الرئيسة \  واحة اللقاء  \  روسيا أو "داعش"

روسيا أو "داعش"

18.10.2015
سميح صعب



النهار
السبت 17/10/2015
لا يزال الارباك سمة الغرب في التعامل مع الدور العسكري الروسي في سوريا. الرئيس الأميركي باراك أوباما نسي أدبيات حربه المعلنة على "داعش" وبات ينتظر كيف سيتورط الروس في ما تورط فيه السوفيات في أفغانستان ولا يرى أن التدخل العسكري الروسي يعني أن الكرملين قادر على دور قيادي في سوريا ويقول لمنتقديه، انظروا الى الروس كيف سيتورطون في مكان رفضت أن أورط الولايات المتحدة فيه.
وينصب كل الاهتمام الاميركي الآن على احباط العملية العسكرية الروسية من خلال زيادة الدعم للمعارضة "المعتدلة" بأسلحة تمتص الهجوم الروسي، وتجعله مطابقاً لنبوءة أوباما منذ اليوم الأول للحشد الروسي ان مهمة موسكو في سوريا "محكوم عليها بالفشل". وليس مصادفة ان ترفض أميركا اجراء تنسيق عسكري مع روسيا في سوريا وان تكتفي بمحادثات فنية لمنع "التصادم" في الجو السوري.
أما في ما عدا ذلك، فإن واشنطن لا تتمنى الآن سوى دخول موسكو في ورطة عسكرية، أكثر مما تتمنى أن تهزم "داعش" أو "القاعدة" في سوريا. وليس مستغرباً أن تنتقل الاستراتيجية الاميركية في سوريا الآن من شعار "تقويض داعش ثم تدميره" الى استراتيجية جديدة قائمة على توريط روسيا في المستنقع السوري تمهيداً لاضعافها وجعل الرئيس فلاديمير بوتين يدرك استحالة اعادة احياء دور الدولة العظمى المساوية في مكانتها لمكانة الولايات المتحدة.
وفي سبيل تحقيق هذه الاستراتيجية لن تتوانى أميركا عن التحالف مع أية قوّة في سوريا تتلاقى أهدافها مع أهداف واشنطن في الحاق الهزيمة بالروس. وليس ضرباً من الخيال ان تذهب أميركا مجدداً الى التحالف مع الجهاديين في سوريا من اجل اسقاط روسيا في تكرار لسيناريو التحالف الاميركي – الجهادي في أفغانستان الذي أدى الى هزيمة السوفيات في افغانستان ومن ثم زوال الاتحاد السوفياتي في ما بعد.
مثل هذا الخيار الاميركي سيكون انتحارياً بالنسبة الى اميركا قبل روسيا. لذا فان الأفضل للولايات المتحدة ان تقبل بالمعادلة الجيوسياسية الجديدة التي فرضها الدور المتصاعد لروسيا في سوريا أو في أنحاء أخرى من العالم وخصوصاً في أوروبا. وربما كان هذا الخيار أفضل لأميركا وللعالم من خيار التركيز على كيفية هزيمة روسيا وإثبات كون دورها محكوماً عليه بالفشل، وكأن الدور الاميركي منذ خمسة أعوام في سوريا كان يسير من نجاح الى نجاح ولم يتسبب بتدمير هذا البلد وجعل الجهاديين يسيطرون على أكثر من ثلاثة أرباعه باسم الاصلاح والديموقراطية والتخلص من الديكتاتورية.