذا النظام المجرم في ماقام ويقوم به من القتل والتدمير والتهجير ، أكان من الأقليات أو من الأكثرية ، أكان من المدنيين أم من العسكريين ، أكان من طائفة النظام أو من غيرها ، أكان من العرب أم من غير العرب،
ب) الضباط المسؤولون عن القتل والتدمير والتهجير، ولا سيما الطيارون منهم ، وخبراء الصواريخ المختلفة المدى ، وخبراء الأسلحة المحرمة دولياً وإنسانياً .
ج) القسم من العلويين المستمر في تضامنه مع نظام بشار الأسد رغم انكشاف الوجه الطائفي غير الوطني وغير القومي وغير الإسلامي وغير الإنساني لهذا النظام ، والذي لم يعد خافياً على أحد .
لا نشك من جهتنا ، أن التراكمات الكمية ، يمكن أن تتحول ذات لحظة مفاجئة إلى حية تسعى تلقف كل إفك فراعنة العصر وكل مؤامراتهم على العرب والمسلمين منذ الحرب العالمية الأولى وحتى يومنا هذا .