الرئيسة \  واحة اللقاء  \  رسالة البغدادي إلى واشنطن

رسالة البغدادي إلى واشنطن

19.11.2015
حمود أبو طالب



عكاظ
الاربعاء 18/11/2015
عندما تصل ارتدادات أحداث باريس إلى أمريكا فإننا إزاء تحول مهم قد يعيدنا إلى ما هو أسوأ من الأوضاع التي سادت العالم بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. شريط مصور بثته داعش يوم الإثنين توعدت فيه أمريكا بما هو أسوا مما حدث في باريس كان كافيا لإثارة الفزع في دوائر الأمن والسياسة، فقد صرح رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية بأن المعلومات المتوفرة تفيد بأن داعش غيرت استراتيجيتها للعمليات الإرهابية وأنها تحضر لعمليات جديدة ما يستدعي رفع درجة الحذر والإجراءات الأمنية في المدن والمطارات الأمريكية، بعض النواب بدؤوا المطالبة بإخضاع مواطني الإتحاد الأوروبي لمتطلبات تأشيرة دخول أمريكا، المرشح الرئاسي الجمهوري مايك هوكابي والسناتور جون مكين رئيس لجنة القوات المسلحة وغيرهما من رموز السياسة طالبوا بتشديد الاحتياطات الأمنية، وشبكات الإعلام بدأت في توجيه الرأي العام لتبني هذا التوجه مع نقد شديد لاستراتيجية أوباما التي وصفوها بالمتساهلة مع خطر الإرهاب ومصادره. كل ذلك وما سيتبعه يعكس حالة من التوتر ستؤدي إلى اتخاذ إجراءات استثنائية، ونعرف جيدا ماذا يحدث في العالم عندما تتوتر أو تخاف أمريكا.
يقول المراقبون في أمريكا إن الطريقة التي تمت بها عملية باريس توضح أن داعش أصبحت قادرة على تنفيذ عمليات كبرى في أي مكان لأنها تملك المال والكوادر المدربة والمتعاطفين المجهولين في كثير من الدول وأمريكا لن تكون استثناء من ذلك، فكل ما يحتاجه الإرهابي هو توفر القناعة التي يصعب كشفها والسلاح الذي يتوفر بسهولة، ومع معرفة انخراط عشرات الأمريكيين في داعش فما الذي يمنع استخدامهم مع غيرهم لتنفيذ عمليات إرهابية داخل أمريكا. هذا الاحتمال السيئ الذي نتمنى عدم حدوثه ليس مستحيلا مهما كانت شدة ودقة الاحترازات الأمنية، فقد كانت فرنسا على علم باستهدافها ومع ذلك فقد تم تنفيذ حادثة باريس بشكل استعراضي في أكثر من موقع وحصدت المئات من الضحايا.
أمريكا الخائفة والمستنفرة الآن تحصد نتيجة سياستها مع غيرها من الدول التي أغرقت منطقتنا في فوضى الدم الذي نبتت منه شياطين الإرهاب وتغذت عليه. داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي أحجمت الإدارة الأمريكية عن وأدها في مهدها واخترع لها أوباما سياسة الاحتواء بدلا من القضاء عليها ها هي تتوحش بعد أن أصبحت تبسط يدها على أجزاء كبيرة من دولتين وتبيع البترول وتستحوذ على بنوك وتستقطب المقاتلين من كل جنسية. وعندما يؤكد أوباما في قمة العشرين على تفاهمات جديدة مع روسيا وغيرها لمواجهة الإرهاب فقد تأخروا كثيرا في حل المشاكل الأساسية التي أفرزته، ومن يزرع الشوك لا يجني العنب.