الرئيسة \  واحة اللقاء  \  رسالة أميركية إلى روسيا من شرق الفرات… ما مضمونها؟  

رسالة أميركية إلى روسيا من شرق الفرات… ما مضمونها؟  

26.09.2020
مالك الحافظ



روزنة  
الخميس 24/9/2020 
تستبق الإدارة الأميركية فترة الفراغ السياسي الناتجة عن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في تشرين الثاني المقبل، بجولات دبلوماسية إلى دول المنطقة لتثبيت أوراق سياستها الخارجية، وعلى رأسها الملف السوري ومسألة مناطق شمال شرق سوريا بالتحديد؛ قاطعًة الطريق على أي محاولة روسية تكون من شأنها إحداث أي تحولات على موازين القوى التي تريد واشنطن الحفاظ عليها في عموم الشمال السوري، وذلك في تحرك يتمثل وكأنه "رسالة بالبريد السريع" وضعها الأمريكان في صندوق موسكو.  
عدة رسائل من واشنطن حملها المبعوث الأميركي إلى سوريا، جيمس جيفري، استلخصتها "روزنة" من حديث سما بكداش، الناطقة باسم حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي، (العصب الرئيسي "للإدارة الذاتية" الحاكمة لشمال شرق سوريا)، حول زيارة جيفري إلى محافظة الحسكة (شمال شرق سوريا) يوم الأحد، و التي أكد خلالها دعم البيت الأبيض للحوار الكردي-الكردي، وبأنه سيكون جزء من حل الأزمة السورية.  
ولعل أبرز الرسائل تتمثل بما يريد إيصاله جيفري للأطراف الفاعلة في الشأن السوري وبالأخص الروس فيما يبدو، بحيث تقول واشنطن أنها ما زالت موجودة و مستمرة في سياستها داخل المشهد الأهم من سيناريو عقدة الحل في سوريا؛ والمتمثلة بإحكام النفوذ على مناطق شمال شرق سوريا والقوى المحلية فيها.  
موقع الخارجية الأميركية، نشر أن جيفري زار شمال شرقي سوريا برفقة المبعوث الخاص لسوريا جويل رايبورن، وعقدا اجتماعات منفصلة مع قادة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وتعهدوا استمرار التعاون سياسيًا وعسكريًا مع الشركاء على الأرض، كما التقوا "مسد" وطرفي الحوار الكردي، وبحثوا أهمية نجاح المباحثات الكردية، وضرورة مشاركة الأكراد بالعملية السياسية واللجنة الدستورية، وتحشيد قوى المعارضة السورية. 
 جيفري الذي أعلن دعمه للأطراف الكردية في جولة حوارهم الأخيرة، "المجلس الوطني الكردي" المقبول من تركيا، و "أحزاب الوحدة الوطنية الكردية" (يقودهم حزب الاتحاد الديمقراطي)، استبعد أن يقوم الأتراك بأي عمل عسكري جديد في المنطقة على غرار "نبع السلام" (تشرين الأول 2019).  
وهو الأمر الذي يدفع بعملية الحوار نحو الأمام، فضلًا عن كونها رسالة طمأنة أميركية صوب الأكراد تشي بقوة كلمة واشنطن لدى أنقرة؛ التي يتضح أنها ستقبل نتائج الحوار الكردي وترضى بما تمليه الرؤية الأميركية، ما يعني ابتعادًا أوسع للأكراد عن روسيا التي سعت لجذب الإدارة الذاتية عبر رعايتها مطلع أيلول الجاري في موسكو، توقيع مذكرة تفاهم بين مجلس سوريا الديمقراطية "مسد" (الجسم السياسي للإدارة الكردية)، وبين حزب "الإرادة الشعبية" المدعوم من روسيا و يتزعمه قدري جميل.  
روسيا ورغم أنها سعت مرارًا للتقارب مع الإدارة الذاتية، من خلال التنسيق مع "قسد" عقب عملية "نبع السلام" وتوجتها بمذكرة التفاهم الأخيرة، ودعمت مؤخرًا إمكانية إدخال "مسد" (الذراع السياسي لقسد) إلى اللجنة الدستورية، فضلًا عن دفع دمشق للعودة إلى الحوار معها، غير أن تحرك جيفري الأخير يأتي تأكيدًا على عدم خروج "الإدارة الذاتية" عن المحور الأميركي، وقطع أي طرق تقارب بين الروس والأكراد، قد يكون تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الاثنين الفائت، حول قوات "قسد" بأنها قوات "انفصالية" ساهمت بتمركز القوات الأميركية في الشمال الشرقي من سوريا بشكل غير قانوني. 
ما يستبعد احتمالات التقارب مع الروس أكثر، هو ما وعد به رعاة الحوار الكردي-الكردي، بأن مشاركة مؤكدة للأكراد في العملية السياسية، تلي الاتفاق بين أطراف الحوار وتثبيت وحدة الصف الكردي، وفق ما قالته بكداش خلال حديث خاص لـ "روزنة"، وأضافت "(كذلك) سيكون هناك اعتراف رسمي بالإدارة الذاتية بأنها إدارة ديمقراطية استطاعت أن تثبت جدارتها على أرض الواقع في ظل الظروف الصعبة".  
بكداش أشارت إلى ما قاله جيفري خلال لقائه مسؤولي حزب "الاتحاد الديمقراطي" بأن الولايات المتحدة تحاول الضغط على النظام السوري من أجل جلبه للحوار و الحل السياسي. وبيّنت بأن الحلول التي ستنتج عن الحوار الكردي لن تكون متعارضة مع الحل السياسي في سوريا وفق قرارات مجلس الأمن وبيان جنيف الذي يؤكد على وحدة الأرض السورية و حق تقرير الشعوب لمصيرها، وفق وصفها.  
وكانت الأطراف المشاركة في الحوار أصدرت في بيان مشترك في 17 حزيران الماضي، أعلن مع نهاية الجولة الأولى التوصل إلى "رؤية مشتركة سياسية مشتركة ملزمة"، بعدما أطلقت المكونات الكردية السورية حوارا برعاية أمريكية – فرنسية، منذ أواخر نيسان الماضي، بهدف الوصول إلى تفاهمات ورؤية موحدة للقضايا السياسية والإدارية في سوريا. 
ما نتائج الحوار الكردي-الكردي؟  
وحول نتائج الجولة الثانية من الحوار، من جانبه قال القيادي في "المجلس الوطني الكردي"، شلال كدو، في حديث لـ "روزنة"، أن الأطراف الكردية المتحاورة اجتازت في الجولة الثانية من الحوار أشواطًا متقدمة، واقتربت من "تأسيس مرجعية كردية قوامها 40 شخصًا، سيتوزع عدد مقاعدها مناصفة بين الطرفين... هناك ملفات عالقة تتطلب الحديث و الحوار المتأني للوصول إلى اتفاق شامل يؤدي إلى تأسيس إدارة مشتركة في المنطقة".  
و أشار كدو إلى أن الحوار سيتخلله حوار آخر بين "الكرد و باقي مكونات المنطقة، لاسيما المكون العربي و الآشوريين وغيرهم، سنصل بالنهاية إلى تأسيس إدارة مشتركة إذا توفرت النوايا الحسنة من مختلف الأطراف".  
وكان المبعوث الأميركي إلى سوريا، وصل إلى إقليم كردستان العراق، يوم أمس الثلاثاء، واصلاً إليه من شمال شرق سوريا، حيث عبّر عن دعم بلادها لحل الخلافات بين الأطراف الكردية، ودور رئيس حكومة اقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني في تقريب وجهات النظر بين تلك الأطراف. 
وقالت رئاسة إقليم كردستان في بيان لها نقلته وسائل اعلام أن "جيفري والبارزاني بحثا آخر تطورات الأوضاع في سوريا، ومهام التحالف الدولي ضد داعش، ومكافحة أنشطة ومخاطر الإرهاب في سوريا والعراق، وأحوال الكرد وحوار الأطراف الكردية في سوريا لحل المشاكل وتوحيد الصف بينها". 
وأضاف، البيان أن "جيفري أكد خلال الاجتماع على استمرار أمريكا والتحالف الدولي في مساندة الكرد وشركائهم لمواجهة الإرهاب والقضاء النهائي على داعش في سوريا وإقليم كردستان والعراق".