الرئيسة \  واحة اللقاء  \  روسيا بوتين تخلف أميركا بوش

روسيا بوتين تخلف أميركا بوش

04.03.2014
باتر محمد علي وردم


الدستور
الاثنين 3/3/2014
في كل فترة من التاريخ تظهر قوة سياسية-عسكرية ذات طبيعة عدوانية تسعى للتوسع في مصالحها وبناء تحالفات إقليمية ودولية لإحداث تأثير على مستوى العالم يجعلها قوة عظمى ولكن بغياب الحد الأدنى من المبادئ والقيم. في عصرنا الحديث، وبخاصة في القرن الحادي والعشرين ظهرت عدوانية المحافظين الجدد في الولايات المتحدة بقيادة جورج بوش ما بين العامين 2001-2008 والتي تسببت في حربين في أفغانستان والعراق والتدخل في شؤون معظم دول العالم وكذلك استخدام كافة وسائل الدعم لأنظمة مارقة مثل إسرائيل في اعتدائها اليومي على الشعب الفلسطيني والحرب على لبنان وغيرها.
بعد سقوط جورج بوش وظهور باراك أوباما لا يمكن أن ينطر بأن العدوانية الأميركية قد تراجعت بشدة، حيث كان أوباما عند وعده في سحب القوات الأميركية من أفغانستان والعراق وإن بقي يدعم إسرائيل كما هي طبيعة السياسة الأميركية ولكن ليس بنفس الحدة العدوانية مثل بوش وفريقه. بالرغم من أن ظهور أوباما قد أسهم في تخفيف التوتر في الساحات السياسية الدولية وأسهم ايضا في “تسهيل” مهمة الكثير من الثورات العربية التي كان يمكن لرئيس أميركي آخر مثل جورج بوش أن يدعم الأنظمة البوليسية في قمعها فإن هنالك دولة أخرى ظهرت لتلعب نفس الدور العدواني البعيد عن القيم والمبادئ.
روسيا فلاديمير بوتين تشعر بالكثير من الغرور السياسي والاقتصادي وتؤمن بأن الوقت قد حان لها لتعود قوة مؤثرة وعظمى في السياسة الدولية. بالطبع مثل هذا التوجه هو من حق اية دولة تتمتع بالقدرات والبنية التحتية المطلوبة لذلك ولكن هذا التمدد الروسي واستعراض العضلات يأتي على حساب حقوق الشعوب في الحرية وذلك بطريقة أوضح من سياسة الاتحاد السوفييتي السابق في دعم حريات الشعوب التي تناهض الغرب وسحث تطلعات الشعوب التي لا تريد الشيوعية (هنغاريا والتشيك في الخمسينيات والستينيات).
موقف روسيا بوتين الداعم لنظام الأسد منحه الذريعة والغطاء السياسي لتدمير المدن على رؤوس ابناء شعبه والاستمرار في القمع والعدوان وبشكل يشبه تماما دعم بوش المستمر لإسرائيل. استخدام الفيتو بهذا الأسلوب غير الأخلاقي في مجلس الأمن أسهم بشكل كبير في معاناة الشعب السوري طوال 3 سنوات من الجحيم الذي صنعه النظام السوري وشاركته في ذلك بعد فترة تنظيمات الجهادية السلفية. بنفس الموقف الذي يرفض حقوق الشعوب في التغيير تبدو روسيا بوتين اليوم على أهبة التدخل العسكري في أوكرانيا وتحت ذريعة الحفاظ على مصالح روسيا بهدف استعادة النظام الحليف لها من موجة الغضب الشعبي التي أطاحت به قبل ايام.
كما تدخلت عسكريا في جورجيا لن تسكت روسيا بوتين على تهديد مصالحها في أوكرانيا التي تشكل المدى الاستراتيجي لروسيا مقابل الاتحاد الأوروبي ولكن هذا الطموح السياسي قد يتسبب بنتائج بشعة سيدفع الشعب الأوكراني ثمنها الأكبر في حرب بالوكالة مع الغرب تماما كما يحدث في سوريا.
في معظم مصائب العالم حاليا، فتش عن يد روسيا بوتين كما كانت يد أميركا بوش في العقد الماضي.
batirw@yahoo.com