الرئيسة \  واحة اللقاء  \  روسيا القوية تغيّر الحسابات الإسرائيلية

روسيا القوية تغيّر الحسابات الإسرائيلية

21.09.2013
رندى حيدر


النهار
الجمعة 20/9/2013
شكّل الاتفاق الأميركي – الروسي في شأن تجريد سوريا من ترسانة الأسلحة الكيميائية نقطة تحوّل مهمة ليس فقط في طريقة تعامل إسرائيل مع ملف الحرب الأهلية في سوريا، بل في مستقبل علاقاتها مع روسيا التي عادت لاعباً أساسياً في المنطقة.
لقد حاولت إسرائيل الايحاء خلال المفاوضات التي دارت في جنيف بأنها على علم بما يجري وأن حلفاءها الأميركيين يطلعونها على كل المستجدات. لكن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، عقب التوصل الى الاتفاق، خصيصاً لإسرائيل وعقده اجتماعاً مغلقاً مع نتنياهو استمر ثلاث ساعات لإيضاح تفاصيل الاتفاق أوحى بالعكس. وفي كل الاحوال، كانت المواقف والتصريحات الرسمية التي عبّرت عن ارتياح اسرائيل الى قرار نزع الأسلحة الكيميائية السورية قليلة ومختصرة، ولم تستطع أن تزيل الانطباع الإسرائيلي العام أن تراجع الرئيس أوباما عن هجومه العسكري على سوريا، وقبوله السريع نسبيا بالمبادرة الروسية، كانا بمثابة انجاز للديبلوماسية الروسية في الدرجة الأولى قوّى موقع نظام الرئيس الأسد، على حساب مكانة الولايات المتحدة في المنطقة في نظر حلفائها وخصومها في آن واحد.
لا جدال في أن تخلي سوريا عن ترسانتها الكيميائية يصب في المصلحة الاسرائيلية ويزيل المخاوف الكبيرة التي يثيرها في اسرائيل انتقال هذه الأسلحة الى يد "حزب الله" مثلاً، أو تنظيمات جهادية غير مسؤولة، لذا فهو يشكل نقطة إيجابية. ولكن بعد العودة القوية للدور الروسي في حماية نظام الأسد، ليس واضحاً اليوم على سبيل المثال كيف سينعكس ذلك على قدرة اسرائيل مستقبلاً على تطبيق خطوطها الحمر في شأن منع انتقال السلاح المتطور من سوريا الى "حزب الله"، وحقها في القيام بعمليات عسكرية رادعة داخل الأراضي السورية. وفي الحقيقة أنه منذ الغارتين الاسرائيليتين في ايار قرب دمشق، والغارة الغامضة على مخازن لصواريخ "ياخونت" قرب اللاذقية، لم تقدم اسرائيل على أي عمل عسكري ضد سوريا بسبب التهديدات السورية بتزويد سوريا بصواريخ متطورة ودقيقة. واليوم بعدما نجحت روسيا في لجم الهجوم الاميركي على سوريا، باتت قدرة الردع الروسية أكبر بكثير، وبات على إسرائيل أن تأخذها أكبر في حسابها. ويتساءل الاسرائيليون هل يبقى النفوذ الروسي ضمن هذا الاطار أم يتمدد ليشمل قضايا أخرى مثل ملف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين ومشكلة السلاح النووي الايراني؟
الخلاصة الأساسية التي يستنتجها اليمين الاسرائيلي من تراجع مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى لمصلحة روسيا في المنطقة، هي أن على إدارة أوباما أيضاً أن تتوقف عن الاضطلاع بدور الشرطي لحل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، وأن توقف ضغوطها على إسرائيل لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية.