الرئيسة \  واحة اللقاء  \  رصد دقيق للمواقف الروسية والإيرانية تجنّب التورّط لا يسقط المفاجآت

رصد دقيق للمواقف الروسية والإيرانية تجنّب التورّط لا يسقط المفاجآت

31.08.2013
روزانا بومنصف



النهار
الخميس 29/8/2013
تتبعت اوساط سياسية وديبلوماسية المواقف الروسية والايرانية من الاستعدادات الاميركية والغربية لاحتمال توجيه ضربة عسكرية لمواقع تابعة للنظام السوري ردا على استخدامه اسلحة كيميائية ضد شعبه. فكان مثيرا للاهتمام بالنسبة اليها ما اعلنه الرئيس الايراني حسن روحاني تحديدا غداة شيوع الانباء عن استخدام السلاح الكيميائي وسقوط عدد كبير من الضحايا اذ اعرب روحاني عن اسفه لمقتل " الكثير من السوريين بسبب استخدام الكيميائي "بحسب قوله في ما اعتبر تأكيدا ايرانيا لواقع هذا الاستخدام وصولا الى اعلان وزير الخارجية الايراني جواد ظريف ابان الزيارة التي قام بها مساعد الامين العام للامم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان لطهران " معارضة ايران استخدام السلاح الكيميائي من اي جهة " في اشارة مهمة الى عدم اسقاط او نفي المعلومات التي تتحدث عن مسؤولية النظام السوري. لكن القلق من الموقف الايراني بدا اكبر حيال الموقف الروسي في ضوء اعلان المسؤولين الروس الكبار ان " روسيا لا تعتزم محاربة احد في سوريا " نظرا الى مخاوف من لجوء ايران الى استخدام ما تملك من اوراق في المنطقة للرد على الضربة العسكرية الغربية المحتملة او للضرر بالمصالح الغربية حماية للنظام ومصالحها في سوريا. الا ان الاوساط المعنية تظهر اطمئنانا نسبيا، وعلى عكس ما يشاع في الاوساط السياسية لقوى 8 آذار بوجود استعدادات للرد وعدم الصمت على ضربة عسكرية للنظام، الى ان المعطيات المتوافرة لا توحي بذلك. اذ انه على عكس ما يشاع عن فبركة ادلة لاتهام النظام السوري في استعادة لما حصل مع ذريعة احتلال العراق، فان ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما التي عاشت حتى الان هاجس تداعيات ما بعد مرحلة الرئيس جورج دبليو بوش وسعت الى الابتعاد كليا عن سياسته لن تكرر الخطأ نفسه وهذه الادلة سيتم وضعها امام الجميع. لكن مع التسليم جدلا بفرضية ان النظام لم يكن مسؤولا بناء على ذرائع تفيد بانه ليس من الغباء بحيث يلجأ الى هذه الورقة بالتزامن مع تسجيله مكاسب على الارض او تزامنا مع وصول وفد المفتشين الدوليين الى سوريا، فان الاوساط السياسية والديبلوماسية كما الاعلامية الغربية اثارت الكثير من التساؤلات حول هذا الموضوع وخلصت الى استنتاجات تفاوتت بين تهور لم يمنع الرئيس السوري من ارتكاب الغلطة المميتة في لبنان في 2014 بالتمديد لرئيس جمهورية اتى به الى السلطة فأدى به الى قرار دولي بسحب وصايته السياسية عن لبنان ثم باغتيال الرئيس رفيق الحريري الذي قاده الى سحب قواته العسكرية نهائيا كما لم يمنعه من ارتكاب الخطأ المميت في معالجة انطلاق ثورة شعبية في بلاده كانت متواضعة في آذار 2011 وصولا الى تحدي الرئيس الاميركي تحديدا في الخط الاحمر الذي رسمه حول استخدام السلاح الكيميائي. لكن فرضية استخدام طرف ثالث هذا السلاح اوقع بالرئيس السوري من شأنها ان تحرج حلفاءه بمقدار ما احرج الرئيس الاميركي وربما اكثر، خصوصا اذا كان يمكن هذا السلاح ان يمرر الى اطراف ثالثين. فاذا كانت روسيا او ايران تخشيان" التكفيريين" او "الارهابيين" بحسب تسمية النظام فقد يكون بات عليها ان تخشى ذلك اضعافا مضاعفة او ان تغض النظر عن سعي الولايات المتحدة والغرب توجيه ضربة عسكرية لمنع اللجوء الى استخدام " الارهابيين " او الاصوليين " الاسلحة الكيميائية لاحقا. وقد طلب روحاني " من الامم المتحدة ان تحقق في الوقائع الاخيرة في سوريا وتعلن نتائج التحقيق وسابقة نقل السلاح الكيميائي للتكفيريين من الخارج " كما قال.
 
وفي هذا الاطار تبدو الاوساط المعنية متنبهة الى حرص ايران، الساعية الى الاعتراف بدور اقليمي مؤثر لها في الحل السوري والذي لفتت اليه بقوة زيارة فيلتمان لطهران في هذا التوقيت بالذات والذي نقل "دعم الامم المتحدة لمشاركة الدول المؤثرة في مسار حل الازمة سلميا" في اشارة الى ايران، على ادانة استخدام السلاح الكيميائي "من اي جهة" في مسعى واضح كما ترى هذه المصادر الى طمأنة الغرب الى ان مساعيها في ملفها النووي لا تصب في اطار الاستخدام العسكري ولا تتحمل ايران في هذا الاطار ان تثير اي شبهة بل على العكس ان تبعدها كليا وتظهر حسن نية على هذا الصعيد. وتاليا فان الضربة العسكرية المحدودة لمواقع للنظام السوري بحيث لا تنهيه وتؤمن في المقابل مقعدا لطهران على طاولة جنيف -2 امر لا يجب تجاهله. في حين ان اي معايير مزدوجة في موضوع الاسلحة الكيميائية سيزيد الشك في صدقية طهران تماما كما الموقف الذي اعتمدته من اجل التنديد بما اعتبرته لجوء السلطة المصرية الموقتة الى العنف في وجه الاخوان المسلمين في الوقت الذي ساهم القمع الذي قامت به سلطات طهران ضد معارضي انتخاب احمدي نجاد في 2009 في افقاد اي صدقية لايران على صعيد المواقف المتصلة بالحقوق السياسية. كما لا تود ان تغامر عسكريا عبر الرد من سوريا دفاعا عن مواقع قد تستهدف النظام خشية عدم افساح المجال وتوفير ذرائع لضرب مواقعها النووية في الوقت الذي تعاني من اوضاع اقتصادية ومالية صعبة جدا.
لكن كثرا يخشون في الوقت نفسه مفاجآت قد تحملها اي ضربة عسكرية ايا تكن طبيعتها او حجمها.