الرئيسة \  رسائل طائرة  \  رسائل طائرة 30/09/2021

رسائل طائرة 30/09/2021

30.09.2021
زهير سالم




في الأدب مع المصحف؟؟"
كم هبته؟؟ وليس كم ثمنه أو سعره، فالمصحف لا يباع !!
نشأنا في حلب والأجزاء الأخيرة من المصحف الشريف تُنشر منفردة ، جزء عمّ وجزء تبارك، وجزء قد سمع ، ثم " ربع ياسين"
كنا في الصفوف الأولى نكتفي بهذه الأجزاء، للتدوال، والذهاب بها إلى المدرسة، في الصف الثالث، قال المعلم : يجب أن يكون مع كل واحد منكم نسخته من المصحف..
بالحديث مع والدتي بالبيت : أعطتني خمس ليرات ..ودلتني على مكان، يعتني بتيسير نسخ المصحف للناس..
وأوصتني :  لا تقل له بكم تبيع ، وقل : كم هبته ، ومهما قال أعطه.
ذهبت إلى الرجل وما زالت صورته في ذاكرتي: قلت كم هبته؟ قال ثلاث ليرات ونصف. وكان مصحفي الأول الخاص !!
وعلمونا الأدب في مس المصحف، والأدب في تقليب صفحاته، والأدب في وضع ما نسميه " السبق " في تحديد المكان الذي صرنا إليه. وكان بعضنا يجعل "سبقه" من ريش النعام أو الطاووس أو من بعض الورود المجففة المطوية في المصاحف، وكره بعضهم استخدام الريش، وقالوا منفصلة عن ميت والميت نجس ، وتساهل آخرون ، وما زال الناس في مثل هذه الأمور بين ميسر ومشدد ..
ومما تعلمنا أن النظر في المصحف عبادة ، وإن كنتَ حافظا، واليوم هل المصاحف الالكترونية تغني؟؟ وكنا قبل أن نغلق المصحف، نقبل الصفحة، ونضعه على الرأس. ونحمله بكلتا يدينا الصغيرتين، ونضمه إلى صدرنا. وصاغ الصاغة في حلب للنساء على سبيل الزينة ما سموه " بيت المصحف " ووجدت نسخ صغيرة جدا من المصاحف، توضع في هذه البيوت على سبيل التبرك، ودرء العين والحسد، وكرهه بعضهم، وقالوا لأن الإنسان قد يدخل به إلى أماكن لا تليق، وينساه في عنقه...
أتذكر كل هذا وأنا أتابع صور مضبوطات أمنية ،علم فيها الأمن التونسي في بلد الزيتونة على نسختين من المصحف وجدهما في بيت أحد المعتقلين!! اللهم فقد أمسينا وبطن الأرض أولى بنا من ظهرها ..
____________
*مدير مركز الشرق العربي