الرئيسة \  واحة اللقاء  \  رفضت "حماس" الوصاية فغادر قادتها دمشق!

رفضت "حماس" الوصاية فغادر قادتها دمشق!

15.08.2013
سركيس نعوم

النهار
الخميس 15/8/2013
علاقة “حركة حماس” الفلسطينية بـ”حزب الله” واستطراداً بمحور “الممانعة” الذي تقوده الجمهورية الإسلامية الإيرانية ويضم إضافة إليها “الحزب” ونظام الأسد في سوريا، هذه العلاقة بدأت تحيِّر اللبنانيين فعلاً ولا سيما منذ اندلاع الثورة الشعبية السورية في آذار 2011. فهي تارة متوترة، وتارة هادئة. و”الحزب” و”الحركة” يبدوان حيناً على الأقل في وسائل الإعلام عضوين في جبهة موحدة تقاتل إسرائيل بغية استرجاع فلسطين المغتصبة والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها. ويبدوان حيناً آخر على علاقة فاترة وعلى حذر متبادل على رغم استمرار الحد الأدنى من العلاقة بينهما، فضلاً عن “العيش” المشترك في مناطق الإقامة المشتركة. كما يبدوان حيناً ثالثاً متخاصمين بل متعاديين وخصوصاً عندما يستدعي الإعلام “الممانع” حلفاءه المتنوعين لمهاجمة “حماس” بسبب مواقفها “المخزية” من المواجهة التي يقودها “محور الممانعة” في سوريا ضد المخطط الصهيوني – الأميركي. ولم يتورّع عدد من هؤلاء عن اتهامها بالخيانة.
هل من سبيل لتبديد حيرة اللبنانيين حيال علاقة “حماس” بـ”محور الممانعة” وأعضائه؟
السبيل الوحيد كان “الكلام” مع “حمساوي” مهم في لبنان مُطّلع بحكم موقعه ومهماته على خلفيات العلاقة المذكورة في السؤال، وعلى الأسباب والعوامل التي جعلتها تترجّح بين التحالف والتعامل والتشكيك والتخوين والعودة إلى التواصل من أجل استئناف التعاون والتنسيق. و”الكلام” عزا الترجّح المشار إليه في العلاقة إلى اندلاع الثورة الشعبية في سوريا، وإلى موقف “حماس” منها بعد مبادرة نظام الأسد إلى قمعها. وهو موقف مؤيد لها بقوة لكنه لفت إلى أن الأمين العام للحركة خالد مشعل أمضى في البدايات ما يزيد على ثلاثمائة ساعة عمل في محاولة مساعدة الأسد على حل سلمي للأزمة السورية، يجنّب شعبها العنف ويحقّق له مطالبه ولا يؤذي في الوقت نفسه النظام السوري “الممانع” والداعم لكل من يواجه العدو الصهيوني وحلفائه. إلا أن الفشل كان حليفه على رغم الاجتماع الذي عقده مع الرئيس بشار الأسد في بداية مساعيه، وعلى رغم التنسيق الذي أجراه مع قيادة “حزب الله” في محاولة ثانية والذي رفضه لاحقاً الأسد بعد موافقته عليه. وفي الاجتماع المذكور، وصادف انه تم يوم أسقط الشعب المصري رئيسه حسني مبارك أو في اليوم الذي تلاه، قدَّم مشعل للرئيس السوري تحليلاً يفيد ان ما حصل في مصر لن يقتصر عليها بل سيشمل دولاً أخرى في المنطقة، بل أنظمة أخرى الأمر الذي يقتضي التحوّط والعمل لتفادي ذلك. ونصح في الجلسة نفسها الحكم في دمشق باتخاذ إجراءات تلبّي فعلياً مطالب الشعب المتظاهر وفي مقدمها الإصلاح والحرية وضرب الفساد. وسمع من الأسد كلاماً يفيد انه اقتنع بما سمع مع وعد بالعمل الجاد للقيام بما يلزم. لكنه لم ينفذ وعده. وفي تلك الحال وجد خالد مشعل أن ما يطلبه النظام من “الحركة” التي هو الأمين العام لها من مواقف وأعمال حيال التطورات السورية لا يستطيع قبوله والالتزام بتنفيذه أو الوعد بتنفيذه. والمطلوب كان مشاركة “حماس” في قتل الثوار السوريين كما في قتل إخوانهم الفلسطينيين المقيمين في سوريا الذين اتخذوا منذ البداية موقفاً من اثنين: إما الحياد بين النظام وشعبه وإما التأييد التام لشعبه ولكن سياسياً وربما إعلامياً. وتسبب ذلك طبعاً بتدهور العلاقة بين الطرفين وخصوصاً بعدما راح فلسطينيو نظام الأسد داخل سوريا يضغطون بالوسائل العسكرية وغير العسكرية على إخوانهم في “حماس” وغيرها لاتخاذ موقف مؤيد للنظام. ثم دفع قادة “الحركة” الذين كانوا يقيمون في سوريا إلى مغادرتها. ولعل الذي شجّعهم على ذلك كان اقتناعهم التام بأن نظام الأسد، بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن قائد “محور الممانعة” الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعن “حليفه” اللبناني “حزب الله”، كان يعمل لوضع “حماس” تحت وصاية هذا المحور. وهذا أمر رفضته في السابق يوم كانت علاقتهما تحالفية وترفضه اليوم بعد تردي العلاقة. علماً أن هناك أمراً آخر يشجّع القادة الحمساويين إياهم على مغادرة سوريا هو كون “حركتهم” جزءاً من الحركة الإسلامية العربية وغير العربية الأمر الذي يجعلهم عاجزين عن، بل رافضين التخلي عن الإسلاميين وغير الإسلاميين الذين يتعرّضون للقمع والقتل والعنف فقط لأنهم يطالبون بالعدالة والحرية والكرامة أو على الأقل يجعلهم رافضين الاشتراك في قتلهم.
ما هو موقف “حماس” من الأوضاع الداخلية الصعبة والمعقّدة في لبنان وخصوصاً في ضوء الانعكاس السلبي للحرب السورية عليها؟