الرئيسة \  رسائل طائرة  \  رسائل طائرة 06-10-2022

رسائل طائرة 06-10-2022

06.10.2022
زهير سالم



زهير سالم*

الناس هي الناس..
في واقعة تاريخية مشهودة. سجن الامام السرخسي، في مدينة أوزجند، من أعمال ما وراء النهر، لأنه اعترض على الحاكم أو الأمير في أمر زواج الحاكم من عتيقته قبل أن تستكمل عدتها.
سجن الامام السرخسي خمسة عشر عاما وهو ثابت على رأيه، وأملى المبسوط وهو في بئر مسجون فيها، والطلاب يتحلقون حول فم البئر وهو يملي عليهم الفقه من حفظه، وكلما سنحت له فرصة ذكر خلال كتابه أنه مسجون ظلما، وأنه محروم من الجمعة والجماعة، وكان هذا أكثر ما يشغل باله. المبسوط أكثر من ثلاثين جزء في الفقه الحنفي.
كل هذا ليس قضيتي هنا، قضيتي ليفهم عني، فدائما انا متهم بأنني غير مفهوم: قضيتي أين كان بقية علماء أوزجند وشيوخها وصلحاؤها يوم انكر الامام السرخسي المنكر، ثم يوم مكث خمسة عشر عاما في البير..؟؟!!
هو الرز بحليب فقط بحلب، أو في سورية، أو في القرن الحادي والعشرين،حتى في أورجند في القرن الخامس الهجري كان في رز بحليب..
يا مفهم سليمان فهمنا
========================  
في قصة قتل السهروردي قالوا ووصل إلى حلب
وأقام في حاشية السلطان غازي ابن صلاح الدين وواليه عليها، فقيل لصلاح الدين، احذر لعله يفسد ولدك بخزعبلاته، فأمر به فحوكم وقتل بتوقيع المفتين الاربعة. فقال كلمته هذه المشهورة:
أرى قدمي أراق دمي، فهان دمي فها ندمي.
ووقفت على قبره مرات متأملا معتبرا متذكرا وأعلم أن الله ملك عدل وأنه أرحم الراحمين.
=========================
عجبي ويا عجبي
من موقف الاخ يأخذ برأس أخيه، ويشد بلحيته، وهو الذي أقرّ بحاجته إليه..
من كلمات السهروردي القتيل. قتيل حلب، ومرقده في الطرف الشرقي من قسم باب الفرج..
فهان دمي فها ندمي
=========================
عندي وقفات عجيبة غريبة مع سيدنا موسى عليه السلام. تثير دهشتي...
سيدنا موسى وهو الذي قال (هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)
هو الذي (أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) كم أتعاطف مع الموقف المحزن لسيدنا هرون (قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي)
=========================
المعاناة من سوء الفهم قاتلة ..
تذكروا قول العراقي...
عيرتني بالشيب وهو وقار ... ليتها عيرت بما هو عار
ولقيت ملاحظتي على خالد بيك العظم تفاعلات أكثر مما توقعت، ونابتني ردود وطراطيش..
وذكرت ملاحظة خالد بيك العظم على صلاح البيطار وميشيل عفلق. وأنا لستُ من مدرستهما. وأعتقد أن في منهجهما وطريقتهما عيوبا كثيرة جديرة بالتأمل والنقد والذكر والتحذير...
خالد بيك انشغل بذكر ما لا يعيبهما، بل ما يجعل العقلاء يحترمون موقعهما، أنهما كانا أصحاب يد نظيفة، ويضطران إلى إعطاء الدروس الخصوصية اعتمادا على نفسيهما في تغطية مصاريفهما...!! لم يولدا وفي الفم ملاعق الذهب والفضة...
ولو كانا عميلين حقا لوجدا من يغدق عليهما المال صبا..وهذا لا يعني أنني راض عن منهج البعث وفكره وطريقته. ثم انظروا كيف ذهبت بالمعلقين المذاهب...
واعتبروا تعليقي صادرا عن طبقة البروليتاريا ضد البرجوازية أو الاستقراطية.
للذين أخطؤوا في التوصيف خالد بيك العظم لا يحسب على البرجوازية بل على الاستقراطية بكل كل ما فيها من جميل وقبيح.
سأضيف لكم واحدة أخرى أزعجتني من مذكرات خالد بيك ودفعتني إلى تركها، وفي هذه المذكرات يفخر خالد بيك أنه هو الذي أوحى لجمال عبد الناصر اللعب على حبال الحرب الباردة، والتأرجح بين الجدارين الأمريكي والسوفياتي. وليست هذه التي أريد أن أذكرها..
وإنما أريد أن أذكر قوله في الطعن على صلاح البيطار وميشيل عفلق، أنهما كانا - لضيق ذات اليد - يشتريان الخبز من الفرن، ثم يدخلان دكان الفوال أو الحمصاني. ويوفران في هذه العملية نصف فرنك أو فرنك. مما لو أخذا الخبز من عند صاحب المطعم..!!
وهذه ملحوظة تافهة لا تليق برجل دولة عظيم مثل خالد بيك . معركتنا
مع البعث كانت أكبر. والتفكير في توفير القرش والقرشين لا يعيب أهله...
وهذا كلام قرأته في المذكرات منذ خمسين سنة، وأثبته. وأحفظه وأذكره لكي يكون ذكرى لقوم يذكرون!!
لا تعدّ لي ولا تمدّ لي
والأقرع بياكل حلاوة ؟؟
أجابه: بفلسو
وبيلبس الجوخ؟؟
أجابه: الجوخ ملبوسو..
وفتحنا أعيننا صبيحة الثامن من آذار من عام ١٩٦٣
فإذا أرض الشام حفرة نفرة ما فيها غير الله ثم هذه الحشيشة الخضرا
وذابوا كأنهم ما كانوا..
درسنا الدروس الخصوصية ولكننا لم نغادر وطننا لا طلبا للغنى ولا هربا من الاستبداد..
حتى قضى علينا الذين لا يعلمون..
أحييكم
=====================
اشتريت مذكرات خالد العظم بمجلداتها من مال مقلّ...
كنت متشوقا إلى مطالعتها، في صفحة ما من المجلد الأول، قرأته يحكي عن صلاح البيطار ، وميشيل عفلق باستصغار، وأنهما كانا يعطيان الدروس الخصوصية ليترزقوا ...!!
قجت نفسي...                  
كنت يومها أدرس الدروس الخصوصية : العربية - والفرنسية - والرياضيات وأصادر محاربة حزب البعث لي في رزقي..
خسرت ثمن الكتاب، ولم أستطع أن أستمر في قراءته...شعرت أنني أمام فم مر مريض..
==========================
في يوم المعلم العالمي
أذكر بالوفاء والاجلال كل الذين علموني، في الأسرة وفي المسجد والمدرسة؟
نحن نشّئنا على مقولة: من علمني حرفا كنت له عبدا. ومع أن العبودية مقيتة؛ إلا أن هذا القول كان سائغا في عصرنا...
كل الإجلال والاحترام لمن كنت على وفاق أو على خلاف معهم من معلميّ..
 
في يوم المعلم العالمي...
حولي من طلابي الكثيرون في هذا الفضاء. كل رجائي منهم أن يغفروا لي قصوري في أدائي، وتقصيري في حقهم.، ولاسيما بعد أن أصبحوا أعلاما يشار إليهم بالبنان. أنا واثق أن هذا كان محفوظا في جيناتهم..وأنهم ورثوه كما الأقرع والأبرص في حكاية الحديث الشريف: كابرا ...عن كابر
فرحي بهم حين أمر على صفحاتهم كبير...وكلما حققوا نجاحا دعوت لهم مع بعدهم بالمزيد...
يغيظني منهم واحد فقط، يمر على صفحتي بين العام والعام ليسحب عليّ بوظات ويفرد عليّ عضلات ، وكلما فعل قلت: يا ضيعة التربية ويا ضيعة التعليم... وكيف يستقيم الظل والعود أعوج.
 
في يوم المعلم العالمي...
وانتهى الأمر بالمعلم قبل إخراجنا من بلدنا، أن يشار إلينا - نحن المعلمين- في المجتمع: شقفة معلم .. أو شقفة أستاذ !!
وكان واجب طالب أو طالبة الشبيبة أن يكتب تقريرا في معلمه وفي معلمته، هذه هي سورية الأسد لو كانوا يعلمون
____________
*مدير مركز الشرق العربي