الرئيسة \  واحة اللقاء  \  رقم صعب

رقم صعب

21.12.2013
محمد برهومة



الغد الاردنية
الجمعة 20/12/2013
سواء انعقد لقاء بين "الجبهة الإسلامية السورية" ومسؤولين أميركيين أو لم ينعقد، وسواء قبلتْ "الجبهة" بإجراء حوار مع الأميركيين أم رفضتْ، فإن الفكرة بحد ذاتها تعبّر عن دينامية جديدة يعيشها الواقع السوري اليوم. وهو ما يمكن تشكيل ملامحه من خلال محاولة التكهن بالأسباب التي دفعت الولايات المتحدة إلى الإعلان عن رغبتها في التواصل مع "الجبهة".
تتميز الجبهة الإسلامية السورية بعدد من نقاط القوة التي تجعلها رقما مهماً على الساحة السورية اليوم، ومن هذه النقاط:
أولاً، أنها إطار جبهوي يضم سبعة فصائل إسلامية؛ هي لواء التوحيد، وحركة أحرار الشام، وجيش الإسلام، وألوية صقور الشام، ولواء الحق، وكتائب أحرار الشام، والجبهة الإسلامية الكردية. وهذه الفصائل من أكبر الفصائل المسلحة على الأراضي السورية، ما يجعلها مجتمعة، ربما، أكبر تجمّع على الأرض؛ يضم عشرات آلاف المقاتلين المنتشرين في أغلبية المحافظات والمناطق السورية.
ثانيا، على الرغم من أنّ "الجبهة" انبثقت تحت وطأة التوجس من غياب دور لها على الساحة السياسية في ظل توجّه الدعم الأكبر إلى "الجيش الحر" و"المجلس العسكري الأعلى"، فإنها لم تقطع الصلة ب"الجيش الحر" أو "الائتلاف الوطني"، مع ضرورة الانتباه إلى أن "الجبهة" حين تعلن نفسها تكوينا عسكريا وسياسيا في آن معاً، فإنما يعني ذلك تقديم نفسها كمنافس سياسي للائتلاف الوطني على تمثيل الثورة. وهو ما يحتاج إلى بعض الوقت للبت في شأنه وحقيقته على نحو أكثر دقة وتأكيدا. غير أن فكرة عدم قطع الصلة مع "الائتلاف" و"الجيش الحر"، إضافة إلى تذكّر أن عددا من الفصائل السبعة المشكّلة للجبهة ارتبط بقيادة أركان "الجيش الحر"، إنما يعني أن قوى الثورة بين خيار التنافس بين جهتين كبريين، هما الجبهة و"الجيش الحر" بشكل أساسي، أو خيار التوحد تقريبا، وهو في حالة الجبهة و"الجيش الحر" ليس مستحيلا وإنْ كان صعبا في الوقت الحالي.
ثالثا، "الجبهة الإسلامية السورية" طرف مقبول لدى "الجيش الحر"، ولدى الأميركيين والغرب على حد سواء. فقد استعان "المجلس العسكري" التابع للائتلاف بقوات من "الجبهة" حين تمكن مقاتلو جماعة "الدولة الإسلامية" من السيطرة الكاملة على معبر" باب الهوى" الحدودي الاستراتيجي، وعلى ما قيل إنها مخازن للأسلحة والذخيرة. وتمكن مقاتلو "الجبهة" من طرد عناصر "الدولة الإسلامية" وحماية تلك المخازن، بالتنسيق مع قائد "المجلس العسكري" اللواء سليم إدريس. وهو ما دفع الأميركيين والبريطانيين الذين علّقوا مساعداتهم غير الفتاكة للثوار عقب استيلاء "الدولة الإسلامية" على تلك المخازن، لأنْ يعلنوا عن استئنافها قريبا. و"الجبهة الإسلامية" وإن كانت  تتعاون أحيانا مع "جبهة النصرة" في الميدان، فإنها تقف على مسافة من "النصرة" الأكثر اعتدالا من "داعش" الأكثر تطرفا واصطداما حتى بمعظم فصائل الثوار.
رابعا، "الجبهة الإسلامية" قوية النفوذ في شمال سورية، وتكاد تسيطر على معظم محافظتي إدلب وحلب. كما لديها نفوذ على الأرض من شأنه سحب البساط من "النصرة " و"داعش". كذلك، لدى "الجبهة الإسلامية" طموح سياسي يجعل الأطراف الدولية تراهن عليها فيما يتعلّق بموضوع المرحلة الانتقالية والمستقبل السوري، أو فيما يتعلق بمؤتمر" جنيف2" المفترض انعقاده الشهر المقبل؛ إذ يدرك السفراء والدبلوماسيون والسياسيون الغربيون أن المؤتمر سوف يكون من دون جدوى إذا لم ينلْ قبولا وتأييدا من المجموعات القتالية ذات النفوذ في الداخل السوري.
mohammed.barhoma@alghad.jo