الرئيسة \  واحة اللقاء  \  رحلة آزاد من درعا إلى إسطنبول... مروراً بـ"جبهة النصرة"

رحلة آزاد من درعا إلى إسطنبول... مروراً بـ"جبهة النصرة"

30.01.2014
رفيق قوشحة


اسطنبول
الحياة
الاربعاء 29/1/2014
آزاد محمد عبدو شاب سوري (28 سنة) انشق عن الجيش السوري مع زميله ومضى في رحلة الهرب باتجاه أهله في شمال سورية من منطقة تتبع الى محافظة درعا بالقرب من الحدود الأردنية- السورية .
في احد مطاعم اسطنبول الشعبية التي تقدم الفلافل وبعض المأكولات السورية الأخرى التقيت آزاد الذي يعمل نادلاً يقدم الأطعمة للزبائن مع أنه حاصل على شهادة جامعية في اللغة الإنكليزية وآدابها من كلية الآداب في جامعة حلب.
أسأل آزاد عن عملية انشقاقه فيقول: "أنهيت خدمتي العسكرية الإلزامية في الأول من أيار(مايو) 2012 ولكن تم الاحتفاظ بي للخدمة الاحتياطية. وفي صباح يوم الأول من آذار (مارس) 2013 انشقيت عن الجيش أنا وزميل لي وقصصنا الشريط الشائك الذي يسور القطعة العسكرية التي قضينا فيها الخدمة بعد تنسيق معقد وخطر جداً مع مجموعة من الجيش الحر من طريق صديق مشترك وتجاوزنا السور السلكي الشائك في التاسعة صباحاً وأطلق احد الضباط النار علينا بكثافة ونحن نجري مبتعدين عن الكتيبة الى ان التقينا بمجموعة من الجيش الحر من ستة اشخاص رافقونا الى موقع متقدم لهم في المنطقة فسلمناهم بندقية ولم نتقاضَ ثمنها الذي كان يبلغ حينها 150000 ليرة سورية اي نحو ألفي دولار، وطلبنا في المقابل ان يساعدونا للوصول الى اهلنا في شمال سورية".
يتكلم آزاد عن عملية انشقاقه بانفعال واضح كما لو أنه ما زال منغمساً فيها. وعندما سألته عن ذلك قال: نعم ... ينتابني هذا الانفعال الشديد كلما تحدثت عن هده اللحظات من شدة الخوف الذي شعرت به حينها".
وعن رحلة الهروب باتجاه الشمال من أقصى الجنوب يقول آزاد "سلمتنا مجموعة الجيش الحر الى جماعة أخرى من مقاتلي جبهة النصرة التي نقلتنا الى منطقة الكسوة جنوب دمشق ولقينا من أهالي الكسوة حفاوة وكرماً لا يوصفان. بعد ذلك نقلونا الى منطقة الدروشة جنوب غربي دمشق ... وتم إخضاعنا على مدى أسابيع عدة الى عملية تعبئة سياسية ضد النظام وبشكل طائفي متعصب جداً. فهمنا من ذلك انهم يجهزوننا للقتال معهم ضد جيش النظام وهذا ما لم نكن نؤيده لأن الاتفاق معهم هو مساعدتنا على الوصول إلى أهلنا".
ويتابع آزاد: " في خان الشيخ رأيت الموت نصب عيني عندما تعرضنا لقصف جوي من طيران النظام وأيقنت أنني ميت لا محالة فأغمضت عيني ورددت الشهادتين وانتظرت أصعب ثوانٍ في حياتي ... وبالفعل سقطت القذيفة قزبي ونجوت كوني كنت محشوراً في حفرة بعمق أكثر من متر طمرت بالكامل وخرجت من تحت الركام بصعوبة لأتفقد أصدقائي واستشهد يومها أكثر من عشرين من الشباب المنشقين".
أردف آزاد : "تم إخلاؤنا من خان الشيخ على شكل مجموعات وكنا أكثر من أربعمئة عسكري منشق من المنطقة الجنوبية فقط وبدأت رحلة استمرت أكثر من أسبوع في البراري بلا طعام ولا ماء. كثيرون انهاروا من الجوع والعطش. كنت أشرب من سيول المياه في البرية وهي غالباً غير نظيفة ولكنها ساعدتني على الاستمرار وكنت مع الكثيرين نتناول الأعشاب لقتل الشعور بالجوع. وهكذا ... ومن جماعة يتم تسليمنا الى جماعة اخرى من الجيش الحر او غيرها من المسلحين ما يزيد عن ثلاثة اسابيع أخرى حتى وصلت منطقة الحيدرية جنوب حلب. من هناك استطعت اقناع مواطن باستخدام هاتفه الجوال واتصلت بوالدي الذي حضر على الفور وحملني الى بيتنا في احدى قرى منطقة عفرين التي سيطر عليها حزب كردي حينها".
ويضيف آزاد "لم أكن أصدق أنني سأنجو. كنت طوال شـهرين وأسبوع في البراري معرضاً للموت في اية لحظة. حتى من بعض الجماعات المسلحة التي كانت تنقلنا من مكان الى آخر مقابل المال! وحاجيات أخرى مثل الموبـايل أو المـلابس أو الـسـاعـات! كانـوا يأخـذون كل شـيء مـمن لـم يـكن يـملك المـال!"
ويتابع : "يجب أن أذكر أن مجموعة الجيش الحر في بلدة الحارة في حوران كانت أفضل من ساعدنا في عملية الهروب وفي الضيافة فلم يأخذوا منا أية نقود بل على العكس فقد أعطوا كلاً منا مبلغ 10000 ليرة عند مغادرتنا بلدتهم بعد ان استضافونا ثمانية ايام".
ويضيف:" فرص العمل منعدمة في محيط بلدتي وحلب شبه مدمرة ما اضطرني بعد مكوث شهرين في البيت الى المجيء الى تركيا وكان معي فقط ثمن عبوة الغاز المنزلية التي بعتها لأتمكن من السفر وبدأت العمل كأجير فران في منطقة بعيدة أن اسطنبول حوالى 200 كيلومتر ثم وجدني المعلم اسكندر ابن قريتي فدعاني للعمل في هذا المطعم الذي يديره بنفسه".
تتساهل الحكومة التركية كثيراً في ما يتعلق بإقامة السوريين على أراضيها، فأمثال آزاد الذين لا يحملون أية وثيقة رسمية سورية يعدون في تركيا بعشرات الآلاف ناهيك عمن هم في مخيمات اللجوء، وهم يعيشون ظروفاً أقل ما يقال فيها إنها صعبة ومرهقة إلى أبعد الحدود، تائهين في شوارع إسطنبول يمارسون مهناً كبيع السجائر المهربة أو زجاجات المياه المعدنية وغيرها والمحظوظون منهم فقط هم الذين يحصلون على فرصة عمل بأجر بالكاد يكفي عيشاً بسيطاً.