الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ربما يرقى لجريمة حرب!

ربما يرقى لجريمة حرب!

16.10.2016
د. ياسر محجوب الحسين


الشرق القطرية
السبت 15/10/2016
فجأة تنبهت الولايات المتحدة لما يجري في سوريا ولسان حالها يقول: "بلغ السيل الزبى"، في ذات الوقت ما زالت أوروبا تفكر فيما تقوم به روسيا في سوريا فيما إذا كان جريمة حرب أم لا.. تقول وكالة رويترز إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يبحث مع مساعديه خيارات عسكرية في سوريا، من بينها شن غارات أو السماح بتسليح المعارضة.. أوباما الذي ذكر في أغسطس الماضي أن الحرب السورية هي التي شيّبته، يوشك أن يستخدم الميتافيزيقا أو أدوات ما وراء الطبيعة لقراءة وتفسير تصرفات موسكو الجريئة في سوريا.. لن يجتمع مجلس الأمن لإدانة روسيا فهي عضو دائم العضوية ضمن 5 كبار يسمح لهم النظام الدولي المختل أن يعيثوا في الأرض فسادا، تقتيلا وإذلالنا للشعوب الحرة.
فهل من الممكن أن توجه المحكمة الجنائية الدولية تهم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أو حتى توجهها للرئيس السوري بشار الأسد؟. أم أن هذه التهم لا توجه إلا لرؤساء مثل الرئيس السوداني عمر البشير؟. لن يفعل أوباما شيئا وهو يلعب في الزمن الضائع ودورته الرئاسية الأكثر رمادية في تاريخ الولايات المتحدة قد أوشكت على الغروب والانكفاء.. ملفات كثيرة ساخنة عصفت بأوباما ووضعته في خانة الحقبة الرمادية.. فعلى صعيد السياسة الخارجية تحمل أوزار سلفه جورج بوش الابن الذي تورط في حروب العراق وأفغانستان تحت مزاعم مكافحة الإرهاب وأضيفت إليها لاحقا الأزمة في سوريا.
سيبقى الحديث في واشنطن عن خيارات تشمل عملا عسكريا مباشرا مثل شن ضربات جوية على قواعد عسكرية أو مخازن للذخيرة أو مواقع للرادار أو قواعد مضادة للطائرات تهويشا في أفضل الحالات بعد تهديد روسيا باستخدام السلاح النووي إن أقدمت واشنطن على عمل عسكري ضدها في سوريا.. وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر عبر بصراحة عن ذعره ومخاوفه حين قال إن روسيا بقيادة بوتين تثير في أوجه معينة قلقا أكبر مما كان يثيره الاتحاد السوفيتي على صعيد إمكان استخدام السلاح النووي. ورأى آشتون أن التساؤل مشروع عما إذا كان المسؤولون الروس يلتزمون "ضبط النفس الكبير الذي كان يلتزمه قادة مرحلة الحرب الباردة حين كان الأمر يتعلق بالتهديد بأسلحتهم النووية".
لكن مسؤولين أمريكيين استبعدوا أمر أوباما بضربات جوية، وأكدوا أن من البدائل السماح لحلفاء بتزويد معارضين مختارين بمزيد من الأسلحة المتطورة دون أن تشمل الصواريخ المضادة للطائرات.. والسؤال ماذا يفيد دعم المعارضين بعد أن تمركزت روسيا وتمكنت في التراب السوري غدت سوريا إقليما تابعا لروسيا. وحتى في هذه الحالة لن تسكت موسكو أو تقف متفرجة فقد قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية أن أي تصرف عدائي ضد القوات الروسية في سوريا لن يبقى دون رد، وأنه يجب ألا تكون هناك أوهام للإدارة الأمريكية بإمكانية الضغط على موسكو. وفي ذلك إشارة إلى إمكانية دعم واشنطن للمعارضة السورية.
وفي بقاع أخرى لا تسرح فيها روسيا فإن أمريكا لا تجد حرجا في توجيه ضربات عسكرية بسرعة وبطريقة خاطفة من دون تردد؛ فأمس القريب قصفت القوات الأمريكية مواقع رادار في اليمن.. تقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن أسوأ أخطاء أوباما فداحة هي سماحه للحرب الأهلية في سوريا بالاستمرار، في وقت كان بإمكانه القيام بأعمال أقل من التدخل العسكري الأمريكي هناك لردع بشار الأسد.
الكاتب نيكولاس كريستوف يقول في مقال له بالصحيفة إنه في الوقت الذي ترتكب فيه الحكومتان الروسية والسورية جرائم حرب، وتقصفان المستشفيات وتعملان على تجويع المدنيين، فإن أوباما والعالم لم يفعلا شيئا. لقد تخاذلت إدارة أوباما عن حتى إقامة مناطق آمنة توفر الأمن والحماية والاستقرار للمدنيين في العديد من المناطق بسوريا.
عندما نلوم روسيا وحدها وننسى جرائم الولايات المتحدة في العراق فإننا دون شك ننظر للنفاق الدولي من جانب واحد.. ليست المشكلة تكمن في نظام الأسد ومن خلفه روسيا ولا في إثبات جرائمه ضد شعبه، لكن المشكلة تكمن في أن الولايات المتحدة غير مؤهلة أخلاقيًا لتجلس على أريكة القاضي والحكم.. أوباما قال في بداية الأزمة: "إن استخدام السلاح الكيميائي في سوريا ليس مأساة فحسب، بل هو انتهاك للقانون الدولي ينبغي تسويته"، فالرجل على علم منذ البداية بحجم الانتهاكات لكنه ظل باقيا في مربع الخذلان.. في ذات الوقت كان احتلال الولايات المتحدة للعراق الذي لم يشهد عافية منذ ذلك الوقت، المثال الأبرز لانتهاك واشنطن للقانون الدولي أيضا.. ويذكر أن السكرتير العام للأمم المتحدة حينذاك كوفي عنان صرَّح بعد سقوط بغداد أن الغزو كان منافيًا لدستور الأمم المتحدة.