اخر تحديث
الأربعاء-24/07/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ فراغ القوة : أخطر أنواعه .. وأتعس ضحاياه
فراغ القوة : أخطر أنواعه .. وأتعس ضحاياه
28.09.2017
عبدالله عيسى السلامة
*) فراغ القوّة ، قديم في وجوده ، حديث في مصطلحه ودلالته ! فلا نعلم أحداً ، في القديم ، ذكر هذا المصطلح ، بصورته الحالية ؛ برغم وجود القوّة الطامحة الجامحة ، منذ القدم ، ووجود الضعف الخانع ، الذي يغري الاقوياء ، بالتمدّد على حسابه ، أو اكتساحه والهيمنة عليه ، منذ القدم أيضاً !
*) وإذا كان الضعف الفردي ، مغرياً للأقوياء من الأفراد ، وغيرهم ، وقد تحميه أخلاق معيّنة ، لدى الأقوياء ، فلا يعتدون على أصحابه الضعفاء.. فإن الضعف في السياسة، القائمةعلى المصالح ، المجرّدة من الأخلاق ، في الغالب .. يجعل أصحابه صيداً دسماً ، تهفو إليه نفوس الأقوياء ، فيصطرعون فيما بينهم ، لليهمنة عليه !
*) فراغ القوّة ، في عالم اليوم ، يكاد ينحصر في بعض دول العالم الثالث ، ومنطقتنا العربية من أهمّ الأماكن ، التي يتركّز فيها فراغ القوّة ، مع الأسف !
*) في الحقبة الاستعمارية ، تسابقت الدول القوية ، للهيمنة على الكثير من دول العالم الثالث ، ومن بينها منطقتنا العربية .. فخضعت أكثر الدول العربية للاستعمار، تحت مسمّيات شتّى ؛ كالانتداب ، والوصاية ، ونحو ذلك !
*) بعد الحرب العالمية الثانية ، ظهرت قوى جديدة ، وسياسات جديدة ! فانحسر ظلّ الاستعمار القديم ، ليحلّ محلّه ، استعمار من نوع آخر! فتَركت الدول الاستعمارية ، التي خرجت من الحرب ضعيفة .. تركت مستعمراتها ، بضغط من القوى الجديدة ، لتحلّ محلّها القوى الجديدة ، أمريكا وروسيا ، في بسط السيطرة والنفوذ ! فانقسم العالم العربي ، على سبيل المثال ، بين المعسكرين : الرأسمالي ، بقيادة أمريكا ، والشيوعي ، بقيادة روسيا !
*) بعد سقوط الاتحاد السوفييتي ، بسطت أمريكا هيمنتها ، على العالم العربي ، بأشكال مختلفة ، وأخضعت مَن لم يكن خاضعاً لها من قبل !
*) حين برزت إيران في المنطقة ، قوّة ضخمة ، بعد سقوط العراق القويّ ، الذي تعاونت مع أمريكا في إسقاطه .. طمعت بدور إقليمي معيّن ، تملأ من خلاله ، بعض ما تراه من فراغ القوّة ، في المنطقة العربية ، وفي بعض دول العالم الإسلامي الأخرى!
*) صارت إيران شريكاً قوياً ، في الهيمنة على العراق ، عبر حلفائها وأتباعها فيه ، ومواطنيها الذين تجنّسوا بالجنسية العراقية ، واحتلوا الكثير من مواقع صنع القرار، في الدولة !
*) أخذت القوّة الإيرانية الصاعدة الجديدة ، تتمدّد ، بأشكال مختلفة :عسكرية ، وأمنية، واقتصادية ، ومذهبية .. مستفيدة من أتباع مذهبها في المنطقة ، الذين تَعدّهم جنوداً لها ، داخل دولهم !
*) القوى المادّية الظاهرة ، من عسكرية ، وأمنية ، واقتصادية ، وسياسية .. لها في المنطقة ، مايقف في مواجهتها ، سواء في ذلك ، القوّة الأمريكية ، والحكّام العرب المتحالفون مع أمريكا !
*) المجال الحيوي ، الذي تعجز أمريكا عن منافسة إيران ، في التمدّد فيه ، والوقوف في وجهها ، دفاعاً عنه .. هو المجال العقَدي المذهبي ! وهو ساحة واسعة جداً ، تراها إيران ساحة خاصّة بها ، وحدها ! لاشتراكها مع أبناء المنطقة في دين واحد ، حسب الظاهر.. هو الإسلام ، الذي يصعب على أمريكا ، أن تحوّل أبناءه إلى عقديتها ، أو دينها !
*) المجال الحيوي العقدي ، أو المذهبي.. ساحته العقول والقلوب ! وهذه ساحة الشعوب، التي يحكمها أناس ، لا يبالون بعقائدها كثيراً ، ولايخصّصون لها مَن يحميها ، من رجال السلطة والجيش والأمن ، كما يحمون المجالات الأخرى ! بل إن الحكّام يقيّدون حركة مَن في بلادهم ، من العلماء ، الذين يستطيعون التصدّي للتمدّد المذهبي الإيراني .. بحجج كثيرة ، منها : أن بعض هؤلاء العلماء ، أو الدعاة ، يشكلون أنواعاً من الخطر، على كراسي الحكّام ، بما ينشرونه من نصائح وتوجيهات للناس ، وبما يذكّرونهم به ، من ضرورة الالتزام بالدين الإسلامي الحنيف ، الذي يراه كثير من الحكّام ، خطراً على سياساتهم التغريبية ، وعلى كراسيّهم ، المحميّة من الدول الغربية ،غير الإسلامية !
*) الصراعات السياسة والأمنية والاقتصادية ، متغيّرة بتغيّر مصالح الدول ، والظروف المحيطة بها ! فسرعان ماينكفئ سلطان هذه الدولة ، القوية ، المهيمنة ، فتنسحب إلى داخل بلادها .. أو تضعف كثيراً ، أو تتفكّك ، كما تفكّك غيرها !
*) الاحتلال العقلي والقلبي ، عبر التمدّد المذهبي بين الشعوب ، لايزول بزوال الدول ، أو بزوال سيطرتها ، أو نفوذها ! وبناء عليه ، تبدو إيران بطلاً عملاقاً ، في ساحة لاينافسها فيها أحد ؛ لا إسرائيل ولا أمريكا ..! فإسرائيل لاتستطيع أن تهوّد المسلمين، فيصبحوا جنوداً لها ! وأمريكا لاتستطيع أن تنصّر المسلمين ، فيصبحوا جنوداً لها ، برغم دعمها الكبير لحملات التبشير، التي يقوم بها المنصّرون ، في أنحاء العالم الإسلامي ! أمّا مَن تشيّعه إيران ، بدعايتها ومالها .. وبإعلامها الذي يوحي لبعض المسلمين ، أنها دولة مسلمة قويّة ، تصارع المشروع الأمريكي الصهيوني ، في المنطقة .. أمّا مَن تشيّعه ، فيصبح جندياً لها ، توظّفه كما تشاء ، وهو منشرح الصدر مسرور، متحمّس لما يفعل ! والمحبَطون من أبناء المسلمين ، يلهثون وراء كل صوت يرتفع في مواجهة هذا المشروع الصهيو أمريكي .. دون أن يتبيّنوا مواطئ أقدامهم ، أو يفكّروا في حقيقة المشروع الإيراني نفسه ، وأبعاده ، ونتائجه المتوقّعة ، في المنطقة ، خلال سنوات قليلة ! بل يشنّع هؤلاء اللاهثون وراء الشعارات الإيرانية المقاومة .. يشنّعون على كل من يتردّد في دعم هذا المشروع الإسلامي العظيم ! ولعلّ هذا أخطر ما في المسألة ؛ وهو أن القوم يجدون لهم محامين مجّانيين ، من أبناء البلاد، يدافعون عنهم، وعن مشروعاتهم وسياساتهم ، أكثر ممّا يدافعون ، هم أنفسهم ، عن هذه المشروعات والسياسات ! وربّما كان كثير من هؤلاء المحامين المجّانيين ، لا يبالون بتغيير عقائد أبنائهم ونسائهم ! وقد يبالي بعضهم بهذا الأمر ، لكن يرونه أهون من أن يفرّطوا بالتصفيق لإيران ، والهتاف لها ، وهي تقف في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني..!
*) وهكذا ، على ضوء ما بينّاه ، آنفاً ، وعلى ضوء تجارب الشعوب والأمم ، يتّضح بجلاء ، أن أخطر فراغ قوّة ، هو فراغ العقول والقلوب ! وأخطرغزو ، هو غزوالعقول والقلوب ! وأتعس الضحايا ، هم هؤلاء ، الذين تغزى عقولهم وقلوبهم ، وهم غافلون ، أو سعداء ! دون أن يعلموا أيّ سمّ يتجرّعون ! ودون أن يتصدّى أحد من عقلاء قومهم ، أصحاب السلطة والقوّة والعلم ـ إلاّ فيما ندرـ ، للدفاع عن هذه المجالات الحيوية.. إلى أن يملأها الغازي العقدي ، أو المذهبي ، بما لديه من بضاعة فكرية أو عقَدية ، تدّخرها إلى يوم الحساب ، لتلقى الله عليها ! وفي طريقها إلى ذلك اليوم ، تورّثها أجيالها ، التي لا تقبل ـ حين تشرب عقائد آبائها ـ أن تتنازل عنها ، حتّى لو قطعت رؤوسها ! وحتّى لوكانت القلّة منها ، قادرة ، يومئذ ، على النظر العقلي ، وتمحيص العقائد والمبادئ .. فهذه لاتستطيع أن تغيّر عقائد قومها ، حتى لو اقتنعت هي ، لاحقاً ، بعدم صحّة هذه العقائد !
*) وهنا ، يتّضح التداخل العميق ، لدى أصحاب العقائد ، بين العقيدة والسياسة .. وتتّضح خطورة الغزو العقدي ، لأيّ شعب من الشعوب ، ولأية دولة من الدول !