الرئيسة \  واحة اللقاء  \  روحاني أنقذ الأسد وا اسلاماه

روحاني أنقذ الأسد وا اسلاماه

19.10.2013
بشار عمر الجوباسي


القدس العربي
الجمعة 18/10/2013
لم يكترث سكان المعضمية الحي الدمشقي الجنوبي كما باقي مدن الغوطة الشرقية بارتفاع أسعار الأضاحي هذا العيد؛ فهناك حيث يُحاصر النظام الممانع أكثر من ستمئة وخمسين ألف إنسان تقتصر الرفاهية على شرب الماء، وهذه ليست مبالغة فماذا يمكن أن يتبقى لدى ذلك العدد الهائل من المعذبين بعد ثمانية أشهر كاملة من الحصار؛ لا بد أن الحجارة والتراب أمست من أفخم أطباق موائد مترفيهم، هذا ولا يتحدث أحد عن القصف الجنوني الهمجي الذي يرافق عذابات أهلها كما الهواء الذي يتنفسون، تتوالى الفتاوى بجواز أكل القطط والكلاب والحمير في تلك البقعة من أرض المريخ، حيث يقطن أولئك الكفار الإرهابيون في وقتٍ تحدثت فيه خطبة يوم عرفة عن التحذير من تقسيم الأمة الإسلامية.
حتى إسرائيل كانت تسمح أحياناً بدخول بعض البضائع إلى غزة، فما جنس وعقيدة أولئك المُحاصَرين في أغلب ريف دمشق، أرجو أن لا تكون كلماتي تلك قد نحست غزة، فهي الآن تحت حصار كامل تام 100، فالسيسي يحارب الإرهاب في أنفاقها، وقد أراح رأسه الآثم من تهريب حليب الأطفال الذي يقايضه الغزاويون بالقنابل النووية، أما في ربوع أرض الكنانة فان تكون ملتحياً يعني أنّك ربما حكمت على نفسك بالموت، فالبلطجية الجناح العسكري للقضاء المصري أغلظوا على أنفسهم العهود أمام الشيطان بتطبيق قانون الغاب بأدق حذافيره.
في إحدى الصور العادية للفظائع التي باتت خبز السوريين اليومي صورة لطفل جريح لا يزيد عمره على أربع سنوات، إذا نظرت لوجهه وجدته ينظر للكاميرا بكثير من عدم المبالاة والوجوم، فإذا انخفضت ببصرك وجدت رجليه المقطوعتين تنزفان؛ إنّه يستحق ذلك فهو إرهابي جاسوس كافر ابن كافر، إلى أين وصلنا، أما أن يجرح أحدهم شعور كلب في الموزنبيق فهذا أمرٌ تنطلق في سبيله المظاهرات وتقام له اعتصامات تعم أوروبا وأمريكا، وربما تحركت كرامة لعينيه الأساطيل.
في إعلامنا وصحافتنا لا زالت تُكمم الأفواه ولا يُسمح بالحديث عن الواقع كما يجري من حولنا، فهذا حديث طائفي، وذاك حديث كراهية، وآخر لا يليق بالأخلاق المهنية و… أما أن يُترك السوريون في أحياء دمشق الجنوبية وغوطتها الشرقيه ليفروا إلى الموت فلا يجدونه وقد أمسى سكانها ناقمين على الغرب لنزعه السلاح الكيماوي من النظام، فهم يقولون بالكيماوي تموت خلال دقائق، وهذا ما لا يقارن بما يقاسونه في انتظار الموت جوعاً لأسابيع عديدة، ثم لا يزال هناك من يتحدث عن جنيف -2 أي منطق هذا؛ إنّ من لا يقدر على إدخال رغيف خبز إلى أطفال يموتون جوعاً، من المحال أن يكون قادراً على فرض أدنى اتفاق على ذلك النظام الإرهابي الذي وبشهادة أوباما نفسه لم تعد أمامه أية خطوط حمراء بعد تسليمه للسلاح الكيماوي. أما المبعوث الأممي فيتشدق في مؤتمر صحافي مع كيري وكأنّه فتح القسطنطينية، إذ اتفق معه في لندن على عدم استخدام القوة لحل الأزمة السورية؛ حسناً فإذا كان قلبه رحيماً إلى ذلك الحد ولا يريد أن تُضرب قوات النظام الإرهابي الآثم، فليعامل الشعب السوري بالمثل ويدفع عنه شيئاً من ذلك القصف الهمجي الوحشي، فإذا تجاهلت كل ما يجري في مدن وقرى سورية السنية، ونظرت فقط إلى أحياء حمص المحاصرة هي الأخرى فستتيقن أن زلزالاً بقوة ألف درجة لن يدمر أكثر من 1 مما آلت إليه أحياؤها. ولكن انظروا الى أيادي الإبراهيمي في لبنان وافغانستان والعراق حيث كان مبعوثاً أممياً الى تلك الدول وما آلت إليه بجهوده وكأنّ السوريين تنقصهم مصائب إنّ فحوى ذلك المكتوب ظاهره من عنوانه.
فإذاً لا يحتمل واقع الأحداث أن تجلس شعوبنا الإسلامية تستمع إلى خطبٍ عن نواقض الوضوء، والمسلمون يُستباح كل شيء فيهم في أغلب بقاع الأرض بدعم وأيادي الغرب والصهاينة أو عملائهم، ففي سورية يقاتل أهلها العالم دفاعاً عن الإسلام والعروبة، وعلى الجميع أن يفهم ذلك؛ فلو كانت المسألة فقط مسألة نظام يريد الشعب إسقاطه لسقط قبل هذا بكثير، ولكن أمريكا وإسرائيل تجهدان لتدمير الحجر والبشر وتمزيق البلد وإغراقه في مليون صراع كي لا تقوم لها قائمة، فهم يوقنون أنّ أول حجر في أساس صرح نهضة الأمة الإسلامية، وأول مسمار في نعش إسرائيل هو قيام سورية حرة ديمقراطية يملك شعبها زمام أمرهم، وثانيهما مصر الحرة الأبية، التي هي مركز الثقل العربي والإسلامي. أما الحديث عن تراجع إعتماد أمريكا على نفط المنطقه وتوجهها إلى أماكن أخرى فهو غير واقعي وغير منطقي؛ ففي السادس من الشهر الجاري أطلق الجيش الإسرائيلي تغريدة تَبيّن من ظاهرها أنّ إسرائيل شنت هجوماً جوياً على مطارات سورية، مما أدى إلى ارتفاع سعر برميل النفط 1.1 دولار، ثم ظهر لاحقاً أنّ تلك التغريدة كانت تتحدث عما حدث قبل أربعين عاماً، وذلك التوضيح لم يتمكن من إعادة سعر النفط لسابق عهده. دائماً ما عبثت الأيادي الأمريكية واالصهيونية في أزمات ومصائر الأمم، خاصة في منطقتنا، فإما أن تتدخل أمريكا بشكل مباشر أو تترك الأزمات لتسير بشعوبها إلى الهاوية. وعادة ما تدفع الشعوب المسلمة من دمها ثمن استمرار تدفق النفط إلى أمريكا تعود ملياراته لجيوب نصف دزينه من أنظمة تلك الدول وزبانيتهم.
أليست هذه بعض حقائق الواقع الذي ما فتئنا نقاسيه؛ ألا تُفعل فينا الأفاعيل تحت مسميات كاذبة واهية وتعبث أيادي واضحة مثل علم برأسه نار بمصائر بلداننا، والجميع مازال يسميها أيادي ما تحت الطاولة، ونحن إن لم نقدر على دفع شيء من تلك المظالم فلماذا نسميها بأسمائها؛ أتحدى أن تنشر أغلب الصحف العربية هذا المقال كاملا دون حذف شيء منه، لماذا لا يقول أحد أن الغرب وإسرائيل ما برحا يحاربان الإسلام ويكيدا للمسلمين؛ ألم يُطلقا العنان لنظام طائفي إرهابي لينكل ويفظّع بطائفة واحدة تشكل أغلب الشعب السوري، حيث لا يمكن أن يُصدق عقل بشري 1 مما يجري في أقبية مخابراته، ألا يحارب السيسي الإسلام والإسلاميين فقط، ويلفق لهم التهم ويتمادى وأبواقه بكذب لا يمكن أن ينطلي حتى على الأطفال الصغار، ألا يتم إضعاف ومحاربة الإسلاميين والعمل على الحؤول دون وصولهم إلى السلطه في ليبيا وتونس، ألم يحرق جنرالات الجزائر بلدهم إثر فوز الإسلاميين بانتخابات ندموا كثيراً على عدم تمكنهم من تزويرها، ألا تهدف السياسة الأمريكية الأخيرة تجاه إيران إلى ضخ القليل من ماء الحياة في عروق نظامها المتهالك؛ ولكن من قال أنّ أمريكا تريد تغيير نظام خامنئي إنّ كل شركات الأسلحة فيها مَدينة بكل صفقة تبرمها مع دول الخليج إلى فزاعة.
فإذاً أين جيوش المعتصم تلبي نداءات الحرائر، وأين عبوس صلاح الدين وقد أبى الضحك ما لم يحرر الأقصى؛ ثم أين قطز يصدح وا إسلاماه إذ كاد المغول يستأصلون الدين الحنيف، رحم الله عمر أبو ريشة إذ قال:
رُبّ وا معتصماه انطلقت مل أفواه الصبايا اليُتَّمِ
لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصمِ
أمست أمتنا وقد تكالبت عليها الأمم كما يتداعى الأكلة على قصعتهم، ولكن الشاعر نفسه قال في قصيدة أخرى:
لا يموت الحق مهما لطمت عارضيه قبضة المغتصب
‘ كاتب سوري