الرئيسة \  واحة اللقاء  \  روحاني وسوريا نجما السياسة في نيويورك محور الدول الممانعة بدأ مساره الى الافول!

روحاني وسوريا نجما السياسة في نيويورك محور الدول الممانعة بدأ مساره الى الافول!

25.09.2013
روزانا بومنصف



النهار
الثلاثاء 24/9/2013
سبقت المواقف المرنة التي أعلنها الرئيس الايراني حسن روحاني وابداء انفتاحه على الغرب، توجهه الى نيويورك للمشاركة في اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة وكانت سببا في استقطابه اهتمام كل الاعلام الغربي وليس الاميركي فقط، تماما كما فعل سلفه محمود احمدي نجاد حين زار نيويورك العام الماضي، انما من مقاربة مختلفة وغير عدائية للمسائل الخلافية بين ايران والغرب. الا ان الانشغال الغربي "الاحتفالي"، اذا صح التعبير، بروحاني، لم يحجب بالنسبة الى مصادر ديبلوماسية اقليمية تسجيلها أوجهاً متعددة لهذه التطورات يتّسم غالبها بطابع ايجابي، فيما البعض الآخر اقل ايجابية ويستدعي حذرا. فمن الاوجه الايجابية التي ستطغى فيها المواقف المرنة التي سيؤكدها الرئيس الايراني مجددا خلال كلمته امام الجمعية العمومية وفي لقاءاته الكثيرة مع الاعلام الاميركي وفق ما هو متوقع في سياسة اثارة "اعجاب" الغرب وجذبه، ان الانفتاح الايراني والذي يجد مسوغاته في وصول رئيس جديد الى السلطة باهداف تتصل بايجاد حلول للملف النووي الايراني ورفع العقوبات الاقتصادية الدولية عن ايران، يسير في موازاة المناقشات الدولية من اجل صوغ قرار لنزع الاسلحة الكيميائية لدى النظام السوري الحليف لايران واظهار هذا النظام استعداده للتخلي عن اسلحته الكيميائية. وايا تكن الاسباب المختلفة التي ادت الى التبدل الايراني اوتلك التي ادت الى وجود توافق اميركي روسي حول نزع السلاح الكيميائي السوري، وهي ليست نفسها في الحالتين، فان الصورة تظهر حراجة المأزق الكبير الذي بات يواجهه المحور الايراني - السوري كل من جانبه، والاثنتان معا على الصعيد الدولي والاقليمي على حد سواء، وعلى نحو يدفع كلا منهما الى ايجاد الحلول والمساهمة فيها للمحافظة على القدرة على الاستمرار. وهذا ليس بسيطا لا في المعادلة الاقليمية ولا في المعادلة الدولية بالنسبة الى دولتي هذا المحور، مع نظام يستعدّ للتخلي عن سلاحه المعدّ للتوازن الاقليمي وجمهورية اسلامية باتت مستعدة وفق ما تعلن، للتفاوض من اجل ايجاد حلول لملفها النووي والتعاون لضبط طموحها في هذا الاطار. وليس واضحا ما اذا كانت الازمة السورية شكلت عاملا مؤثرا في دفع ايران الى تبديل مواقفها، ام ان العقوبات الاقتصادية الدولية هي التي ساهمت في ذلك، ام ان الاثنين معا باعتبار انهما يثقلان جدا على ايران، لكن الدولة الاساسية في هذا المحور باتت مضطرة الى تغيير مقاربتها للمسائل العالقة مع المجتمع الدولي الذي يرحب بذلك من دون ربطه بما يجري، بالجهة السورية، علنا على الاقل. واذا كان ممكنا تسييل هذا التحول في السياسة العملانية، يمكن القول ان ما يسمى "محور الممانعة" بدأ مساره الى الافول على نحو تكاملي، وليس واحدا من دون الآخر في انتظار ترجمة هذا التحوّل تباعا.
ومن الاوجه التي تثير الايجابية بحذر لدى بعض الدول الاقليمية، طبيعة الانفتاح المحتمل بين الولايات المتحدة والدول الغربية مع ايران، ومفاعيله. فالاتجاه كان انه سيحصل في نيويورك الاتفاق على موعد للقاء مجموعة الدول الست، اي الدول الخمس الكبرى، زائد المانيا مع ايران، على ان يكون هذا الاجتماع في تشرين الاول المقبل من اجل استئناف المفاوضات حول الملف النووي الايراني، قبل ان تعلن منسقة الشؤون الاوروبية كاترين آشتون ان اجتماعا سيعقد الاسبوع المقبل. وفي الاجتماعات السابقة لهذه المجموعة كان ثمة حرص ايراني على محاولة ادخال مواضيع اقليمية اخرى على طاولة البحث من اجل المقايضة او المساومة مع الملف النووي الايراني، وهو الامر الذي كانت ترفضه الولايات المتحدة، ومعها الدول الغربية كليا. وهذا كان يبدو مناسبا تماما في الظروف السابقة، في حين ان التساؤل المقلق في هذا الاطار بات يتصل بما اذا كان هناك ايجابيات في حصر التفاوض بالملف النووي دون سواه ام لا. والواقع ان نموذج الاتفاق الاميركي الروسي حول الاسلحة الكيميائية السورية دون سائر الملف السوري لم يترك ارتياحا لدى الدول الاقليمية الحليفة للولايات المتحدة، خشية ان تكون الدول الكبرى اخذت ما ترغب فيه وما يطمئنها، في مقابل ترك النار مشتعلة في المنطقة، وفق ما بدا حتى الآن وفي حال لم تنجح المساعي من اجل انعقاد جنيف - 2 في المدى المنظور. ومعلوم ان انسحاب هذا المبدأ على الملف النووي الايراني في اجتماع الدول الخمس الكبرى زائد المانيا مع ايران، وفي حال تجاوبت هذه الاخيرة، يعني ان الدول الغربية ستأخذ ما تريده في هذا الشأن، في حين ان ايران تشكل ليس فقط بملفها النووي، بل ايضا بطموحاتها في المنطقة وامتدادتها، قلقا اكبر للدول العربية، وهناك اشكالية كبرى تواجهها دول المنطقة
في هذا الاطار. ومن هنا يبقى التساؤل عما اذا كان الوصول الى حلول في الملف النووي سيسهل الوصول الى اتفاقات حول المسائل العالقة في المنطقة، او يعقدها.
وتقول المصادر المعنية ان الدول الكبرى لا تزال على المبدأ نفسه، اي عزل الملف النووي الايراني عن المساومات على مسائل اخرى في المنطقة، علما ان الامور تبدو متسارعة ومفتوحة على آفاق مختلفة عن السابق، اقله ظاهرا حتى الآن. لكن هناك تطلعا الى ان يكون مؤتمر جنيف - 2 المكان المناسب للبحث في موضوع سوريا، ويتوقع لهذه المعالجة متى طرحت ان يكون لها تداعيات من العراق الى لبنان باعتبارها تتعلق بالنفوذ والمصالح وتحديدهما.