الرئيسة \  واحة اللقاء  \  فرنسا لا تسمح بإبادة الأقليات

فرنسا لا تسمح بإبادة الأقليات

22.07.2013
سركيس نعوم

النهار
الاثنين 22/7/2013
علقت على اعتبار المسؤول الفرنسي الرفيع نفسه في باريس ان "جبهة النصرة" المتشددة تعدُّ الذين يقاتلون بين خمسة وعشرة آلاف، قلت: لا تنس أن قسماً مهماً من جغرافية سوريا صار تحت سيطرة الثوار. ويعني ذلك أن غالبية الشعب تقاتل. وقلت ان المنطقة إسلامية، وان الصراع مستقبلاً سيكون بين الاسلاميين معتدلين ومتطرفين. وقد فرض ذلك على أميركا وغيرها التعامل مع الذين يقولون انهم معتدلون. وقلت ان أميركا لن ترسل قواتها الى سوريا. وان على الغرب "المسيحي" ان لا يشارك بقواته في أي حرب داخل سوريا. واذا كان لا بد من مشاركة فلتقم بها دول عربية واسلامية. هنا سألته عن إمكان إقامة منطقة حظر طيران في سوريا، فأجاب: "قد يجر ذلك الى حرب. ربما من الأفضل إقامة منطقة حظر جوي في المنطقة الأردنية المتاخمة للحدود السورية. وبذلك يستطيع اللاجئون السوريون ان يقيموا بأمان. الرئيس ميشال سليمان طلب منطقة كهذه داخل الأراضي السورية المحاذية للحدود مع لبنان. لكنها لم تحظ بالموافقة". هنا تدخل في الحديث مستشار المسؤول الفرنسي الرفيع نفسه قائلاً: "لا يمكن السماح بإبادة العلويين والمسيحيين". علّقت: الإبادة يجب أن تُمَنع. في لبنان أيام حروبه عندما كان المسيحيون يهددون بالاجتياح الفعلي (أو الإبادة) سواء من سوريا أو من الفلسطينيين وحلفائهم كانوا يُمنعون من ذلك. تارة بتدخل الطيران الحربي الاسرائيلي. وتارة برسائل تهديدية دولية. وتارة بإدخال جيش سوريا الى لبنان (عام 1976). وتارة بتكليف سوريا تطبيق اتفاق الطائف (عام 1990). هنا دار نقاش حول مسيحيي لبنان ومسيحيي سوريا ومسيحيي مصر. فقلت ان هناك فرقاً واضحاً بين لبنانييهم والآخرين. فالمسيحيون اللبنانيون كانوا ولا يزالون جزءاً من القرار الوطني ومشاركين في إدارة البلاد، ولا يزالون رغم تدني نسبة مشاركتهم بسبب الهزيمة والديموغرافيا. أما مسيحيو سوريا فعاشوا بحماية النظام لكنهم لم يكونوا جزءاً من قرار سوريا الوطني. والأمر نفسه مع مسيحيي مصر الذين افتقدوا الى المشاركة والامان. علّق: "مسيحيو مصر محرومو الحقوق السياسية ومهمشون الى الآخر. في أي حال يقول السوريون كلهم تقريباً نريد ان ننتهي من هذه الحرب وخصوصاً بسبب فظاعاتها". وافقته على ذلك، لكن ذكّرته باللبنانيين الذين قالوا ذلك ولكن عندما شعروا بالأمن عادوا الى مطالبهم "المشروعة" على تناقضها. بعد ذلك تناول الحديث سوريا من جديد فقال المسؤول الرفيع نفسه: "تريد روسيا حلاً سياسياً في سوريا. والكنيسة الروسية مهتمة أيضاً بالنظام السوري ربما بسبب مسيحيي سوريا. ولا تنس الآثار السلبية لاختطاف مطرانين مسيحيين سوريين". علّقت: نقل حلفاء لبنانيون لسوريا الاسد كلاماً عن الرئيس بوتين يفيد ان دمشق هي عنده مثل ستالينغراد، وانها وإيران لن تدعاها تسقط في أيدي الثوار. فهل هذا صحيح؟ أجاب وعلى نحو غير مباشر: "يعني سقوط دمشق سقوط النظام السوري". ثم سأل: "ماذا تريد ايران؟" أجبت: ايران الشاه كان مشروعها الهيمنة على الخليج. ايران الثورة الاسلامية (1979) كان مشروعها ولا يزال السيطرة على كل العالم العربي أو قلبه وإبعاد أميركا والغرب عنه. كل ذلك تحت شعار الاسلام. اعتبر السنة بعد سنوات طويلة ان المشروع الاسلامي الايراني شيعي، وبدأت المواجهة واحتدمت بعد الثورة في سوريا. اميركا والغرب وعربهما يحاولون تشليح ايران أوراقها العربية ومنها نظام الأسد و"حزب الله". علّق: "هناك تخبط داخل المعسكر المخاصم لايران. "البريطاني" وبّخ القطري في أحد المـؤتمرات بسبب الأسلحة والأموال التي يرسلها الى ثوار سوريا. وذلك انطلاقاً من شكّ في أن تكون تذهب الى المتطرّفين مثل "جبهة النصرة" وأشباهها". أخيراً اختُتِم اللقاء بحديث عن لبنان والتطورات المرتقبة فيه جراء أوضاعه الصعبة والمعقّدة أساساً وجراء الحرب السورية أيضاً. وكانت التوقعات سلبية طبعاً.
وقبل العودة الى بيروت التقيت صديقاً مطلعاً بدقة على سياسات فرنسا وأوضاعها ومتابعاً لها من زمان. وفي حوار قصير وسريع استنتجت منه الآتي: "ما يهم فرنسا وخصوصاً في ظل لوران فابيوس وزير الخارجية اسرائيل أولاً. في سوريا أرادت فرنسا التدخل بإرسال أسلحة، ضغطت عليها أميركا فأحجمت عن ذلك. وهي تهتم للبنان وتسعى لابقاء وضعه الحالي خوفاً من تطوره نحو الأسوأ. وتخشى على قوة حفظ السلام الدولية في الجنوب. كما تعتبر ان "حزب الله" لا يريد حرباً أهلية في لبنان لأنه لا يستطيع التورط عسكرياً على جبهتين".