الرئيسة \  واحة اللقاء  \  روسيا صديقة.. ولكن !

روسيا صديقة.. ولكن !

06.10.2015
صالح القلاب



الرأي الاردنية
الاثنين  5/10/2015
الا يُعني تحالف روسيا مع إيران ومع نظام بشار الأسد والنظام العراقي المتأرجح بين السيد علي السيستاني وتوجهاته الإيجابية وبين ذوي الرؤوس الحامية في طهران وأيضاً مع حزب الله اللبناني أن هناك استقطاباً واضحاً ضد الأكثرية الإسلامية والأكثرية العربية وهذا في حقيقة الأمر قد يبدو مستغرباً من قبل دولة الاتحاد الروسي لكنه غير مستغرب من الذين يتنفسون مذهبية وطائفية والذين بتصرفاتهم الطائشة وبخاصة في سوريا والعراق قد ادخلوا هذه المنطقة في هذا النفق المظلم واشغلوها عما يجري فلسطين حيث وجد بنيامين نتنياهو أنَّ الفرصة غدت سانحة ليستفرد بالشعب الفلسطيني على هذا النحو وبطريقة تشكل نسخة القرن الحادي والعشرين من الأفعال النازية.
في العادة هناك توافق بين العرب على مختلف مشاربهم ورغم بعض تعارضاتهم السياسية على أن روسيا دولة صديقة تقف باستمرار إلى جانب القضايا العربية وبخاصة قضية فلسطين وحقيقة أن هذا كان هو واقع الحال في عهد الاتحاد السوفياتي وحيث كان هناك صراع المعسكرات وكانت الحرب الباردة وكانت بعض الدول العربية تقف مع المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في حين أن دولاً عربية أخرى كانت تساند المعسكر الشرقي وتقف معه بتأييد ودعم تيارٍ شعبيٍّ عامٍ متلائم مع التوجهات اليسارية والقومية التي شهدت نهوضاً كبيراً في خمسينات وستينات القرن الماضي.
إن هذه حقائق مستمرة رغم مشكلة الغزو السوفياتي لأفغانستان ورغم تقلبات السنوات الأخيرة قبل انهيار الإمبراطورية السوفياتية وبعد ذلك وإنَّ في مقدمة هذه الحقائق أن الوجدان العربي انتقل من مساندة وتأييد موسكو الشيوعية إلى تأييد روسيا الجديدة والسبب أن العرب كانوا ولا زالوا يعتبرون, وهو اعتبار صادق وصحيح, أن المشكلة تكْمُن في (سايكس – بيكو) وفي تأييد الغرب المتفوِّق لإقامة إسرائيل في فلسطين وفي انحيازه المستمر ودائماً وأبداً ضد القضايا العربية سابقاً ولاحقاً وحتى الآن.. حتى هذه اللحظة.
لكن ما يجب قوله للأصدقاء الروس, ونحن نلمس كل هذه المتغيرات الخطيرة الأخيرة في المواقف الرسمية لدولتهم تجاه الأزمة: أو المشكلة أو المأساة السورية التي تؤرق العرب كلهم وتؤرق معهم غالبية إسلامية يشمل مجالها الحيوي العالم بأسره ومن ضمنه بالتأكيد روسيا الاتحادية, هو أنه لا مصلحة لروسيا (الصديقة) وعلى الإطلاق في أن تشارك في حلفٍ تقوده إيران وتغلب عليه السمة المذهبية "الفاقعة" وأحد أهم أهدافه المعلنة وعلى رؤوس الأشهاد الحفاظ على بشار الأسد ونظامه خلافاً لإرادة الشعب السوري ورغم كل التضحيات التي قدَّمها هذا الشعب سابقاً.. ولاحقاً خلال السنوات الخمس الأخيرة.
إنه لا اعتراض إطلاقاً على أن يكون لروسيا حضوراً فاعلاً في كل قضايا الشرق الأوسط وفي مقدمتها, بعد القضية الفلسطينية, هذه الأزمة السورية التي غدت بمثابة قنبلة موقوتة تهدد هذه المنطقة والشرق الأوسط كله فروسيا دولة متاخمة لهذه المنطقة تؤثر فيها وتتأثر بكل ما يجري بها سلباً وإيجاباً.. وحقيقة أنها, أي روسيا, بناءً على هذا العامل وعوامل أخرى كثيرة أولى بالتعاطي مع أوضاع الشرق الأوسط من كل الذين يمدون أيديهم من وراء بحور الظلمات.. والمقصود هنا بالتحديد هو الولايات المتحدة الأميركية.
إننا نعرف كل هذه الحقائق وندركها لكننا وفي الوقت ذاته نعرف إنه ليس من مصلحة روسيا والشعب الروسي وليس من مصلحتنا في هذه المنطقة وفي الشرق الأوسط أن تتكرر المأساة الأفغانية في "الجمهورية العربية السورية" وأنْ يشعر العرب والمسلمون بأن هذه الدولة الصديقة تدعم حاكماً ظالماً ومستبداً ضد شعبه وأنها تضع نفسها في تحالف بِسمَةٍ مذهبية وطائفية معادية للأغلبية "السنية" في سوريا وفي الأمتين العربية والإسلامية.. وهنا فإن الخوف كل الخوف هو أن ينعكس هذا كله على الأوضاع الداخلية الروسية.
إن من حق روسيا أن تستهدف "داعش" وذلك لأنه سيستهدفها لاحقاً لا محالة وإنْ عاجلاً أو آجلاً لكن ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو أن إضعاف المعارضة السورية (المعتدلة) سيقوي هذا التنظيم الإرهابي وهو أن الإبقاء على بشار الأسد ونظامه سيحول سوريا إلى مستنقع للعنف والاقتتال والتذابح وهو أن الاصطفاف إلى جانب إيران وأتباعها في حلف بغداد الجديد سيعمق الصدام المذهبي والطائفي في هذه المنطقة وسيدفع الأغلبية "السنية" دفعاً إلى استقطاب مضادٍ لهذا الاستقطاب الذي تقوده طهران.