الرئيسة \  واحة اللقاء  \  رسائل حلف إيران من اجتماع الأركان في دمشق

رسائل حلف إيران من اجتماع الأركان في دمشق

21.03.2019
سامر الأحمد



 جيرون
الاربعاء 20/3/2019
اجتمع في العاصمة السورية دمشق، أمس الاثنين، رؤساء أركان جيوش إيران والعراق وسورية، وسط أنباء عن مناقشة فتح طريق بري من طهران إلى دمشق، إضافة إلى تعاون عسكري بين الدول الثلاث، في القضايا الدفاعية والأمنية، حمل تهديدًا للولايات المتحدة وحلفائها في (قوات سوريا الديمقراطية) وتأكيدًا للدعم الإيراني لنظام الأسد.
قالت وسائل إعلام إيرانية: إن “الاجتماع يهدف إلى بحث التنسيق العسكري بين الدول الثلاث، وتحقيق الاستقرار الأمني في المنطقة”، بحسب ما نقلت عن مصادر عسكرية، إضافة إلى “بحث فتح الطريق من طهران إلى دمشق برًا، وبحث فتح المعابر مع العراق وتأمين الحدود”. وأشار وزير دفاع نظام الأسد علي أيوب إلى أن “الجمهورية الاسلامية الإيرانية ستواصل المسار الذي بدأته مع الأشقاء السوريين والعراقييين” بحسب وصفه.
وقال رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية محمد باقري: إن النظام طلب من إيران أن تقف إلى جانبه، وأن “تساعد بشكل استشاري وبالدعم اللوجيستي”، مضيفًا خلال تصريحات صحفية أن إيران تؤكد “احترام سيادة سورية وعدم دخول أي دولة بصورة غير شرعية”، وأنها “تسعى لمساعدة سورية في استعادة سيادتها على كامل أراضيها”.
عقد رؤساء الأركان الثلاث مؤتمرًا صحافيًا مشتركًا، مساء أمس الاثنين، قال فيه قائد أركان الجيش الإيراني الجنرال محمد باقري: “إن إيران والعراق وسورية متحدة ضد الإرهاب”، وإن “التنسيق بين هذه الدول يتم على أعلى مستوى”، داعيًا: “الولايات المتحدة إلى سحب قواتها من سورية”.
ونقلت وكالة (فارس) الإيرانية تأكيد باقري أن “ارتباط الطرق بين سورية والعراق يخدم الشؤون التجارية والمسافرين، كما يحظى بأهمية بالغة للجمهورية الإسلامية الإيرانية”.فيما هدد وزيرُ دفاع نظام الأسد العماد علي أيوب “باستخدام القوة العسكرية ضد (قوات سوريا الديمقراطية) إن لم تقبل بإجراء مصالحة مع النظام، وبسيطرته على شرق الفرات”، بحسب ما نقلت وكالة أنباء النظام الرسمية (سانا).
مراقبون قرؤوا هذا الاجتماع الثلاثي أنه رسالة إيرانية واضحة، إلى روسيا والولايات المتحدة والمجتمع الدولي، بأن إيران هي صاحبة القرار في سورية، قال بدر ملا رشيد، الباحث في (مركز عمران للدراسات) في حديث إلى (جيرون): “يمكن وصف الاجتماع بأنه ايراني مع أنظمة مخترقة لدرجة التبعية من قبل إيران، فلا يمكن -وفق الوقائع الحالية- فصل أغلبية الحكومة في بغداد، ورأس النظام في دمشق، عن منظومة إيران في المنطقة”.
وأضاف: “دمشق أصبحت مخترقة أمنيًا وعسكريًا واقتصاديًا، لذا فإن الاجتماع بدعوةٍ من النظام يوحي بعدة رسائل، منها اعتبار الاجتماع ورقة يستفيد منها النظام، في عملية إعادة دمجه بالنظام الإقليمي، والأمني منه خصوصًا”.
أضاف بدر: “من جهة أخرى، تُظهر إيران نفسها على أنها تقوم بعلاقات مع منظومات دول، وبها تحاول التغطية على حقيقة سيطرة ميليشياتها على مكامن استراتيجية من القرار الوطني في البلدين، كما أن الاجتماع يحمل رسالة للولايات المتحدة الأميركية التي أعلنت أن مشروعها في سورية والمنطقة يتضمن في محطاته إنهاء التمدد الإيراني، بعد إنهاء تنظيم (داعش)، والتنظيم حاليًا على أبواب خسارة آخر مناطقه المأهولة، لذا تقوم إيران -عبر هذه الاجتماعات- بإشهار امتلاكها أدوات هذه البلاد”.
من جانب آخر، أشار بسام قوتلي، رئيس مجموعة (أحرار – مجموعة العمل من أجل سوريا)، لـ (جيرون) إلى أن “إيران ستبقى تحاول بناء نفوذ طويل الأمد لها عن طريق الوجود العسكري المباشر، أو عن طريق التغيير الديموغرافي لخلق كتل بشرية يكون ولاؤها لإيران، وتركز على خط يصل العراق بلبنان عن طريق حمص، إضافة إلى محيط العاصمة دمشق، وبعض التواجد القريب من حدود الجولان المحتل”، متوقعًا “استمرار الدور الإيراني بالتوسع؛ ما لم يحصل تغيير ضمن إيران نفسها، بسبب تراكم الضغوطات الاقتصادية والسياسية على إيران”.
قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفر
تزامن اجتماع دمشق مع  تصريحات لقائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري، حول نجاح قواته بتدريب وتجهيز 200 ألف عنصر من الميليشيات الموالية لها، في كل من العراق وسورية”، حيث قال جعفري في مقابلة مع مجلة (سروش) نشرتها وكالة (فارس): “قمنا بتجنيد 100 ألف عنصر في العراق، ونفس العدد في سورية”، وحول مهمة هؤلاء المجندين في سورية، قال جعفري: “مهمتها محاربة (داعش) و(النصرة) والمعارضة السورية”.
حول هذا التصريح، علّق بدر ملا رشيد: “التصريح بطاقة تهديد في وجه واشنطن، مفادها أن أي عملية عسكرية أو أمنية تهدف إلى استئصال وجود إيران في المنطقة ستتم مواجهتها بجيشٍ من الميليشيات المحلية التي لا تُكلف إيران كثيرًا، سواء في الأرواح أو الاقتصاد، خصوصًا أن هذه الميليشيات أصبحت جزءًا من منظومات اقتصاد الحرب في المنطقة، كما أنها تبعث رسالة لروسيا أن تواجدها في المنطقة لا يمكن إنهاؤه، عبر اتفاقات روسية مع أطراف عربية أو غربية”.
يأتي اجتماع دمشق، بعد ثلاثة أسابيع على زيارة بشار الأسد الأولى لطهران منذ اندلاع الثورة السورية، حيث التقى بالمرشد الأعلى على خامنئي، والرئيس الإيراني حسن روحاني، في حين نقلت وكالة (سانا) التابعة للنظام أن بشار الأسد أكد، خلال اجتماع جمعه مع مسؤولي الدولتين (الإيرانية والعراقية) أمس الاثنين، أن “العلاقة التي تجمع سورية بإيران والعراق علاقة متينة، تعززت خلال فترة الحرب حين امتزجت دماء القوات المسلحة السورية والإيرانية والعراقية..”، على حد زعمه.
عن خيارات المعارضة السورية، بعد تزايد التغلغل الإيراني في سورية، قال قوتلي: “خيارات المعارضة السورية محدودة، وأهمها رفض التطبيع مع إيران، وربط أي تطبيع ممكن مع روسيا، بتغيير فعلي في رأس النظام، وإلغاء النفوذ الإيراني في سورية، إضافة إلى دعم أي عمل عسكري داخل سورية ضد إيران، وبناء العلاقات مع المعارضة الإيرانية والتنسيق معها، إضافة إلى السعي لخلق نموذج ناجح في مناطق المعارضة يكون بديلًا جيدًا عن نموذج نظام دمشق وحلفائه”.
يذكر أن إيران تموّل وتدعم، منذ عام 2012، عشرات الميليشيات الأجنبية التي تقاتل في سورية، أبرزها: (حزب الله) اللبناني، (لواء أبو الفضل العباس)، و(عصائب أهل الحق) العراقية، (فيلق القدس) الإيرانية، و(لواء زينبيون) الباكستانية، و(لواء فاطميون) الأفغانية، إضافة إلى ميليشيات محلية مؤلفة من مقاتلين سورية، أبزرها ميليشيات: (لواء الباقر)، وميليشيات نبل والزهراء في حلب، كما يوجد مئات الخبراء العسكريين من “الحرس الثوري الإيراني”.