الرئيسة \  واحة اللقاء  \  رابحون وخاسرون في جنيف

رابحون وخاسرون في جنيف

28.11.2013
د. فهد الفانك


الرأي الاردنية
الاربعاء 27-11-2013
ليس صحيحاً أن كل صفقة تعقد لا بد أن يخرج أحد الطرفين منها رابحاً والطرف الآخر خاسراً، فأي اتفاق جيد يجب أن يعني ربحأً للطرفين.
هذا ما حدث في صفقة جنيف حول المشروع النووي الإيراني، فقد غادر الطرفان جنيف على وجه السرعة إلى بلادهم للاحتفال بهذا (النصر) التاريخي.
من يقرأً خطاب الرئيس الإيراني وهو يعدد المكاسب التي حققتها إيران من هذه الصفقة يعتقد أن إيران كسبت المعركة وأقنعت الدول الست الكبرى بالاعتراف بحقوقها النووية، وفوقها تخفيض العقوبات الاقتصادية والإفراج عن مليارات الدولارات التي كانت مجمدة في بنوك الغرب.
ومن يقرأ خطاب الرئيس الأميركي وهو يعدد التنازلات الإيرانية الكاسحة، يعتقد أن أميركا هي الطرف الرابح، وأنها أقنعت إيران بتجميد مشروعها النووي وإخضاعه للتفتيش المشدد مقابل تخفيض جزئي للعقوبات الاقتصادية.
يبدو من الناحية العملية أن كلاً من الطرفين حقق أهدافاً وسجل نقاطأً لصالحه وإلا لما كان قد وقع هذا الاتفاق. الخلاف يدور حول حجم المكاسب وطبيعتها وما إذا كانت تستحق التنازلات.
تداعيات صفقة جنيف لا تقف عند طرفي التعاقد، فقد اعتبرت صفقة تاريخية تترتب عليها أمور كثيرة قد يكون من شأنها تعديل الخارطة السياسية في منطقة الشرق الاوسط.
هناك أطراف تشاءمت من هذا الاتفاق ولو لأسباب مختلفة. وهناك أطراف تفاءلت ولكنها لم تتباهى علنأً بمكاسبها المنتظرة حتى لا تسيء إلى الصفقة برمتها.
إسرائيل رأت في الاتفاق تفويضاً لإيران بالعمل على صنع السـلاح الذري، مما يشكل خطراً وجودياً على أمنها. والمملكة العربية السعودية اعتبرته انحيازأً أميركياً لجانب إيران على حساب أمن الخليج.
سوريا وحزب الله اللبناني في الجانب الرابح بصورة واضحة لدرجة لم يحتج المسؤولون فيها إلى المباهاة بالمكاسب المنتظرة، ذلك أن إيران قوية، ومقبولة دولياً، ومصدرة للبترول بدون قيود، والغنية مالياً سوف يتعزز دورها في الأزمة السورية سياسياً ومالياً وعسكرياً. وقد أصبح من المؤكد أن تدعى إيران إلى مؤتمر جنيف (2) كشريك فاعل وقوة إقليمية مؤثرة.
حتى إسرائيل اكتشفت أن من الخطأ المراهنة على أميركا، فأميركا دولة كبرى لها مصالح حول العالم، وهي تأخذ بالسياسات التي تخدم هذه المصالح بالدرجة الأولى، بصرف النظر عما قد يراه حلفاؤها الصغار الذين لا خيار لهم سوى ابتلاع المفاجأة.