الرئيسة \  واحة اللقاء  \  روسيا تلوّح بتغيير قواعد اللعبة في الشمال السوري 

روسيا تلوّح بتغيير قواعد اللعبة في الشمال السوري 

13.06.2021
العربي الجديد


العربي الجديد 
السبت 12/6/2021 
دمشق - تشهد محافظة إدلب شمال غرب سوريا تصعيدا خطيرا، من قبل الجيش السوري، بلغ ذروته الخميس بمقتل عدد من عناصر هيئة تحرير الشام وبينهم المتحدث باسمها. 
ويرى مراقبون أن التصعيد الذي بدأ التمهيد له منذ نحو أسبوع لا يخلو من خلفيات سياسية، على ضوء التوتر المكتوم بين تركيا وروسيا، حول جملة من الملفات. 
ويشير المراقبون إلى أن ما يحدث في إدلب هو بمثابة رسالة روسية إلى أنقرة بإمكانية السير في اتجاه تغيير قواعد اللعبة في الشمال السوري الذي يمثل حديقة تركيا الخلفية وتسعى الأخيرة للحفاظ على تواجدها هناك سواء عبر قواتها أو من خلال الفصائل التي تدين لها بالولاء مثل هيئة تحرير الشام. 
وقتل 12 شخصا، بينهم عناصر من هيئة تحرير الشام، الخميس جراء قصف صاروخي لقوات الجيش، وفق حصيلة جديدة أوردها المرصد السوري لحقوق الانسان، رغم وقف لإطلاق النار مستمر منذ أكثر من عام. 
وقال المرصد السوري إن المنطقة الواقعة في جنوب إدلب تتعرض منذ خمسة أيام، لقصف متكرر من القوات الحكومية، يتزامن مع غارات تشنها طائرات روسية. 
واستهدف الجيش السوري بصاروخ موجّه، بحسب المرصد، سيارة كانت متوقفة قرب منزل في بلدة إبلين في ريف إدلب الجنوبي. ولدى وصول مقاتلين من هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل أخرى إلى المكان، جرى استهدافهم بصاروخ موجّه آخر، ما تسبّب بمقتل 12 شخصا على الأقل، إضافة إلى جرحى في حالات خطرة. 
موسكو لديها هواجس حيال أنقرة، وما يمكن أن تقدم عليه في مقابل نيل رضاء الإدارة الأميركية بقيادة جو بايدن  
والقتلى هم أربعدة مدنيين، رجل وأم وطفلان، إضافة إلى ثمانية مقاتلين من هيئة تحرير الشام وفصيل متحالف معها. 
وأكدت هيئة تحرير الشام في تصريح مقتضب عبر إحدى مجموعاتها على تطبيق واتساب مقتل المتحدث العسكري باسمها أبوخالد الشامي، وعضوين في مكتب العلاقات الإعلامية التابع لها. 
وقال إبراهيم هرموش، أحد شهود العيان “استيقظنا صباحاً على صوت قصف طال منزل جارنا.. تجمّعت الناس لتسعف الجرحى.. وسقط الصاروخ الثاني”. 
وتسيطر هيئة تحرير الشام وفصائل مقاتلة أقل نفوذاً على نحو نصف مساحة محافظة إدلب ومناطق محدودة محاذية لها من محافظات حلب وحماة واللاذقية. ويقطن في تلك المنطقة نحو ثلاثة ملايين شخص نصفهم من النازحين. 
ويسري منذ السادس من مارس 2020 وقف لإطلاق النار في إدلب ومحيطها أعلنته موسكو الداعمة لدمشق وأنقرة الداعمة للفصائل الجهادية عقب هجوم واسع شنّته القوات السورية بدعم روسي على مدى ثلاثة أشهر، ودفع بنحو مليون شخص إلى النزوح من منازلهم، وفق الأمم المتحدة. 
وشهدت العلاقات الروسية التركية توترا في الأشهر الأخيرة لأسباب عديدة بينها توجه أنقرة لتعزيز علاقاتها مع أوكرانيا، والتدخل في شؤون شبه جزيرة القرم التي كانت اقتطعتها موسكو في خطوة أثارت غضب المجتمع الدولي. 
وعمدت روسيا في الفترة الماضية إلى نخز أنقرة لدفعها إلى إعادة النظر في توجهاتها، ومن بين الخطوات التي أقدمت عليها موسكو في هذا الاتجاه تعليق الرحلات إلى تركيا. 
ويقول المتابعون إن لدى موسكو هواجس متنامية حيال تصرفات أنقرة، وما يمكن أن تقدم عليه في مقابل نيل رضاء الإدارة الأميركية بقيادة جو بايدن، غير مستبعدة أن تتبنى تركيا خيارات تمس بمصالح روسيا في سوريا. 
وقد أبدت أنقرة مؤخرا رغبة في تعزيز التعاون مع واشنطن في سوريا من بوابة المساعدات والمنافذ الحدودية. 
ويلفت المتابعون إلى أن التصعيد الجاري في إدلب، لا يعدو كونه رسالة لتركيا، مستبعدين أن يكون الغرض منه شنّ عملية عسكرية واسعة تستهدف استعادة دمشق السيطرة على المناطق الخارجة عن سيطرتها. 
ولا يزال وقف إطلاق النار صامداً إلى حد كبير، رغم خروقات متكررة يتضمنها قصف جوي روسي. إلا أن المحافظة لم تشهد سوى عمليات قصف محدودة أوقعت ما يفوق السبعة قتلى، آخرها في بداية العام الحالي حين قتل 11 عنصراً من أحد الفصائل برصاص قوات النظام. كما قتل ثمانية مدنيين في مارس الماضي في قصف شنته قوات النظام وطال مستشفى في مدينة الأتارب. 
وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعاً دامياً تسبّب بمقتل نحو نصف مليون شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية والقطاعات المنتجة وأدى إلى نزوح وتشريد الملايين من السكان داخل البلاد وخارجها.