الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ربط "داعش" بـ "الحشد" والوضوح الخليجي أمام موسكو

ربط "داعش" بـ "الحشد" والوضوح الخليجي أمام موسكو

02.03.2016
محمد برهومة


الحياة
الثلاثاء 1/3/2016
يبدو أنّ الجانب الخليجي في اختباره مقولات ابتعاد موسكو من الصراع الطائفي واختلاف منطلقاتها عن طهران، قد بدأ يتشكّك ويحتار، وهذا ما ظهر في اجتماعات الدورة الثالثة لمنتدى التعاون العربي - الروسي الذي انعقد في موسكو نهاية الأسبوع الماضي. فقد ضجّتْ أطرافٌ عراقية وإيرانية من تصريحات لوزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد، أدلى بها في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، على هامش اجتماعات الدورة الثالثة للمنتدى.
الوزير الإماراتي، الذي ترأس الجانب العربي، كان واضحاً في تأكيد أن ليس ثمة إرهاب جيّدٌ وإرهاب ضارٌّ، وأنّ إرهاب "داعش" و "النصرة" السنّيين هو من الطينة نفسها لإرهاب جماعات شيعية مثل "كتائب أبو الفضل العباس" و "منظمة بدر" و "الحشد الشعبي" و "حزب الله". قناة "العالم" الإيرانية ومكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، والخارجية العراقية، انتقدت التصريحات معتبرةً أن "الحشد الشعبي" هم "مقاتلون أبطال" وأنهم "هيئة قانونية تابعة لرئاسة الوزراء وقيادة القائد العام للقوات المسلحة" (العبادي). هذه الاعتراضات التي رفضت المقارنات الواردة، هي مثل كل الاعتراضات السابقة حول سلوك "الحشد الشعبي" وبنيته، والتشكيلات المشابهة له، وإشكاليتها أنها تغض الطرف عن الجرائم المروّعة التي نفذها "الحشد" في تكريت وصلاح الدين وسواهما من المناطق العراقية.
الاعتراضات الإيرانية والعراقية لا تذكر أن الوزير الإماراتي صرّح بوضوح أنه "لا يحاول أن يبرر لداعش والنصرة ولا أنْ يؤخر مقاتلة داعش والنصرة، وإنما من أجل القضاء على داعش والنصرة علينا أنْ نقضي على الطرف الآخر أيضاً" (الإرهاب الشيعي). وتأتي تصريحات العبادي الأخيرة بأن "الحشد الشعبي" سيشترك في معركة الموصل المقبلة، لتثير القلق مجدداً لجهة دور الميليشيات الشيعية في ترسيخ أساليب التطهير الطائفي والعنف المذهبي وعقلية الانتقام بدلاً من المصالحة الوطنية واحتكار الدولة، وليس الميليشيات، استخدام العنف والقوة العسكرية.
الموقف الموحّد وغير الانتقائي من الإرهاب كان رسالة الوفد العربيّ في اجتماعات الدورة الثالثة لمنتدى التعاون العربيّ – الروسيّ، وهي رسالة ليست فقط للحكومتين العراقية والسورية وإيران، وإنما كذلك لموسكو التي تقول إنّ محاربة الإرهاب أولوية لها في سورية، لكنها بتركيزها على ضرب مواقع المعارضة المعتدلة تثير الشكوك في أنها تضع المعارضة كلها في خانة الإرهاب وتريد أن تكون المعادلة النهائية: "داعش × الأسد"، ولذا تغضّ الطرف عن الإرهاب الذي تمارسه أطراف شيعية في سورية والعراق. ولا يبدو مقنعاً التبرير المسكوت عنه لهذا السلوك الروسي بالحديث عن أن الهواجس الروسية تنصبّ على الحضور السُنيّ أساساً في القوقاز وآسيا الوسطى.
ربط "داعش" بـ "الحشد" و "النصرة" بـ "حزب الله" أول المداخل لتوحيد الموقف الإقليمي والدولي من الإرهاب وتعريته من أي غطاء ديني أو مذهبي، والابتعاد من الانتقائية والتسييس في تعريفه، وهذا أول أسس بناء توافقات سياسية مستدامة حول الانخراط في تحركات ديبلوماسية فاعلة لوقف النزيف الدموي في سورية، ووقف سياسات التهميش والإقصاء في العراق. ألم تكن هذه رسالة السفير السعودي ثامر السبهان، في حديثه لقناة "السومرية"، الذي أثار قبل أسابيع الجدل نفسه الذي يتجدّد اليوم مع الموقف العربي الصريح في الدورة الثالثة لمنتدى التعاون العربي - الروسي؟.