الرئيسة \  واحة اللقاء  \  رحيل الأسد ودفن سوريا !!

رحيل الأسد ودفن سوريا !!

31.10.2015
سميح المعايطة



الشرق القطرية
الخميس 29/10/2015
من يتابع مجريات التفاوض الدولي والإقليمي حول الملف السوري منذ سنوات وحتى آخر الاجتماعات قبل أيام، يلاحظ أن عقدة التفاوض بين الأطراف المتناقضة هي بقاء أو رحيل بشار الأسد، ونسمع عن التشدد بالاتجاهين وأيضا عن الحلول التوافقية التي يقدمها البعض مثل بقائه في الفترة الانتقالية وأيضاً عن مشاركته في الانتخابات ضمن الحل إذا حظي بتأييد شعبي.
كل هذا الجدل ربما يدفعنا للخيال السياسي وأن نفترض أننا استيقظنا صباح يوم ووجدنا بشار الأسد قد اختفى دون أن يعلن عن وجهته، وأصبحت سوريا بلا رئيس، فهل سنشهد بعد ذلك حلا لهذا الملف المعقد الذي قدم الشعب السوري خلال سنوات أزمته حوالي ربع مليون قتيل وملايين المشردين لجوءا ونزوحا، وتم تدمير سوريا الدولة العربية بجمالها وحضارتها وإنسانها ومؤسساتها وحق السوريين في حياة طبيعية.
أقول هذا ليس انحيازا لبقاء بشار أو رحيله، فلكل طرف سياسي في هذه الأزمة حق في تبني ما يلي: مصالحة من الدعوة لرحيل الأسد أو بقائه، لكن هل الرحيل أو البقاء يضمن لسوريا أن تخرج من دوامة الموت والدم والتدمير الممنهج الذي لا يخدم إلا طرفا واحدا هو كيان الاحتلال الصهيوني، وأتحدث هنا عن الدولة السورية بغض النظر عمن يحكمها ومن يعارض فيها،لأن كل هذه الجهات التي يعرف الناس ولاءات بعضها ولا يعرفون ولاءات بعضها الآخر، وأيضاً النظام وحلفاؤه لديهم مصالحهم لكن ما هو ضائع هو مصلحة سوريا الدولة التي تغرق كل يوم.
ليرحل الأسد أو يبقى لكن ماذا عن حملة البنادق وقائدي الطائرات الذين جاءوا إلى سوريا من كل مكان، ويحملون كل الجنسيات من أوروبا وروسيا والشيشان وبلاد العرب والعجم والفرس والسنة والشيعة ويتوزعون على قوى معارضة مسلحة متطرفة وإرهابية معتدلة أو على خارطة خلفاء النظام،هؤلاء كلهم من محاور التحالفات الدولية الشرقية والغربية من يتحدث عن رحيلهم وبقائهم، فهل لو اختفى بشار ستختفي معه كل هذه الجنسيات وكل أنواع التمويل والسلاح، وهل سيختفي التطرّف والإرهاب والقتل باسم الدين وخدمة للإسلام!!
ليرحل بشار أو يبقى فقبله وبعده رحل زعماء كثيرون في سوريا وغيرها، لكن الأهم من رحيله هو رحيل الدمار والموت والتدمير والتطرف والإرهاب عن سوريا، ومهم أيضاً أن يرحل عن سوريا كل الممولين لنار الحرب من كل المدارس السياسية، فالجميع يرمون بالسلاح إلى سوريا، ومازالوا يرمون إليها بكل أنواع المقاتلين حتى ممن يعتقدون أن سوريا هي فلسطين يقاتلون فيها اليهود، ولا يعرفون ما هي حلب ولا حُمُّص، ومع كل قطعة سلاح تدخل سوريا يخرج منها سوري لاجئ أو نازح أو يسقط قتيل أو طفل يتباكى العالم عليه.
من كل الجنسيات دخلت دول وتنظيمات وأسلحة إلى سوريا ضد النظام أو معه، وفكرة الرحيل يجب أن تبقي سوريا لأهلها، فأي حل سياسي سواء بقي فيه بشار أو رحل يخلص سوريا من أشكال التنظيمات والعصابات التي دخلت وكلها يدعي الحرص على سوريا أيا ما كانت في معسكر النظام أم ضده، هذا الحل هو المطلوب، فالقضية ليست بقاء شخص أو رحيله إذا كان الحال بعد ذلك سيبقى بتفوق تنظيمات التطرّف والإرهاب وهيمنتها على الأرض!
وسواء بقي بشار أو رحل فإن المطلوب حل تقبله كل الأطراف، لأن قوى التطرّف الحاضرة ميدانيا عسكريا خارج كل الحسابات ولا تؤمن بالمبادرات المطروحة، ولهذا فإن أي إخلال بالمعادلة الحاليّة مع بقاء قوى التطرّف يعني تسليم سوريا إلى هذه القوى وتحويل الجغرافيا السورية إلى مناطق نفوذ تتنازعها هذه التنظيمات ويسيطر كل تنظيم على بعضها.
المطلوب إنقاذ سوريا من الدم والفوضى والتطرف، وسواء بقي أي شخص أو رحل فإن المهم أن يرحل التطرّف والإرهاب والقتل أيا كان مصدره، وأن نفتح الباب أمام عودة سوريا إلى مسار الاستقرار بعيدا عن التقسيم السياسي أو الطائفي أو الشرذمة بين بنادق هذا الطرف أو ذاك، لأنه حتى لو رحل شخص وبقي مسار العنف أو دخلت سوريا في دوامة الانقسام والتقسيم أو الفوضى فإن المستفيد سيكون من هم في الميدان عسكريا وفي المقدمة قوى التطرّف.
نفهم وجود أطراف تتمسك ببقاء بشار وأخرى ترفض بقاءه وترى فيه أنه المشكلة، ما يجب أن لا يختلف عليه أهل أي حل سياسي أن المهم إنقاذ سوريا الدولة والأرض والإنسان مما هو موجود، فسوريا الدولة هي الغاية لمن يغذي نيران الموت وهي التي يجب أن تكون الغاية من أي حل سياسي.