الرئيسة \  واحة اللقاء  \  روحاني وأردوغان والأسد ثالثهما

روحاني وأردوغان والأسد ثالثهما

30.01.2014
موناليزا فريحة


النهار
الاربعاء 29/1/2014
التناقض الذي طالما اتسمت به العلاقة بين ايران وتركيا ليس غريبا بين الجارين الكبيرين المختلفين مذهبيا وايديولوجيا، مصالح كبيرة في السياسة والاقتصاد، وتنافس اكبر على النفوذ والادوار. بينهما الصداقة كما العداوة يجمعهما اصدقاء وخصوم مشتركون ايضا. من لبنان الى سوريا والعراق والخليج، غالبا ما دعمت ايران وتركيا معسكرين مختلفين. ومنذ تحول الثورة السورية حربا دامية، عكر الاسد انسجاما جمع طهران وأنقرة ودمشق والدوحة.
عندما زار رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان طهران عام 2012، ترك الرئيس السابق محمود احمدي نجاد ضيفه ينتظر ساعات قبل ان يستقبله بحجة وعكة صحية. في حينه كان الخلاف بينهما على سوريا في ذروته. كان اردوغان يحمل لواء الحل العسكري ضد نظام بشار الاسد، بينما يضع احمدي نجاد ثقل جمهوريته الاسلامية في دعم حليفه.
يختلف الوضع خلال زيارة اردوغان امس واليوم لطهران، لا لان الرئيس حسن روحاني تخلى عن الاسد، وانما لانه في حاجة الى اردوغان ربما بقدر حاجة الضيف التركي اليه. فهل يتجاوزان "عقدة" الاسد الى مرحلة من التعاون بينهما؟
يحتاج اردوغان الى تعاون طهران يدرك تماما حجم نفوذها لدى حكومة نوري المالكي في العراق وقدرتها على التعاون لحل خلافات نفطية عالقة. يحتاج اليها اكثر في سوريا التي باتت تمثل تهديدا امنيا لبلاده وخطرا على مشروعه السياسي.
لا شك في ان انقره بدلت لهجتها حيال الازمة السورية. صارت تقر بأهمية الحل السياسي، وان تكن مقاربتها للحل تختلف تماما عن المقاربة الايرانية. باتت تشعر بالخطر مع وصول الجماعات الاسلامية الى حدودها مع سوريا، الامر الذي لا يهدد أمنها واستقرارها السياسي فحسب، وانما ا قتصادها الذي اصابته الحرب السورية في الصميم. هذا فضلا عن انحسار دور انقرة في سوريا لحساب لاعبين اقليميين آخرين، في مقدمهم السعودية. وحتى نفوذها لدى الفصائل المعارضة تقلص، مع تراجع دور المؤيدين لها لحساب "داعش" وفصائل اخرى اقرب الى خصومها الخليجيين.
اما طهران، فدفعت ولا تزال ثمنا باهظا، ماديا ومعنويا، لابقاء الرئيس السوري في منصبه حتى الانتخابات المقبلة. ولئن أكسبها موقفها هذا ثقلا اقليميا، فهو زاد العداء لها في المنطقة والعالم. ومع سعيها الى الخروج من عزلتها بعد دخول الاتفاق النووي بينها وبين الغرب حيز التنفيذ، وتحررها تدريجا من القيود الاقتصادية التي كانت مفروضة عليها، يمكن تركيا ان توفر لها جسرا في اتجاه علاقات طبيعية مع الخارج. ايا تكن تداعيات المشاكل الداخلية التي يواجههااردوغان، فقد تكون انقرة امام فرصة لاستعادة دور على الساحة الاقليمية. دور لن تنجح فيه قبل ان تثبت انها لن تكون مجرد محام او جسر عبور لطهران، وقبل ان تستغل حاجة طهران اليها لاقناعها بتغيير سياستها الخارجية في سوريا خصوصا وتسهيل التوصل الى اتفاق نووي دائم.