الرئيسة \  واحة اللقاء  \  رئيس سورية المقبل

رئيس سورية المقبل

12.02.2014
سينيم تيزيابار


القدس العربي
الثلاثاء 11/2/2014
من البديهي القول بأنه وعلى الرغم من حقيقة أن الرئيس السوري بشار الأسد فقد السيطرة على البلاد، إلا أنه لايزال من الضروري أن يقوم بتقديم استقالته ويتنازل عن منصبه، وذلك حتى يتم وقف نزيف الدماء وعودة الهدوء إلى البلاد.
وإذا ما أخذنا في الاعتبار الوضع الراهن، فإنه من المحتمل جدا أن يشعر الأسد نفسه في ظل ضغوط مكثفة، بأن حياته باتت في خطر حقيقي أشبه بالخطر الذي أحاط بالعقيد الليبي الراحل معمر القذافي. وهذا يحتم على تركيا، أن تعمل من أجل خروج الأسد من سوريا بمحض إرادته وبصحبة عائلته إلى مكان آمن. ويمكن لطائرات تركيا ومروحياتها أن تخرج به من سوريا، شريطة إعلام الحكومة الروسية بذلك، كما ينبغي السماح له بالخروج بقدر مشروع من ممتلكاته وثروته الخاصة، وبالقدر الذي يكفي احتياجاته، وسوف يكون أمرا طيبا للغاية ضمان الأمان لزوجته وأطفاله في المقام الأول.
وسقوط الأسد لن يضع نهاية للصدامات في سوريا بسبب كم الدماء التي أريقت، وبسبب رغبة هؤلاء، الذين لقي أفراد عائلاتهم مصرعهم، في الانتقام بأنفسهم من أنصار النظام السوري. اضف إلى ذلك الصراع المتوقع أن ينشب بكثافة بين الجماعات والأقليات العرقية المختلفة، ما لم تستطع الحكومة الجديدة أن تسيطر على الموقف بالوسائل السلمية.
ويقوم الأسد في الوقت الراهن بقتل السنة، ولكن الأمر سيتحول إلى كارثة لو أن الزعيم السوري القادم قام بالانتقام من العلويين الشيعة. إن مثل هذا الخصام مع العلويين أو المسيحيين أو غيرهم من الأقليات، أو قتلهم سيكون بمثابة كارثة. ولابد هنا من قيام كل من تركيا وروسيا باتخاذ الاجراءات والتدابير الوقائية الخاصة لحماية العلويين والمسيحيين وضمان حسن معاملتهم، ولابد من قيام الدولتين بتحذير المعارضة وتوفير الضمانات للسوريين. ولا ينبغي أن يتعرض غير المسلمين أو العلويين لأي اذى بأي حال من الأحوال. ولو حدث أي أعمال قتل فإن ذلك يستدعي محاكمة المتورطين في ذلك وعقابهم بما يتناسب مع الجرائم التي ارتكبوها، ولا ينبغي أن تتهاون كل من تركيا وروسيا مع أي أعمال إعدام من دون محاكمة عادلة ومتكاملة.
وينبغي أن تكون الحكومة السورية الجديدة ممثلة بكافة الأفراد بصرف النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الدينية أو الطائفية أو الأيديولوجية، كما ينبغي أن تضمن ألا يعاني أي مواطن من القسر او الإكراه مجددا. وعليه، يمكن تشكيل حكومة انتقالية مؤقتة باتفاق مشترك بين كل من تركيا وروسيا وغيرهما من الدول، حتى يمكن عقد انتخابات حرة وعادلة. وبطبيعة الحال فإن قيام اي حكومة ديمقراطية من خلال انتخابات حرة على يد المواطنين السوريين لابد أن يكون هدفا أوليا، وكم يكون من الأسهل إقامة هذه الحكومة على هذا النحو إذا ما أصبحت كل من تركيا وروسيا بمثابة الكفيل والضامن لذلك.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا يدور حول نوع وماهية الزعيم السوري الذي سوف يحكم سوريا عقب سقوط الأسد. إن زعيم حكومة ديمقراطية في سوريا لا بد أن يضمن كافة حقوق الأقليات والطوائف الدينية من السكان، كما ينبغي أن يحتضن السنيين والعلويين والمسيحيين وغيرهم. ولابد أن يشعر الناس في سوريا بأنه سوف يركز أعماله ونشاطه لمحاربة الطغاة والمستبدين والقتلة، ومحاربة قيام دولة داخل دولة في سوريا، وأن يتم ذلك بوسائل قانونية مشروعة. وعليه أن يوضح من البداية بأنه ليس طاغية وأن نواياه ديمقراطية، وأن يتم ذلك بلا غموض وبأسلوب منطقي يبعث على الطمأنينة. وعلى هذا النحو فإن السلام سوف يتحقق بمشية الله تعالى في سوريا، ومن ثم يمكن للحياة أن تعود إلى طبيعتها لكل من الشعب السوري والدولة السورية.